السفير الأرميني بالقاهرة في حوار مع “الأهرام” يتحدث عن موقف أرمينيا من القضية الفلسطينية والعلاقات مع مصر والدول العربية

أجرت صحيفة “الأهرام” المصرية حواراً مع السفير الأرميني بالقاهرة أرمين ميلكونيان حيث أشار الى أن ثورة 25 يناير وثورة الثلاثين من يونيوكانت تعبيراً عن ارادة الشعب المصري ويجب أن يحترمها الجميع.

وفيما يتعلق بجهود حل النزاع مع أذربيجان حول إقليم ناجورنو كارباخ أكد السفير الأرمينى استحالة حل هذه القضية بدون الوسائل السلمية.

وشدد على قوة ومتانة العلاقات مع مصر والدول العربية ورحب بكل المبادرات التي تهدف حل القضية الفلسطينية عن طريق المفاوضات السلمية.

ما هو موقف أرميينا من القضية الفلسطينية ومفاوضات السلام الجارية الآن برعاية أمريكية؟

يحَظي الشعب الفلسطيني بالتعاطف والدعم الكامل للشعب الأرمني لتحقيق طموحاته بإنشاء دولة مستقلة. وخلال السنوات الماضية قامت أرمينيا بتأييد المواقف الفلسطينية في إطار المنظمات الدولية. وكذلك في نوفمبر 2012 صوتت أرمينيا لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماعها 67 لمنح فلسطين صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة. وبالنسبة لمفاوضات السلام برعاية أمريكا أود أن أقول أننا نرحب بكل المبادرات التي تهدف حل القضايا المعاصرة والتسوية المقبولة لكل الأطراف عن طريق الحوار والمفاوضات السلمية.

ما هى آخر التطورات والخطوات المستقبلية لتسوية النزاع مع أذربيجان بشأن اقليم ناجورنو كارباخ؟

أعتقد أنه من المستحيل حل قضية ناجورنو كاراباخ إلا بالوسائل السلمية. وأرمينيا ملتزمة بعملية السلام والمفاوضات تحت رعاية مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي المبنية على أساس مبادئ القانون الدولي مثل عدم استخدام القوة أو التهديد بها، ومساواة حق الشعوب، وحقتقرير المصير ووحدة الأراضي. ولكن للأسف، ترفض أذربيجان بعناد قبول حق شعب ناجورنو كاراباخ في تقرير مصيرهوتستمر بممارسة الاستفزازات من تهديدات لحرب جديدة واستخدام القوة ضد ناغورنو كاراباخ وأرمينيا. وتخصص إيرادات ضخمة من بيع موارد الطاقة الى تسليح جيشها بشدة. وترفض أذربيجان كافة الاقتراحات السلمية وتعزيز وقف اطلاق النار وخلق جو من الثقة المتبادلة . وتزرع  بذور البغض والكراهية عند شعبها اتجاه الأرمن وأرمينيا. وفي 19 نوفمبر 2013 اجتمع رئيسى أرمينيا وأذربيجان في فيينا وذلك بعد حوالي سنتين من إنقطاع اللقاءات بينهما. وقد تمت الموافقة على تنشيط المفاوضات من أجل التوصل الى تسوية سلمية. ولكن استمرت أذربيجان بعد ذلك فى انتهاكات نظام وقف اطلاق النار واستفزازاتها المتكررة بطول خط التماس مع ناجورنو كاراباخ والحدود مع أرمينيا التي أوصلت التوتر الى ذروته في منتصف يناير الماضي. وتؤدى مثل تلك التصرفات الى تقويض عملية السلام و تقلل من امكانات حل النزاع. وأريد أن أذكر، إن خلال الأيام الحالية نحي ذكرى ضحايا مذبحة “سومغايت” ، التي قامت السلطات الأذربيجانية بتنظيمها ضد سكان الأرمن في مدينة “سومغايت” الأذربيجانية قبل 26 عاما  بالضبط. وكانت تلك الجريمة رداً على الطلب العادل لسكان ناجورنو كاراباخ حول تقرير مصيره على أساس معايير الحق الدولي.

