المطران كريكور أوغسطينوس لـ «الأهرام العربي»: لن نتسامح مع تركيا ما لم تعترف بمذابحها ضدنا

المصدر: الأهرام العربي

بقلم:  ميرفت فهد

هناك مؤامرة ضد الإسلام لتفكيك دوله، وإعطاء فكرة غير صحيحة عن الدين الإسلامى الذى كلنا نعرفه بأنه “رحمة للعالمين”، هذا ما أكده المطران كريكور أوغسطينوس كوسان – أسقف الأسكندرية للأرمن الكاثوليك – فى حواره مع “الأهرام العربي”، وأضاف أن ما يحدث حالياً فى البلدان العربية يعيد إلى الأذهان ما فعله الأتراك قبل 100 عام بالشعب الأرمينى من قتل وذبح وتهجير، وهو ما تعيده تركيا الآن مع البلدان المجاورة لها والحروب الشنيعة التى تشنها على الناس الأبرياء والأعمال التى تقوم بها من خطف المطارنة والرهبان والراهبات وأيضا خطف الأولاد الأيتام من الأديرة هى ضد الإنسانية. فهى باسم الدين تريد أن تحرر الإنسان. مؤكداً أنه لا مصالحة ولا مسامحة مع من يحاول هدم الديانات.

-ما الدروس المستفادة لشعوب المنطقة العربية فى هذه الأيام من معاناة الشعب الأرميني؟
ما يحدث فى البلاد العربية الآن خصوصا المستهدفة، يعيدنا إلى ما فعله الأتراك قبل 100 عام بالشعب الأرمينى من قتل وذبح وتهجير. لكن نحن الأرمن الذين عانينا هذه الصعوبات وانتصرنا عليها نريد أن نقول لإخوتنا فى المنطقة إنه بإيماننا وقدرتنا ووحدتنا سننتصر كما انتصرنا فى السابق. ولابد لليل أن ينجلى وتظهر كل الحقائق وتتبدل الحياة وتعود على ما كانت عليه سابقا من الوحدة الوطنية والعيش المشترك مع بعضنا بعضاً وبسواعدنا القوية. وبهمة جيوشنا الباسلة وشبابنا الأقوياء سنعيد بناء الأوطان ونعيش حياة هنية تملؤها المحبة والمسامحة والمصالحة.

فى رأيك ألا تخشى تركيا من أن مثل هذه التصرفات قد يقفل الباب أمامها تماما هذه المرة للدخول فى الاتحاد الأوروبى، خصوصا أنه تم منعها المرة الأولى وتحديدا عام 2004 بسبب الجرائم التى ارتكبتها ضد الأرمن؟

المعاملة التى تقوم بها تركيا مع البلدان المجاورة لها والحروب الشنيعة التى تشنها على الناس الأبرياء والأعمال التى تقوم بها من خطف المطارنة والرهبان والراهبات وأيضا خطف الأولاد الأيتام من الأديرة التى كانوا يجدون فيها الدفء والحنان بعد ما قسا عليهم الدهر وحرموا من محبة الأم والأب وابتسامتهم وعطفهم والسرقات التى قاموا بها والمدارس والمستشفيات والكنائس والمساجد التى هدموها عمدا واصرارا. هل هذا يليق بالإنسانية؟ طبعا نقول لا. وإذا كانت الإنسانية لا تقبل أعمالهم وتدينهم على تصرفاتهم، فهل يستطيعون الدخول والانضمام إلى الاتحاد الأوروبى الذى نرى فيه الإنسانية تعيش بتقدم وازدهار وحضارة الإنسانية تقرب الشعوب من بعضها البعض بالعلوم والتكنولوجيا الحديثة. واليوم نحن نتكلم بلغة الكتابة والقلم وليس بالحرب والقنابل والأسلحة على بعضنا البعض. فشريعة الغاب ولت وذهبت شريعة المحبة. الوصية الجديدة لعصرنا هى التى تدعونا إلى الألفة والتفاهم والحوار البناء. وتركيا لا تحاور لأن فى الحوار كشف لأعمالها البذيئة الدنيئة. وهى لا تريد أن يعرف الناس عن ماضيها. لكن الأعمال التى تقوم بها وفى هذه الأيام بالذات تفتح صفحات الماضى وتقول للعالم أجمع من أعمالهم وتصرفاتهم تعرفون من هم وما ماضيهم.

