“اليوم السابع” المصري يحاور سفير أرمينيا لدى القاهرة

سفير أرمينيا لدى القاهرة: نرحب بمبادرة المصريين للاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن فى عصر القيصرية العثمانية.. أنوشكا وإيمان ونيللى ولبلبة وبقية الجالية الأرمينية لعبوا دور الجسر الذى يربط أرمينيا ومصر..

أكد الدكتور أرمين ملكونيان، سفير جمهورية أرمينيا لدى القاهرة، أن المصريين هم الوحيدون القادرون على تحديد مصيرهم، وقال ان مصر تواجهها بعض الصعوبات والتحديات المعينة فى المرحلة الانتقالية الحالية، لكن فى المقابل فإن مصر لها قدرة كافية للتغلب عليها كلها وذلك عن طريق الحوار بمشاركة كافة القوات السياسية والفئات الاجتماعية وبرفض العنف قطعيا.

وقال ملكونيان فى حوار مع “اليوم السابع”، إن رسالته للمصريين هى: أن كل الصعوبات مؤقتة ويمكن التغلب عليها عند وجود الإرادة الشعبية الموحدة، مشيرا فى الوقت ذاته إلى العلاقات الجيدة التى تربط بلاده بمصر، وقال إن الجالية الأرمينية تلعب اليوم دور الجسر الذى يربط أرمينيا ومصر معاً.

وإلى نص الحوار..

فى 21 سبتمبر احتفلت أرمينيا بعيدها الوطني، ما هي رسالتكم لمصر والمصريين فى هذا اليوم؟

نحتفل فى هذه الأيام بمرور 22 عاما من استقلال جمهورية أرمينيا.. ومسيرتنا إلى الاستقلال لم يكن من السهل، فنحن نقوم بصياغة حاضرنا ومستقبلنا وفى نفس الوقت لا ننسى الدروس التى أخذناها من التاريخ.. فالكثير قد تم إنجازه بالفعل.. وخلال فترة قصيرة سجلنا نتائج ايجابية ملموسة سواء فى التنمية الاقتصادية أو بناء مجتمع مدنى أو تشكيل مؤسسات ديمقراطية للدولة. ولا يزال أمامنا تحديات لابد أن نتغلب عليها من أجل إنشاء بلد مزدهر وأمن الذى سيكون قادر بتوفير حياة كريمة وطيبة لكل مواطنه، ويرجح أن تكون رسالتي فى هذا اليوم إلى أصدقائي المصريين أن كل الصعوبات مؤقتة ويمكن التغلب عليها عند وجود الإرادة الشعبية الموحدة.

كيف تقيمون العلاقات السياسية بين مصر وأرمينيا خاصة بعد ثورة 30 يونيو؟ 

العلاقات السياسية بين أرمينيا ومصر كانت دائما ممتازة وودية لأنها مؤسسة على الروابط التاريخية والتقليدية المتينة بين شعبيهما، ويوجد حوار سياسى بين بلدينا على مستوى عالٍ ويجرى فى جو من التام التفاهم المتبادل والبناء، بالإضافة إلى التعاون النشيط والمثمر فى إطار المنظمات الدولية، ونحن مستعدون لتوسيع هذا الحوار والتعاون السياسى فى المرحلة القادمة، وأعتقد بأن ستكون فى المستقبل أكثر فرص لتنسيق المواقف حول القضايا الدولية والإقليمية ذات الأهمية المشتركة.

كيف تنظر أرمينيا لما حدث فى مصر بعد 30 يونيو، هل هى ثورة شعبية أم انقلاب كما يردد البعض؟ 

يتابعون فى أرمينيا، سواء على المستوى الحكومي أو الشعبي، بانتباه كبير سير مصر على طريق التغيرات الديمقراطية وخاصة التطورات بعد 30 يونيو. ومن المعروف أن مصر تواجهها بعض الصعوبات والتحديات المعينة فى المرحلة الانتقالية الحالية، ولكن أنا متأكد من أن مصر لها قدرة كافية للتغلب عليها كلها وذلك عن طريق الحوار بمشاركة كافة القوات السياسية والفئات الاجتماعية وبرفض العنف قطعيا. وأعتقد أن الشعب المصرى هو الوحيد الذى يجب أن يقرر مستقبله وذلك حسب طموحات وأهداف أبنائه. وفيما يخص طبيعة أحداث 30 يونيو فأعتقد أن لا أحد يمكن أن يحددها أحسن من المصريين أنفسهم. وأهم شىء هنا هى كيف يدرك المصريون أنفسهم تلك الأحداث وليست تقيم الخارج.

متى ستعود اللجان المشتركة بين الدولتين للاجتماع مرة أخرى بعد فترة توقف طويلة؟ 

الجلسة الخامسة للجنة الحكومية المشتركة كانت مخططة عقدها فى نصف الأول لعام 2011 فى أرمينيا، لكن تم تأجيلها نتيجة للأوضاع فى مصر بعد ثورة 25 يناير. وأستطيع أن أؤكد أن الجانب الأرمينى مستعد لإعادة نشاطات اللجنة واستضافة جلستها التالية فى أى وقت مناسب للجانب المصرى. وأعتقد أن إعادة جلسات للجنة الحكومية المشتركة ستعطى دفعة جديدة للتعاون بين البلدين ذات الأهمية الثنائية. وأعتقد أن هناك إمكانيات كبيرة للتعاون المفيد بالأخص فى مجال تكنولوجيا المعلومات والأدوية والزراعة والمأكولات والسياحة وقطاعات البناء والتشييد.

