إردوغان يستحق وسام “صديق الفلسطينيين الزائف”

شهد العالم في الاسبوع الماضي عرضاً رائعاً لقائد حكومة لا يمكن لأي ممثل بارع في هوليوود أن يوازيه.

يستحق رئيس حكومة تركيا أوسكاراً في تقديم ذاته كمحب للخير ومدافع عن الفلسطينيين. من المؤكد أن الشعب في غزة يشعر بالظلم والحرمان ولكن إردوغان ليس منقذهم وفارسهم المدرّع!! لا يستطيع Israel flagالمرء أن يكون بطلاً لحقوق الانسان بأيدي ملطخة. هذه قمة في النفاق.

* كيف يمكن لتركيا أن تحاصر أرمينيا لمدة 17 عاماً، وتعطي لنفسها حق مطالبة اسرائيل بكسر الحصار عن غزة؟
* كيف يمكن لأردوغان أن يدين اسرائيل بالهجوم على الفلسطينيين، بينما تقوم طائرات تركية بتفجيرات منتظمة على شمال العراق (كردستان)، وتقتل وتشوه رجالاً ونساء وأطفالاً أبرياء؟
* كيف يمكن لرئيس وزراء تركيا أن يدين المعاملة السيئة لاسرائيل تجاه الفلسطينيين، بينما تحرم بلاده أساسيات حقوق العلويين والأرمن والسريان واليونان واليهود والأكراد؟
* كيف يمكن لتركيا أن تعارض احتلال فلسطين وكاراباخ (أرتساخ)، بينما تحتل هي شمال قبرص وغرب أرمينيا؟
* كيف يمكن لقادة تركيا اتهام اسرائيل والصين بارتكاب “إبادة” بينما هم ينكرون حقيقة الإبادة التي ارتكبتها تركيا تجاه 1.5 مليون أرمني؟
* كيف يمكن لتركيا أن تطالب بأن تكون بطلة القضية الفلسطينية وقائد العالم الاسلامي، بينما هي أقرب حليف عسكري لاسرائيل في الشرق الأوسط لأكثر من نصف قرن، وتسمح لطائرات اسرائيلية بالتدريبات في الأجواء التركية ضد البلاد العربية وايران؟
* كيف يمكن لسوريا والعراق وايران بالوثوق بتركيا، في حين تعرّض تركيا أمنهم القومي للخطر، بالسماح لأجهزة التنصت الاسرائيلية على طول الحدود لجمع الأنباء عن بلادهم؟
* كيف يمكن لأردوغان أن يكون حارساً لحقوق الانسان، بينما يتم اضطهاد صحفيين ومحامين ورجال دين ونشطاء في حقوق الانسان و حتى اغتيالهم في بلدهم ؟
* كيف يمكن لقادة تركيا أن يدعوا بأن اسرائيل هي “دولة إرهابية”، بينما يستمرون هم في تحالفهم العسكري مع الدولة العبرية واتفاقاتهم بمبالغ تصل الى بلايين الدولارات؟ فتزعم تركيا بأنها الى جانب البلاد العربية، بينما تتآمر مع اسرائيل لتؤذي أمنهم القومي!

تتشارك اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في تحمل مسؤولية سلوك تركيا الزائف، فقد قامتا بدعم وتغطية خروقات تركية في مجال حقوق الانسان والدفاع عنها، مثل إنكار الابادة الأرمنية، وكذلك في قمع وتصفية الأقلية الكردية. في السنوات الستين الماضية، قامت الولايات المتحدة وأعضاء الناتو بمنح بلايين الدولارات لتركيا كمساعدة عسكرية ومساعدات خارجية، حيث كان من العبث ترقب كسب ولاءها. كان ذلك خسارة كبيرة لمصادر الولايات المتحدة، حيث أن تركيا لم تسمح للقوات الأمريكية بعبور حدودها في بداية الحرب على العراق.

استغلت تركيا بدهاء هجوم اسرائيل الطائش على اسطول مساعدة غزة، وسعت في سد الفراغ الذي تركه التراخي غير المسؤول من قبل الدول العربية. إردوغان مذنب مثله مثل قادة اسرائيل بسبب قتل وجرح النشطاء. فقد شجعهم ضمنياً للإبحار الى غزة، وهو يعلم جيداً بوجود مواجهة دموية تعزز موقفه في البلاد وفي الخارج. أما الأخ الأصغر لتركيا، أذربيجان، فيستحق هو أيضاً على وسام للنفاق لإعلانه بياناً خجولاً يدين اسرائيل، بحيث يمكنه استئناف شراء الأسلحة وبيع النفط لتلك الدولة. فهناك الكثير للتضامن التركي-الأذري.

طبعاً، كانت حكومة اسرائيل تتظاهر عبر السنين كمنافقة مثل قادة تركيا. لم يظهر المسؤولون الاسرائيليون أي معارضة في دعم سياسة إنكار تركيا للإبادة الأرمنية، بينما كانوا يعارضون كل البيانات الصادرة لتعديل الهولوكوست. لكن اليوم، حين رفع أردوغان صوته ضد اسرائيل الى درجة الحمى، قفز الاسرائيليون باتجاه فرصة استخدام إمكانية الاعتراف بالابادة الأرمنية كسلاح ضد تركيا. ينبغي على الأرمن رفض انعدام إستقامة كهذا. لم تكن الحكومة الاسرائيلية مخلصة عندما أنكرت الابادة الأرمنية، وهي غير مخلاصة الآن في دعم اعترافها. من المعيب أن نقوم بألاعيب سياسية رخيصة تجاه قضية مريعة ومدمرة مثل الابادة. يجب على اسرائيل وغيرها أن تعترف بالابادة الأرمنية لسبب وحيد: لأنها الحقيقة المطلقة.

حتى الآن، تركيا تقوم بالأقوال وليس الأعمال تجاه القضية الفلسطينية. لم يذهب إردوغان أبعد من الخطابات ضد اسرائيل. لو كان صادقاً في الدفاع عن الفلسطينيين فينبغي أن يأخذ الخطوات التالية بعين الاعتبار:

*
1. إلغاء كافة الروابط والعقود العسكرية مع اسرائيل.
2. إبطال كافة الاتفاقات العسكرية والاستراتيجية المعلنة والسرية مع اسرائيل، بما فيها اتفاق المشاركة في الاستخبارات.
3. إغلاق سفارة تركيا في تل أبيب وسفارة اسرائيل في أنقرا.

وكنتيجة للمواجهة الدموية في الاسبوع المنصرم، انفجر جدل داخلي في تركيا عندما اتهم أردوغان اسرائيل في خرق إحدى “الوصايا العشرة”.

فبعد أن لفظ الوصية “لا تقتل” بالتركية، كرر الجملة بالانكليزية والعبرية ليتأكد أن اليهود فهموا كلماته تلك. ورداً على ذلك، أعلن رئيس حزب المعارضة كمال كيليجداروغلو أما الشعب التركي أن أردوغان قد خرق إثنين من الوصايا العشرة: “لا تسرق” و”لا تكذب”.

هاروت صاصونيان

رئيس تحرير “كاليفورنيا كوريير”

8 حزيران 2010

Share This