بماذا تصف تصرفات تركيا فى المنطقة العربية؟ هل هى استكمال لمشروع الإمبراطورية العثمانية القديم؟

باسم الدين يريدون أن يحرروا الإنسان. وباستغلالهم للدين يريدون تطبيق شريعة جديدة خصوصا تحت لواء القرآن والإسلام. والاثنان بريئان منهم. عندما خطفوا الرهبان والراهبات، ألم يذكروا ما جاء فى القرآن الكريم: “ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إن نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا”. أريد أن يرجعوا بهذه الآية إلى القرآن الكريم ويفحصوا ضمائرهم عما يقومون به ويعودون إلى الكتب السماوية ليقرأوا ما جاء فيها بوصايا الله “لا تقتل”. وأيضا نرجع إلى الكتاب المقدس عندما قتل قابيل أخاه هابيل، سأله الله: “ماذا فعلت بأخيك؟” واليوم نسألهم وبصراحة وضمير كل إنسان والإنسانية بأجمعها: “ماذا فعلتم بإخوتكم المسلمين أولا ثم المسيحيين؟”

هل أنت مع الرأى الذى يؤيد فكرة أن هناك مؤامرة من داخل الإسلام لتشويه صورته؟

طبعا هناك مؤامرة ضد الإسلام لتفكيك الإسلام وأيضا لإعطاء فكرة غير صحيحة عن الدين الإسلامى الذى كلنا نعرفه: دين أرسل رحمة للعالمين.

ذكرت كلمة “المصالحة”. ماذا تعنى بها؟

عندما أقول المصالحة وأريد أن أضيف معها كلمة مسامحة، أريد أن أقصد بأن لا مسامحة ولا مصالحة إذا لم يغير الإنسان حياته. والتغيير يتطلب أن يعرف الإنسان خطاياه والأعمال التى قام وأبعدته عن العيش مع الباقين بسلام وأمان. ومن يرفض المصالحة، يرفض الحوار. لماذا؟ أنه لا يريد أن تفتضح أعماله ويريد أن يبقى فى ظلام.

إذن، هل يمكن أن تكون هناك مصالحة ومسامحة من الأرمن تجاه الأتراك؟

نحن الأرمن كشعب مؤمن ومسيحى عانى وقاس كثيرا من الأتراك وإلى يومنا هذا وتعلمنا من وصية السيد المسيح أن نسامح. ولكن ليست المسامحة بالكلام وإنما هى أن يعترف بنا الأتراك وبالمجزرة التى قاموا بها فى عام 1915 وقتلوا مليونا ونصف مليون أرمينى. أن يعترف الأتراك أمام العالم بمجزرتهم ويعيدوا لنا حقوقنا وأراضينا ومدارسنا وكنائسنا وكل ما أخذوه مننا ظلما. نريد من الرأى العام العالمى والبلدان الشرقية والغربية أن يرفعوا صوتهم معنا لتعود حقوقنا.

فى 14 أغسطس الماضى، تم حرق كنائس وتدميرها فى صعيد مصر. وبعدها بأسبوع مباشرة، تم تدمير كنائس بل ودك معلولا بسوريا. هل كانت هذه مصادفة؟ كيف تصف نيافتك ما حدث؟ 

كان هذا مخططا. والمخطط كان غايته أن يضعوا البلبلة هنا وهناك. مرة فى مصر وأخرى فى سوريا وثالثة فى لبنان. لكى يقوموا بأعمالهم المؤذية ضد المسيحيين. ولكن فشلوا. لأن المسلمين إخوتنا فى الأرض الواحدة والوطن الواحد عرفوا بأن كل ما يفعله هؤلاء المجرمون المرتزقون هو إبعادنا عن بعضنا بعضاً وتشويه الحياة التى نعيشها بسعادة وفرح مع بعضنا. ولذلك نرى وفى هذه الظروف، المسلم يدافع عن المسيحى والمسيحى يدافع عن المسلم. والاثنان يتعاونان لمتابعة الطريق ونبذ العنف وكل الفتن الطائفية التى تأتى من الخارج.

كيف ترى أوضاع المسيحيين فى المنطقة العربية؟

المسيحيون فى المنطقة العربية كلها بدون تمييز لهم حقوقهم وأحوالهم الشخصية وقوانينهم الكنسية وحريتهم الدينية. ولا أحد يتدخل فى شئونهم. لكن كل ما نراه اليوم يحصل من تفرقة وعدم الاستجابة لطلباتهم والمس فى حقوقهم يعود إلى الأيادى الخفية التى تلعب من أجل إبعاد المسيحيين عن هذه المنطقة وإخلائها منهم. ولكن شعبنا العربى واع وذكى.

وكيف ترى نيافتك مستقبل المنطقة العربية؟

المنطقة العربية هى فى تغيير. وتغيير جذرى. وهذا يؤكد لنا بأننا أو بأن حياتنا ستكون أحسن وأفضل من كل النواحى الاجتماعية والاقتصادية والعلمية لأن بعد العذاب والموت هناك قيامة. ونحن ندرك جيدا أننا سنتخطى هذه الأيام الصعبة لنعطى زخما جديدا وروحا جديدة لبناء أوطاننا وازدهارها ونهضتها.

Share This