تقرير يفجّر إبادة الأرمن الجماعية بوجه تركيا غداة فوز حزب إردوغان في الانتخابات البلدية

نصر المجالي

غداة إعلان فوز حزب إردوغان في الانتخابات المحلية، فجّرت صحيفة بريطانية قنبلة في وجه تركيا تتعلق بالإبادة الجماعية للأرمن قبل نحو مائة عام. روت صحيفة (الإنديبندنت) اللندنية في تقريرها،الإثنين، حكاية إحدى السيدات الأرمنيات الناجيات من “حملة الإبادة الجماعية للأرمن في تركيا”. والسيدة التي تدعى يوفينوغ ساليبيان التي تبلغ من العمر 100 سنة، تعتبر آخر شاهدة على الرعب ومأساة الإبادة الجماعية للأرمن.

وقال روبرت فيسك كاتب التقرير الذي التقى ساليبيان في كاليفورنيا وهي جالسة على كرسي متحرّك، بانه ليس من السهل مقابلة شخص عاش خلال تلك الفترة، مضيفاً إنها “كانت مجرد طفلة في الثالثة من عمرها حين تعرض الأرمن للإبادة الجماعية من قبل الأتراك”.

الهولوكوست اليهودي

وقالت ساليبيان إن “حقيقة الهولوكوست الأرمني واضحة وحقيقية شبيهة بالهولوكوست اليهودي، إلا أنه يجب العمل على التذكير بها لأن الدولة التركية تنفي وتصرّ على عدم قيام الأمبراطورية العثمانية بإبادة مليون ونصف المليون من الأرمن منذ قرن تقريباً”.

وأضافت “قتلوا عشرات الآلاف من الأرمن رمياً بالرصاص وطعناً بالسكاكين وضرباً بالفؤوس كما ارسل الأطفال نحو الغابات في شمال سوريا حيث تم تجويعهم واغتصابهم وذبحهم”.

وأوضحت ساليبيان أن والدها آبوش آبوشيام كان له أصدقاء أتراك تربطه معهم مصالح تجارية، الأمر الذي شفع لهم ولم يتم ترحيلهم بادىء الأمر، إلا أنها تتذكر وهي في الثالثة من عمرها سماع صراخ وبكاء الأطفال الذين اقتيدوا حفاة الأقدام، وكان الجنود يضربونهم بالسياط لدفعهم للمغادرة”. وروت ساليبيان رحلة انفصالها عن عائلتها ونقلها إلى حلب ثم دمشق فبيروت.

قتل منهجي

ويشار الى ان حملة الإبادة تعرف أيضا باسم المحرقة الارمنية والمذبحة الارمنية أو الجريمة الكبرى في العام 1915، وهي تكشف عمليات القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قبل الامبراطورية العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى. وقد تم تنفيذ ذلك من خلال المجازر وعمليات الترحيل، والترحيل القسري وهي عبارة عن مسيرات في ظل ظروف قاسية مصممة لتؤدي إلى وفاة المبعدين.

ويقدّر الباحثون ان اعداد الضحايا الأرمن تتراوح ما بين 1 مليون و 1.5 مليون نسمة، إضافة إلى مهاجمة قوات الامبراطورية العثمانية مجموعات عرقية مسيحية أخرى وقتلها خلال هذه الفترة كالسريان والكلدان والآشوريين واليونانيين وغيرهم. ويرى عدد من الباحثين ان هذه الاحداث، تعتبر جزءاً من نفس سياسية الإبادة التي انتهجتها الإمبراطورية العثمانية ضد الطوائف المسيحية.

جريمة التاريخ الحديث

ومن المعترف به على نطاق واسع ان مذابح الارمن تعتبر من جرائم الإبادة الجماعية الأولى في التاريخ الحديث، حيث يشير الباحثون  بذلك إلى الطريقة المنهجية المنظمة التي نفذت من عمليات قتل هدفها القضاء على الأرمن، وتعتبر مذبحة الأرمن ثاني أكبر قضية عن المذابح بعد الهولوكست.

واتفق معظم المؤرخين على أن عدد القتلى من الأرمن تجاوز المليون، غير أن الحكومة التركية وبعض المؤرخين الأتراك يشيرون إلى مقتل 300,000 ألف أرمني فقط، وتقول المصادر الأرمنية إلى سقوط أكثر من مليون ونصف أرمني.

وكان عدد من صحيفة (نيويورك تايمز) الصادرة في 15 كانون الأول 1915 ذكر أن ما يقارب المليون شخص قتلوا أو تم نفيهم على أيدي الأتراك بسبب هذه المذابح هاجر الأرمن إلى العديد من دول العالم من ضمنهم أرمن سوريا، لبنان، مصر والعراق.

ولا يزال الأرمن في مختلف أنحاء العالم يحيون تلك الذكرى في 24 نيسان من كل عام وحتى الآن لا تعترف دولة تركيا بهذه المذبحة.

ويشار الى انه عندما دخل الإنكليز إلى إسطنبول محتلين في 13 تشرين الثاني من سنة 1919 كانوا أثاروا المسألة الأرمنية، وقبضوا على عدد من القادة الأتراك لمحاكمتهم غير أن معظم المتهمين هربوا أو اختفوا فحكم عليهم بالإعدام غيابيا، ولم يتم إعدام سوى حاكم يوزغت الذي أثّم بإبادة مئات الأرمن في بلدته.

انكار تركي

وردا على استمرار إنكار الإبادة الجماعية للأرمن من قبل الدولة التركية، دفع ذلك العديد من الناشطين في مجتمعات الشتات الأرمني من أجل الاعتراف الرسمي بالإبادة الجماعية للأرمن من مختلف الحكومات في جميع أنحاء العالم.

وقد اعتمدت 20 بلدا و 42 ولاية أميركية قرارات الاعتراف بالإبادة الأرمنية كحدث تاريخي ووصف الاحداث بالإبادة الجماعية.

وفي 4 مارس/ آذار 2010 صوتت لجنة من الكونغرس الاميركي بفارق ضئيل بأن الحادث كان في الواقع إبادة جماعية، وفي غضون دقائق أصدرت الحكومة التركية بيانا تنتقد “هذا القرار الذي يتهم الأمة التركية بجريمة لم ترتكبها”. وتشمل قائمة المنظمات الدولية التي تعترف رسميا بالإبادة الأرمنية كلا من: الامم المتحدة، البرلمان الأوروبي، مجلس أوروبا، مجلس الكنائس العالمي، منظمة حقوق الإنسان، جمعية حقوق الإنسان التركية، ميركوسور، جمعية الشبان المسيحيين، واتحاد اليهود الاصلاحيين.

إيلاف

Share This