كيف تقيمون دور الاتحاد الأوروبى ولجنة منيسك لحل النزاع؟

تجري المفاوضات السلمية بوساطة مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي. و نقدر تقديرا عاليا الجهود الكثيفة التي بذلها الرؤساء المناوبون لمجموعة مينسك خلال السنوات الماضية وهم الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية وفرنسا. ويجب أن أقول أنه الكيان الوحيد المفوض دوليا للتعامل مع الحل السياسي لنزاع ناجورنو كاراباخ هي رئاسة مجموعة مينسك. وتتوافق مواقف أرمينيا مع مواقف رؤساء المجموعة في مبادئ حل النزاع السلمي التي تنعكس في البيانات المشتركة العديدة  لزعماء تلك الدول. أما أذربيجان، فتحاول دائما إجهاض تلك الجهود واستبعاد المواقف المسبقة التي تؤثر سلبيا على عملية السلام. أما عن الاتحاد الأوروبي فهو لا يشارك بشكل مباشر في المفاوضات بصفته منظمة دولية. ولكنه أعرب عن دعمه الشامل بشأن جهود الرؤساء المناوبين لمجموعة مينسك وذلك عن طريق بياناته العديدة.

وكيف ترون الدور الروسى فى هذا الشأن؟

كما قلت، روسيا تشارك رئاسة مجموعة مينسك بالتناوب وتلعب دورا مهما ومتوازيا بصفتها أحد الوسطاء الثلاث. والجدير بالذكر أن بوساطة روسيا تمت عديد من اللقاءات بين رئيسي أرمينيا و أذربيجان خلال الفترة ما بين 2008 و 2012 و لكن لم تؤدى الى الحل بسبب موقف أذربيجان الغير بناء.

كيف تقيمون دور منظمة التعاون الإسلامى فى النزاع بين أرمينيا وأذربيجان؟

ان منظمة التعاون الاسلامي ليست منضمة الى عملية تسوية النزاع. فكما قلت, الكيان الوحيد المفوض دوليا للتعامل مع الحل السياسي للنزاع هي رئاسة مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي. أما المنظمات الدولية والاقليمية الأخرى التي ترغب بتسهيل تسوية القضية يمكن أن تعرب عن تأييدها بجهود رئاسة مجموعة مينسك. والجدير بالذكر ان أي خطوات أو بيانات خارج صيغة ممارسات رئاسة مجموعة مينسك يمكن أن تضر المفاوضات وتعرض السلام الهش للخطر.

 ما هو موقف أرمينيا من ثورة 25 يناير و30 يونيو فى مصر ؟

نعتقد أن الشعب المصري هو الوحيد الذي يجب أن يقرر مستقبله وذلك حسب طموحات وأهداف أبناءه. وموقفنا من ثورة 25 يناير و30 يونيو يستند على وجهة النظر بالضبط. و أقصد أن تلك الثورة كانت تعبيراً عن ارادة الشعب المصري العظيم و يجب أن يحترمها الكل.

تتمتع العلاقات التى تربط بين أرمينيا ومصر بخلفية تاريخية ثرية طويلة، ويمثل البعد الثقافى والإنسانى عنصرا هاما فى علاقاتنا، ويتبلور هذا البعد عبر الإعجاب والحب المشتركين لدى مجتمعينا نحو الثقافة والفن والموسيقى والأدب.ما هو رؤيتكم لتنمية هذه العلاقات فى جميع المجالات وخاصة الثقافية والاقتصادية بما يعود بالنفع على البلدين؟

