الهوية الإسلامية أم الإنسانية؟

بعد تدمير مئات من المساجد والعشرات من الكنائس في سورية، وتهجير نصف مليون مسيحي (أرمني، سرياني، آشوري…) من قبل حركات سلفية جهادية وتكفيرية إجرامية تحت راية الإسلام، من حقنا ان نسأل ما هو المسوخ أو المستند الديني والعقلي والإنساني لتلك الاعمال الإرهابية المنظمة؟.

في احدى الصحف وتحت عنوان “فتاوي شرعية” ورداً على طلب توضيح ما جاء به الدين الإسلامي حول ما يسمى: “التسامح الديني” أو”التعايش الديني”، أجاب سماحة الشيخ الدكتور محمود عكام مفتي حلب ومستشار وزير الأوقاف موضحاً مبادىء الدين الإسلامي الحنيف كما يلي:

1- الأديان السماوية كلها تستقى من معين واحد.

2- الانبياء كلهم اخوة وعلى المسلمين أن يؤمنوا بهم جميعاَ (ابراهيم وموسى وعيسى…).

3- لا يمكن الإكراه على العقيدة، أبداَ (لا إكراه في الدين).

4- أماكن العبادة للديانات الإلهية محترمة يجب الدفاع عنها وحمايتها كحماية مساجد المسلمين.

5- اختلاف الناس في أديانهم لايؤدي إلى الإعتداء على بعضهم، بل التعاون على فعل الخير ومواجهة الشر، والفصل بينهم فيما يختلفون فيه، فالله وحده هو الذي يحكم بينهم يوم القيامة.

6- التفاضل بين الناس في الحياة بمقدار مايقدم أحدهم لنفسه ولمجتمعه وللإنسانية من خير وبر.

7- الإختلاف في الدين لايحول دون البر والصلة والضيافة والعلاقة الحسنة.

8- الناس مختلفون ديناَ يجادل بعضهم بعضاَ بالحسنى وفي حدود الأدب والحجة والإقناع ،ولا تجوز البذاءة مع المخالفين، ولا سب عقائدهم، ولو كانوا وثنين فضلاَ عن أن يكونوا أهل كتاب.

9- فإذا اعتدي على الأمة في عقيدتها وجب رد العدوان لحماية العقيدة.

   (أي الجهاد في الإسلام لرد العدوان والدفاع عن الدين، ليس لإجبار الآخرين على دخول الإسلام).

10- فإذا انتصرت الأمة على من اعتدى عليها في الدين أو أراد سلبها حريتها، فلا يجوز الانتقام منهم بإجبارهم على ترك دينهم او اضطهادهم في عقائدهم.

وأضاف سماحة الشيخ محمد عكام مفتي حلب: “هذه مبادى ديننا في التعايش المشترك بين أصحاب الديانات المختلفة، وها نحن أولاء اليوم، نذكر أنفسنا وإخواننا بهذه المبادى لتكون ورقة عمل وبرنامج حياة لنا، ولاسيما أن الأوضاع غدت تتطلب مثل هذا النداء، بعد ان عمت الفوضى الأرجاء، ودارت رحى العداوة وأنتجت دما سفوحا بغير حق، وخراباَ ليس له مستند ديني أو عقلي أو إنساني فلقد آن الأوان… وإنا لمدركون”.

ومنذ أيام شدد سماحته الشيخ عكام بأن” المواطن السوري سوري بغض النظر عن لونه وعرقه ودينه ومنصبه ولغته مشيراً إلى أن المسيحيين مواطنون وليسوا رعايا، وهم أخوة تراب ودماء وماء وأرض وسماء”.

إن النخبة من المسلمين تدرك بعمق ان المسيحيين مؤسسو الحضارة العربية قبل الإسلام وفي الإسلام، الا يمكن الإتفاق على خط أحمر بعدم التعرض للمسيحيين وذلك بإيجاد الفتاوي تحفظ الحقوق الإنسانية، وتحرم دم أي مدني بريء خارج أي تبرير ديني. أنه من الخطأ اختيار الهوية الإسلامية على حساب الهوية الإنسانية.

أين السلفيون الجهاديون والتكفيرون الإرهابيون من مبادى الدين الإسلامي الحنيف؟ مثل: “من أهلك نفساَ…” أو “إن هدم الكعبة حجراً حجراً…” إن الإسلام بريء من هذا العنف السياسي والإجتماعي والإرهاب المنظم المتفشي حالياَ تحت اسم الجهاد أو التكفير أو النضال… هؤلاء لا دين لهم ولا ناموس.

الحل هو بتوحيد الأجندة لقيام بثورة إصلاحية لفصل المؤسستين الدينية والدنيوية (المدنية) مثل ما حدثت في أوربا، ليعود مالله لله وما لقيصر لقيصر. وإلى حين تحقيق ذلك لابد أن تحرم كافة المرجعيات والمذاهب الإسلامية دم أي مدني بريء على قاعدة الحق الإنساني.

ليون زكي

Share This