دراسة تؤكد أن موقف مصر كان مشرفاً تجاه اللاجئين الأرمن عقب المذابح العثمانية ضدهم

أكد الدكتور محمد رفعت الإمام أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر بآداب دمنهور أن مصر دولة مركزية فى الشرق الأوسط، وهي دائما نصيرة للشعوب المظلومة سواء تاريخياً أو آنياً,والكل يعرف المواقف المشرفة لمصر شعباً وحكومات عندما استقبلوا اللاجئين الأرمن من المذابح وانقذوا الآلاف منهم، وصدرت فتوى شيخ الأزهر فى عام 1909 بإدانة المذابح.

وشدد الإمام على أنه في حال اعتراف مصر بها تكون قد أكملت دورها الإيجابى لصالح الأرمن الذين يُشكلون جزءاً لا يتجزأ من المنظومة المصرية، وكما أن تركيا تستخدم كل الوسائل لضرب مصر وآمالها,فى المقابل يجب على مصر أن تعترف بأن ما جرى للأرمن سواء فى الحقبة الحميدية أو الاتحادية يُمثل جريمة “إبادة جنس جماعية”.

جاء ذلك خلال دراسة أجراها الإمام بعنوان “المذابح الأرمينية 1894 – 1896: سياسة أم دين؟”والتي أشار فيها إلى أن القضية الأرمنية فى الدولة العثمانية قد ُولدت رسمياً بموجب المادة “61” من معاهدة برلين عام 1878 التى نصت على أن “يتعهد الباب العالى ، وبدون أى تأخير ، بإدخال التحسينات والإصلاحات التى تستلزمها المتطلبات المحلية فى الولايات التى يقطنها الأرمن ، وضمان أمنهم تجاه الچراكسة والأكراد ، كما يتعين على الباب العالى من حين لآخر أن يُحيط القوى الكبرى ـ التى ستقوم بالإشراف على تنفيذ الإصلاحات ـ علماً بأى أمر يتعلق بذلك”.

ويقول الإمام في دراسته: بيد أن الإدارة العثمانية لم تُنفذ ما وعدت به من »إصلاحات« للأرمن العثمانيين، وفى عين اللحظة، انشغلت أوروبا لاسيما الدول التى قبلت مراقبة تنفيذ المادة (61) بمصالحها الكبرى عن الاهتمام بالقضية الأرمنية. وفى ظل هذه الظـروف، انتهـج عدد ليس بالقليل من الأرمن العثمانيين الدروب غير الدبلوماسية بغية تنفيذ المادة (61) وحل قضيتهم,وتوّلد عن تصاعد الأزمة الأرمنية تدشين النظام العثمانى سياسة “المذابح” كآلية رسمية لمواجهة انتفاضات الأرمن وحل قضيتهم خلال الفترة من 1894 ـ 1896.
ورغم أن القضية الأرمنية كانت لا تعدو أن تكون مجرد مجموعة “إصلاحات إدارية” فى الولايات التى يسكنها الأرمن العثمانيون فى شرقى الأناضول ، فإن الغرب قد صوَّرها للرأى العام على أنها صراع الإسلام ضد المسيحية، ووصف المذابح التى نجمت عنها بأنها “دينية”. ليس هذا فحسب، بل لجأت أدبيات الغرب إلى تشويه الإسلام من خلال الربط بينه وبين اقتراف المذابح, حتي تكونت فى مخيلة الغرب صورة مفادها أن الإسلام الدموى قد فرض نفسه بالقوة والإرهاب على الأرمن المسالمين المغلوبين على أمرهم واضطرهم إلى التدين به.

وأوضح الإمام في دراسته أن مصطلح “مذابح” يُستخدم فى الدراسات التاريخية عبر العصور, وإذا نظرنا إلى عدد ضحايا مذابح 1894 – 1896 ، نجد أنهم فى أقل تقدير “100” ألف أرمني، وفى أكبر تقدير “150” ألف أرمني بخلاف الذين هاجروا وأصيبوا, وبالتالى مصطلح “مذابح ” هو الأدق فى توصيف ما جرى للأرمن إبان الحقبة الحميدية.

البلد

Share This