أنا أتفق معك تماما. ان التعاون الثقافي والاقتصادي وغيره ضروري جدا لتقارب الشعبين. أعتقد أن هناك أفاق كبيرة لتنمية تلك العلاقات. وفي هذا الشأن هناك أهمية كبيرة للتعارف الأحسن بالامكانيات والقيم لواحد الى أخر وكذلك التبادل الثقافي والاتصالات لشعب الى الشعب المستمرة. وخلال الأعوام الماضية حصلا شعبانا على خبرة ملموسة في ذلك. ويجب أن أعترف أن الثقافة المصرية المعاصرة لا تزال غير معروفة بشكل مطلوب في أرمينيا, بعكس الحضارة والثقافة المصرية القديمة. ولا يزال هناك ضرورة لعرض تلك الثقافة المعاصرة للمجتمع الأرمني بطريقة ملائمة. وينطبق نفس الأمر على عرض الثقافة الأرمنية الى المجتمع المصري, رغم أن أرمينيا مشهورة بثقافتها وفنانيها وموسيقيها على المستوى العالمي.

فى هذا السياق كيف يمكنكم وصف العلاقات الأرمنية المصرية؟ وما هى وسائل تعزيز المزيد من العلاقات الاقتصادية والتجارية؟

يمكننا وصفالعلاقات الأرمنية المصرية بإنها ممتازة وودية وتأسس على روابط تاريخية وتقليدية متينة بين الشعبين. ويوجد حوار سياسي بناءبين بلدينا في جو من التفاهم المتبادل التام والبناء. وكذلك تعاونا نشيطا ومثمرا في إطار المنظمات الدولية، ونحن مستعدون لتوسيع هذا الحوار والتعاون السياسى فى المرحلة القادمة. أما بالنسبة للعلاقات الاقتصادية والتجارية مع الاسف،  لم يتم حتى الآن استخدام القوة الداخلية الكامنة في ذلك المجال بيننا. ولا يزال حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين لا يتجاوزعدة ملايين من الدولارات.ومع ذلك, أعتقد أن إعادة الاستقرار فى مصر سيفتح فرص جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي وتنشيط رجال الأعمال من البلدين للتعاون مع بعض. وكذلك إعادة جلسات اللجنة الحكومية المشتركة ستعطي دفعة جديدة للتعاون. وهناك امكانيات كبيرة للتعاون المفيد خاصة في مجال تكنولوجيا المعلوماتوالأدوية والزراعة والمأكولات والسياحة وقطاعاتالبناء والتشييد و الخ…

وما هى رؤيتكم للأوضاع فى مصر؟

أن مصر تمر في مرحلة انتقالية صعبة وتواجهها تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية صعبة. ولكن أنا متأكد أن مصر لها  قدرة كبيرة للتغلب علي كل هذه التحديات.

مصر تستعد لانتخابات رئاسية وبرلمانية وفق خريطة الطريق التى أعلنها المشير عبدالفتاح السيسى كيف ترون خطوات تنفيذ هذه الخريطة؟

إن تنفيذ خريطة الطريق أمر ضروري لتقليص التوتر الموجود وتحقيق النجاح في مسار المرحلة الانتقالية والتغيرات الديمقراطية الذي تبنى الشعب المصري. وكانت الخطوة الأولى, الاستفتاء وقبول الدستور الجديد, على سبيل تنفيذ الخريطة كانت ناجحة ومهمة للغاية. والخطوة التالية ستكون الانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية. ومن أجل استكمال الفترة الانتقالية الحالية والعودة الى سبيل التنمية المستقرة للبلاد وكذلك اعادة الثقة الدولية بشكل كامل فمن الضروري جدا أن تجري تلك الانتخابات وفق المعايير الديمقراطية وتتميز بالشفافية والعدالة والحرية.

كيف ترون العمليات الارهابية التى تنفذها الجماعات الارهابية فى مصر بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسى؟

نحن نستنكر بشدة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، أينما ارتكب هو عليه. و أدانت أرمينيا على المستوى الرسمي العمليات الارهابية التي حدثت في الفترة الاخيرة في أنحاء مصر وعبرت عن تأييدها لجهود الحكومة المصرية في محاربة الارهاب وتعزيز الاستقرار والتضامن في البلد .

