قصائد للشاعر الأرمني إكنا صاري أصلان

قصائد للشاعر الأرمني إكنا صاري أصلان

إكنا صاري أصلان

ولد الشاعر إكنا صاري أصلان (سارويان) في العام 1945 في استانبول. بعد تلقي تعليمه الأساسي تابع دراسته في المعهد الفرنسي في بلده وتخرَّج منه في العام 1963، ومن ثمَّ درس في كلية الطب وتخرَّج طبيباً في العام 1969، وتابع دراسته في الجامعة ذاتها وتخصَّص في الجراحة العامة.

له دراسات أدبيَّة وترجمات في الصحافة وكذلك العديد من اللقاءات مع شخصيات ذات شهرة عالميَّة في مجال الأدب والموسيقى. من دواوينه الشعرية نذكر:

– “لُو”، استانبول، 1974.

– “لون الحب”، استانبول، 1998.

إلى جانب دواوينه الشعرية له كتاب يخصّ تاريخ الأرمن في استانبول. مُثِّلت قصيدته الطويلة “غروب تودوري” مرَّات عديدة على المسرح. هو عضو جمعية “بن” العالميَّة للأدباء.

تُرجمت أعماله إلى العديد من لغات العالم، وحصل عدداً من الجوائز الشعريَّة والأدبيَّة.

صاري أصلان هو شاعر الحب بامتياز، شاعر رقيق الإحساس،

* * *

لقد أصبحنا شجرة الخلود

رأينا أنواع العذاب والإضطهاد والموت

ناضلنا

من أجل لقمة من الخبز

وحفنة من السعادة

عانينا كثيراً من الحنين والوحدة

والحب والليالي المُرِّقة

رأينا خيبات أمل،

أبحرنا ضد تيار القرون

أبحرنا مع تيار القرون

سحقتنا الأعاصير ومضت.

رأينا الحروب

والشهداء

بلَّلنا التراب البارد بدموعنا الحارة

رأينا الرعب

والجور

والبكاء والكآبة

تسلَّقنا أعالي الجبال الشامخة

فهوت الصخور التي التجأنا إليها

وهوينا ملطَّخين بالدماء

رأينا تامار- تلك البطلة البهية الباسلة

أسكرنا صوت الطبل

وبنَفَس المزمار تعالينا

رأينا الجروح والأنين واللهيب

احترقنا- أصبحنا طائر الفينيق- وبُعثنا من الموت

أصبحنا شمساً

وعند الغروب ظنُّوا بأننا متنا

ولكننا عند الفجر أشرقنا من جديد

أصبحنا ديراً قديماً

وضِعنا تحت الثلوج

وبعد ذوبان الثلوج ظهر بريقنا من جديد

أصبحنا أغنية أبدية

وكطير الكركي

حلَّقنا من الأفق إلى الأفق.

أصبحنا شجرة دائمة الخضرة

غرزنا جذورنا

في قلب الكرة الأرضية

وفي جهات العالم الأربع

أزهرنا بعروق وعروق

بالألوان السبعة لقوس قزح.

حقَّاً لقد أصبحنا شجرة الخلود.

* * *

حيناً

حيناً أصبحنا ذرّة ثلج – فجمدنا

وحيناً أضحينا أشعة شمس – فاحترقنا

حيناً أصبحنا أغنية قديمة

وضِعنا في نَفَس النسيم

وحيناً أضحينا صراخاً يخفق

وتدفقنا من فم البجع

حيناً أصبحنا حماماً على الغصن

وكتبنا أغنيات الحب

وحيناً أضحينا نسراً على الصخر

وناضلنا

حيناً أصبحنا ديراً مهجوراً

كقلب يدخن ويدخن

والآن… أضحينا بركاناً ينبض

كشجرة رمَّان تتفتَّح زهرة تلو الأخرى

* * *

أنتِ الأم

كنتُ مولوداً حديثاً

وكنتِ ربيعَ شموس – فراشة متلألئة

كنتُ أملاً – مستقبلاً – كنتُ جسراً

وأنتِ الحليب – أنتِ الحنان – أنتِ التضحية

كنتُ صرخة برعماً – برعماً

أنتِ النبراس – أنتِ الهنهونة – أنتِ البرَكة

أصبحت الحياة شجرة

فرويناها بعرق الجبين

وانشقَّت السماء حيناً

وبقينا تحت أمطار الألم

– ولم نتبلَّل –

تواجدنا أمام سيل الحرمان وجهاً لوجه

– ولم نتقهقر –

حوَّلتِ صدركِ إلى ترس

وأدفأتِ طفولتي المرتجفة في حضنك.

معكِ، أمَّاه، تحوَّل الجرح إلى أغنية والجليد إلى دفء

وحتى خلال لحظات خيبات الأمل السوداء

كانت تفوح منكِ رائحة الخبز الطازج أمَّاه

أصبحت الحياة فرساً سريعة السير،

وتلاعب شعرها بين الرياح الشرِّيرة حيناً

وبين النسيم الصالح حيناً آخر،

تحوَّلت البقايا الأخيرة لأيامكِ إلى أخاديد على جبينكِ

وأصبحت ثلجاً على شعركِ

وفي يوم من الأيام

أصبحتِ في أطراف أهدابي

قطرة نقيَّة كالبلُّور، أمَّاه.

الأمَّهات لا يمتن – لا يُدفنَّ تحت التراب

بل يصبحن نقطة متلألئة في درب التبَّانة

وفي الليل يحرسن سريرنا

يصبحن نجمة في درب التبَّانة – يصبحن ربيعاً

يصبحن فراشة أبدية في درب التبَّانة.

ترجمة: مهران ميناسيان

Share This