“النهار” تعتبر كسب جرحاً أرمنياً مفتوحاً

نشرت “النهار” مقالاً بعنوان “كسب والجرح الأرمني المفتوح” تناولت فيه تاريخ الأرمن في كسب السورية، حيث قالت إن الحروب والازمات التي تمرّ بها الدول تكشف مستور الكثير من القضايا التي تكون غائبة عن التفكير في ايام السلم. هذا باختصار ما اثبتته الاحداث السورية الاخيرة واظهرت مدى تأثير التلاصق الجغرافي على حياة المواطنين في بلدين منفصلين.

منذ اقل من عامين لم يكن الكثير من اللبنانيين يسمعون بالقصير، ويبرود، وتلكلخ وغيرها من المناطق السورية، وحتى ان سمعوا بها كان الاسم يمرّ من دون اي معانٍ، لكن بعد الازمة اصبحت هذه المدن وما يدور فيها على كل لسان لحجم تأثيرها على واقعهم السياسي والامني وحتى الاقتصادي.

وفي الايام الماضية، استحوذ اسم بلدة سورية جديدة على اهتمام كثير من اللبنانيين. انها كسب، البلدة الحدودية الواقعة شمال غرب سوريا على سفوح جبل الأقرع يقطنها العديد من الأرمن كما انها بلدة أرمنية تاريخياً، دخلتها مؤخرًا قوات المعارضة السورية التي تتألف من فصائل اسلامية متشددة ما أحدث قلقاً على مصير سكانها المسيحيين.

تتبع كسب محافظة اللاذقية ويسكنها 3.500 نسمة و يعود اسمها إلى الكلمة اللاتينية (Casa Bella)  وتعني البلدة الجميلة. وهي تبعد 65 كم عن اللاذقية و3 كم عن الحدود التركية والتي كانت سابقا أرضاً سورية تعرف باسم لواء الأسكندورن.

وتوضح النهار أن ذاكرة الارمن في كسب زاخرة بالمآسي. سنة 1909 قام الأتراك بغزو البلدة من الحدود الشرقية في محطة استبقت ابادة 1915. بعد 5 سنوات، عاد اليها من تبقى من اهلها قبل ان يعاد اجتياحها عام 1938 وضمها الى تركيا. وأُعيدت أجزاء كبيرة من كسب الى سوريا بعد ان تمّ سلخها عنها بفضل موقف اساقفتها وغالبية سكانها الارمن في حين بقي قسم آخر من اراضيها تحت السيطرة التركية.

هاجس الابادة

بناء على ما سبق، يظهر أن لهذه المدينة تاريخا طويلا ودمويا مع الاتراك، ودخول قوات المعارضة المدعومة من تركيا اليها اعاد الى اذهان الشعب الارمني مأساة تهجير عام 1915 ، وخاصة انه وبسبب الجغرافيا سيصعب على الجيش السوري الموالي للنظام استعادتها بسهولة بسبب صعوبة تحرك سلاح الجو الذي يعتبر الافعل. وما حدث منذ ايام قليلة من اسقاط طائرة سورية من جانب القوات التركية خير دليل على ذلك، اضافة الى خطوط الامداد المفتوحة للمعارضة من الحدود التركية.

وفي هذا السياق، حذّرت مصادر أرمنية سورية من هجرة واسعة يقوم بها الأرمن هرباً من الحرب مشيرة إلى أن نحو ثلثهم تركوا البلاد والآلاف منهم نزحوا إلى المناطق الآمنة. وفي كسب لم تشذ الامور عن هذه القاعدة حيث تركتها الغالبية الساحقة من سكانها.
من جهة أخرى، تؤكد المعارضة السورية عبر شخصياتها ومواقعها، أنه لن يتم التعرّض لسكان المدينة ولا لكنائسها، إنما تمّ الدخول إليها بسبب موقعها الجغرافي حيث تشكل بوابة الساحل السوري وفيها معبر استراتيجي على الحدود التركية.

ارمن لبنان

غير الروابط العائلية والقربى، يجمع ارمن لبنان بارمن سوريا علاقة مميزة تختلف عن باقي ارمن الشتات، حيث يعتبرون انفسهم في البلد نفسه، كما ان اصول الكثيرين من الطائفة الارمنية في لبنان تعود الى كسب السورية، وقد هربوا منها بعد التهجير عام 1915، وخاصة الى بلدة عنجر البقاعية التي تعود اصول غالبية سكانها الارمن الى اللاذقية. وهذا يفسر ايضاً كثافة اعداد النازحين الّذين وصلوا الى هذه البلدة خلال الاسبوع المنصرم بالتزامن مع بدء معركة كسب.

ومما لا شك فيه ان هناك قلقاً كبيراً جداً مما يجري في كسب، لكن حتى الساعة يبقى التعاطف على المستوى الانساني والاغاثي فقط. فقد ذكر قيادي في حزب الطاشناق ان الجمعيات الاهلية والنوادي اعلنت النفير العام وتجندت لإغاثة “اهلنا الهاربين من اجتياح مدينتهم من قبل الاتراك تحت ستار المعارضة السورية، وتقديم العون لهم ومحاولة تأمين المأكل والمشرب فقط والامور لا تتجاوز هذا الحد”.

ونفى القيادي اي استعداد للبنانيين الأرمن للقتال في سوريا الى جانب الجيش السوري لاستعادة المدينة، مؤكداً “اننا لبنانيون قبل كل شيء ولا نحبذ التدخل في شؤون الدول الاخرى كما انه ليس لدينا اي خطط سرية واتفاقات من تحت الطاولة”. ولفت الى ان “الشباب الأرمني اللبناني بعيد كل البعد عن التدريب ولا يملك اي تقنيات عسكرية ولا يستطيع ان يشارك في القتال “.

واذا اشار الى “اننا أمام استراتيجية تطهير عرقي لسكان مدينة كسب الأرمن”، شدد على ان الحزب لن يوفر جهداً على المستوى السياسي للضغط على المسلحين ومن يدعمهم لتحييد المدن الارمنية وسكانها عن لهيب الحرب الدائرة هناك”.

 

Share This