هل نتوقع زيارات قريبة من مسئولين من بلدكم لمصر؟

نحن مهتمون ليس فقط بزيارات في طرف واحد بل بزيارات متبادلة، وليس على مستوى المسئولين الحكوميين فقط, بل فى مستوى رجال الاعمال والمثقفين والفنانين والسياحة. وبسبب الأحوال الصعبة في مصر انخفض حجم تلك الزيارات كثيراً. ولكن أعتقد أنه بعد إعادة الاستقرار سترجع تلك موجة من الزيارات بالاتجاهين و بحجم أكبر مما كان سابقا.

كيف تقيمون علاقاتكم مع الدول العربية ؟

نعتبر تعزيز علاقاتنا مع الدول العربية أحد أولويات سياساتنا الخارجية. تَكّن أرمينيا حكومة و شعباً أحر المشاعر اتجاه الشعب العربي الذي تربطنا به روابط الصداقة والتي تضرب بجذورها إلى ردح طويل في رحاب الزمن. وبعد الاستقلال قامت أرمينيا بتطوير علاقات ديناميكية مع جميع الدول العربية. ولدي جمهورية أرمينيا 6 سفارات في العواصم العربية المختلفة وقنصلية عامة في حلب. ولدى مصر وسوريا و لبنان و الكويت و العراق سفارات بيريفان، عاصمة أرمينيا.

وقمنا بتطوير العلاقات المباشرة مع جامعة الدول العربية أيضاً، فقد وقعنا معها مذكرة تفاهم وتم اعتماد سفير أرمينيا بالقاهرة كمفوض لديها. و زار وفد جامعة الدول العربية الى أرمينيا برئاسة السفير فاضل محمد جواد، نائب أمين عام للجامعة مؤخرا الى أرمينيا واستقبله ادوارد نالبنديان، وزير خارجية أرمينيا. ويشمل تعاوننا مع الدول العربية شتى المجالات السياسية والتجارية والاستثمارات والعلوم والتعليم والثقافة والرعاية الصحية والسياحة والبناء والخ.  وسُجلت إنجازات هامة في كل هذه الاتجاهات على مدى السنوات الماضية. والشعب الأرمني لن ينسى أبداً استضافة الشعب العربي للآلاف من أبنائه الناجين من الإبادة العرقية. إنهم حصلوا على فرصة الاستيطان في الأراضي العربية، وبفضل الرعاية والرأفة التى وجدوه تمكنوا من استرداد جراحهم وبدء حياة جديدة.

ماهو وضع الجالية الارمنية وابرز المشكلات التى قد تواجهها فى مصر؟

إن الجالية الأرمنية في مصر لديها تاريخ يمتد منذ قرون طويلة. واندمج الأرمن في المجتمع المحلي، وجلبوا مساهمتهم الملموسة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية مع الحفاظ على هويتهم القومية وحضارتهم الخاصة في نفس الوقت. وفي الواقع للأرمن شخصيات شهيرةفي مصر،ويكفي أن نذكر أول رئيس الوزراء نوبار باشا ووزير الخارجية بوغوس يوسف باشا و وزير التربية يعقوب أرتين باشا في القرن التاسع عشر و الرسام الكاريكاتير آلكسندر صاروخان  والمغنية  أنوشكا، والممثلات إيمان ونيللي ولبلبة. وبعد استقلال أرمينيا في عام 1991  لعبت الجالية الأرمنية دور الجسر الذي يربط أرمينيا ومصر معاً. ولديها مساهمة كبيرة في تطوير التعاون التجاري والثقافي والتعليمي بين بلدينا وشعبينا، وكذلك في تعزيز علاقات الصداقة الحارة والمخلصة بيننا. ولا تتخالف مشاكل الجالية الأرمنية من المشاكل التي تواجهها المصريين نفسهم لأن الجالية الأرمنية هي جزء لا تتجزء من المجتمع المصري. ويعانون من نفس المعانات ويتشجعون من نفس الانجازات. ولدي الأرمن الذين يعيشون في مصر نفس الطموحات التي توجد عند المصريين.

Share This