ما هو حجم التبادل التجارى بين البلدين؟ وهل أنت راض عن هذا المستوى؟ 

للأسف، لم يتم حتى الآن استخدام القوة الداخلية الكامنة فى مجال التعاون التجارى والاقتصادى بيننا. ولا يزال حجم التبادل التجارى السنوى بين البلدين لا يتجاوز عدة ملايين من الدولارات. ولكن هناك أمل أن نشاهد قريبا نموا ملموسا لتلك الأرقام، لأن هناك زيادة فى الاهتمام ببعض المنتجات المصرية فى أرمينيا وعلى العكس.

كيف ترى الوجود الأرمينդ فى مصر خاصة تأثير وجود الجالية الأرمينية مع دعم العلاقات بين البلدين؟

إن الجالية الأرمينية فى مصر لديها تاريخ يمتد منذ قرون طويلة. واندمج الأرمن فى المجتمع المحلى، وجلبوا مساهمتهم الملموسة فى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية مع الحفاظ على هويتهم القومية وحضارتهم الخاصة فى نفس الوقت. وفى الواقع للأرمن شخصيات شهيرة فى مصر، ويكفى أن نذكر أول رئيس الوزراء ووزير الخارجية نوبار باشا ووزير التربية يعقوب أرتين باشا والرسام الكاريكاتير آلكسندر صاروخان والمغنية أنوشكا، والممثلات إيمان ونيللى ولبلبة. وحتى فى ظروف الإمكانيات المحدودة فى عهد الاتحاد السوفيتى بذلت الجالية الأرمينية جهوداً للحفاظ على علاقات نشيطة مع أرمينيا السوفيتية. أما بعد استقلال أرمينيا فى عام 1991 أصبحت لها مزيداً من الفرص فى ذلك. وتلعب اليوم الجالية الأرمينية دور الجسر الذى يربط أرمينيا ومصر معاً. ولديها مساهمة كبيرة فى تطوير التعاون التجارى والثقافى والتعليمى بين بلدينا وشعبينا، وكذلك فى تعزيز علاقات الصداقة الحارة والمخلصة بيننا.

كيف تقيم مواقف دول مثل تركيا لما حدث فى مصر مؤخرا، وكيف استقبلت مطالب العديد من المصريين للقاهرة بضرورة الاعتراف بالإبادة الجماعية التى قامت بها للأرمن من خلال الحكومة العثمانية؟ 

اسمحو لي أن لا أعلق مواقف الدول الأخرى. فيما يخص بمطالب الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن فى القيصرية العثمانية فنرحب بأية مبادرة أو حركة فى ذلك الاتجاه. أن أرمينيا والشعب الأرميني يسعيان إلى الاعتراف الدولي بالإبادة الجماعية الأرمينية وكذلك إدانتها والقضاء على عواقبها. وذلك ليس مسألة إعادة العدالة أو الواجبة الأخلاقية تجاه 1,5 مليون ضحايا فحسب ولكن هى مسألة الأمن، حيث سيكون الأمن فى منطقتنا دائما معرضة للخطر فى حالة عدم ندم صريح من جانب تركيا واعترافها بالإبادة الجماعية، أما محاولات نفى الإبادة الجماعية فهى نوع من استمرار لتلك الإبادة.

وجدير بالذكر أن أكثر من عشرين برلماناً فى العالم أقر حتى الآن قرارات تعترف بالإبادة الجماعية الأرمينية وتندد بها. أضيف إلى ذلك بيانات ونداءات مجالس الولايات والمدن فى مختلف البلدان والمنظمات الدولية والمحلية حول الموضوع.

قبل فترة زرت البابا تواضروس الثانى، بدير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، فهل هناك اتجاه للتعاون بين الكنيستين الأرمينية والقبطية؟ 

كانت زيارة ودية وأشكر قداسة البابا تواضروس لضيافته الحارة ولإعطاء الفرصة الفريدة لى لاطلاع على دير وادى النطرون وآثارها الدينية والتاريخية. أما بالنسبة للتعاون بين الكنيستين الأرمينية والقبطية فيعود تاريخه إلى القرن الرابع وله أصولا عميقة وقوية جدا. وقدمت خلال اللقاء تحية قداسة الكاثوليكوس عموم الأرمن كاريكين الثانى، وهو رأس كنيسة الأرمن الأرثوذكس، لقداسة البابا ودعوته لزيارة أرمينيا. ورحب البابا بتلك الدعوة. وأعتقد ستشجع هذه الزيارة العلاقات المستمرة بين الكنيستين.

كيف تقيم الموقف المصري من النزاع حول إقليم كاراباخ، وهل من الممكن الوصول لحل هو هذا الإقليم؟

نقدر تقديراً عالياً الموقف المتزن لمصر اتجاه مسألة ناجورنو كاراباخ. أعتقد أن حل القضية مستحيل إلا بالوسائل السلمية. وأرمينيا ملتزمة بعملية السلام والمفاوضات تحت رعاية مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبى المبنية على أساس مبادئ القانون الدولى مثل عدم استخدام القوة أو التهديد بها، ومساواة حق الشعوب، وحق تقرير المصير ووحدة الأراضى. ولكن للأسف، ترفض أذربيجان بعناد قبول حق شعب ناجورنو كاراباخ فى تقرير مصيره وتستمر بممارسة الاستفزازات من تهديدات لحرب جديدة واستخدام القوة ضد ناغورنو كاراباخ وأرمينيا. وتمون إيرادات ضخمة من بيع موارد الطاقة إلى تسليح جيشها بشدة. وترفض أذربيجان كل الاقتراحات بحل سلمى وتعزيز وقف إطلاق النار وخلق جو من الثقة المتبادلة وتزرع بذور البغض والكراهية عند شعبها اتجاه الأرمن وأرمينيا.

حوار يوسف أيوب

اليوم السابع

Share This