خارطة طريق الى المجهول أو تكتيك لتأجيل جديد: اعتراف بالإبادة في عام 2015 ؟

تواجه الدول الكبرى جمود المصادقة على البروتوكولين بين أرمينيا وتركيا، وهي تبحث يائسة عن وسيلة لحفظ ماء الوجه للخروج من المأزق الحالي. فقد أنفقت فرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية الكثير من الوقت والجهد للخروج من “صفقة القرن” التي تم التفاوض عليها وتوقيعها ولكنها لم تصادق. أثناء كتابة هذا المقال، يكون رئيس أرمينيا ورئيس وزراء تركيا قد وصلا الى واشنطن بدعوة من الرئيس الأمريكي أوباما لبذل آخر محاولة لإنقاذ البروتوكولات أو على الأقل لخلق جو يوهم بإحراز تقدم في عملية المصالحة. فإن أدنى بادرة أو حتى وعد في تحسين العلاقات بين أرمينيا وتركيا أو في نزاع كاراباخ من شأنه أن يمنح أوباما ورقة التين المطلوبة لستر الوعد المكسور بشأن الإبادة الأرمنية.

وقريباً، سيكون واضحاً إن كان ضغط البيت الأبيض على أرمينيا وتركيا سيؤدي الى نتيجة ايجابية، مثل فتح الحدود الأرمينية-harustsaالتركية بشكل محدد قبل المصادقة على البروتوكولات. وقد ترك رئيس أذربيجان جانباً في قمة واشنطن عمداَ وذلك من أجل منعه من تقويض جهود الولايات المتحدة في الوساطة. وفي حال تعنت تركيا، فلن يبقى لدى الرئيس الأرميني خياراً سوى سحب التوقيع على البروتوكولات، ملقياً اللوم على تركيا لوضع شروط مسبقة وللمطالبة بتسليم أرتساخ الى أذربيجان.

وفي محاولة لكسر الجمود، أصدر توماس دي وال، كبار أعضاء مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، “موجز السياسة” في 9 نيسان، وذلك قبيل بدء قمة واشنطن. يقترح التقرير بعنوان “أرمينيا وتركيا: سد الفجوة” خمسة “مبادرات حسن نية” يجب أن تقوم بها تركيا من أجل أن تبقي المصالحة مع أرمينيا على قيد الحياة.

-فتح الحدود بين أرمينيا وتركيا للمسافرين لغير الأغراض التجارية؛

– فتح محدود لمنطقة بالقرب من الحدود الأرمينية-التركية، والتي تحتوي على مدينة “آني” من القرون الوسطى، وهي الآن داخل الأراضي التركية. وهذا من شأنه أن يسمح للسياح الأرمن بزيارة الموقع القديم.

-مبادرة تركية لفتح كامل ورقمنة الأرشيف العثمانية الذي يحتوي على الوثائق الرسمية العثمانية لأحداث 1915 حتى 1921.

– مبادرة الحكومة التركية لدعوة الأرمن في المهجر لزيارة المواقع الأثرية الأرمنية القديمة في الأناضول.

– فتح الطريق أمام الخطوط الجوية التركية بين اسطنبول ويريفان.

في المقابل، يقترح دي وال أن تتعهد أرمينيا “لإنهاء عزلة ناخيتشيفان حال فتح الحدود التركية الأرمنية”.

وبعد عرض الأفكار المذكورة أعلاه والبسيطة، يتحول دي وال إلى قضية الاعتراف بالإبادة الجماعية الأرمنية ويحاول التوصل الى حل طويل الأمد للجهود المتواصلة للوبي الأرمني في أمريكا التي تقيد الولايات المتحدة. ويسمي المواجهة في الكونغرس بشأن هذه المسألة بين الأرمن والأتراك بأنها “مساومة سياسية قذرة”.

وحسب رأي دي وال، فإن الوعد المكسور للرئيس أوباما بخصوص الإبادة الجماعية الأرمنية واستخدامه لمصطلح (المأساة العظمى) بالأرمنية كبديل عن الإبادة الجماعية هو “صيغة كريمة”.
وهنا ما يقترحه دي وال:

“من أجل الابتعاد عن هذه المعاناة السنوية، فمن المنطقي إعادة صياغة مفهوم القضية الأرمنية-التركية ضمن منظور أطول. إن مئوية المحرقة الأرمنية ستكون في غضون خمس سنوات في عام 2015 ، وتصاعد الجدل داخل تركيا حول “المسألة الأرمنية” سيعطي زخماً لهذا النهج. ففي عام 2015 – ما إذا شاء الأتراك أم أبوا- فإن العالم سيحتفل بالذكرى المئوية لمأساة الأرمن. ويمكن للرئيس أن يلقي كلمة في 24 نيسان 2010 ، حيث يشير إلى أن الاحتفالات بالذكرى المئوية الآن تبعد خمس سنوات ويتعهد بأنه إذا كان لا يزال في منصبه، فإنه سينضم الى تلك الاحتفالات (ربما حتى في يريفان)، ولكنه يعد أيضاً الأتراك بالقليل من السلام حتى ذلك الحين من خلال التأكيد على إيمانه في النقاش الداخلي في تركيا. يمكن لأوباما أن يقول: “نأمل الاحتفال بهذا التاريخ المأساوي مع أصدقائنا الأتراك، وليس بدونهم”، ويطمح إلى أن تكون حافزاً لتحقيق المصالحة الأرمنية التركية”.

إن ما يقترحه دي وال لهو مجرد حيلة لدفن قضية الإبادة الأرمنية لمدة خمس سنوات أخرى، في حين يخلق فسحة لالتقاط الأنفاس من أجل التصديق على البروتوكولات البائدة.

فالرئيس أوباما يحتاج الى دعم تلك الوعود التي قدمها وكسرها، قبل الوثوق به لاطلاق أية وعود جديدة. بالاضافة الى ذلك، ما هي الضمانات التي نملكها بأن يعاد انتخاب الرئيس لولاية ثانية، وحتى لو حصل ذلك، هل سيبقي على تعهده!

هاروت صاصونيان

16 نيسان 2010

Share This