مأساة «العرب» مع «القضية الأرمينية»

رشا قاسم

مما لا يختلف عليه اثنان أن الأرمن هم جزء لا يتجزأ من النسيج العربي، فهم ملح العروبة لهم ما لنا من حقوق في الأرض العربية وعليهم ما علينا من واجبات “مع اعترافنا جميعا بحقوقهم وارتباطهم بأرمينيا”، فمن الغباء أن نتساءل عن تاريخ العلاقات الأرمينية العربية لأنها ببساطة قديمة قدم التاريخ..

فمن غير المعقول أن نتساءل هل كان للشخصيات الأرمينية دور في التاريخ العربي لأنهم أي الأرمن تركوا بصمة في تاريخنا وما زالوا يسطرون معنا التاريخ العربي..

من قبل أن يحدث ما يسمى بالربيع العربي “الأسود” ومن باب الحرص والوفاء للوطن كان الأرمن يحذرون العرب من الخطر التركي ومن رغبة الأتراك وحنينهم لأيام الحكم العثماني كل ذلك لخص ببيان أصدره رؤساء الطوائف الأرمينية لكن هذا البيان أهمل من قبل الكثيرين!!..
صحيح أن العرب استقبلوا الأرمن وتقاسموا معهم رغيف الخبز وهذا ما لا ينساه الأرمن ولا يمنن به العربي لأن ما قام به هو جزء من دينه وأخلاقه..

لكن على الصعيد السياسي نتساءل هل قدم العرب للقضية الأرمينية شيئاً؟ الجواب للأسف لا شيء، باختصار القضية الأرمينية لدى الحكومات العربية مرهونة بمزاجات ومصالح سياسية فإذا كانت الحكومة العربية على وفاق مع تركيا فالقضية الأرمينية تكون مغيبة على الساحة الإعلامية والعكس صحيح..

البعض يحاول اليوم أن يزج الأرمن في الأزمة السورية وإخراجهم من دائرة التلاحم من خلال استغلال أحداث “كسب” وإعطائها صفة التهويل بهدف تحقيق مكاسب سياسية، أنا لن أدخل في تفاصيل أحداث “كسب” لكن ما نريد التأكيد عليه هو الآتي:

-أرمن سوريا ليسوا “أقلية” كما أطلق عليهم منذ أيام الأمريكيين فهذه الكلمة مرفوضة ودخيلة على لغتنا وتلاحمنا الاجتماعي العربي بل هم درة الشرق واللوحة العربية بدونهم مشوهة ولا معنى لها.

-أرمن سوريا مالهم ودماؤهم فداء للوطن سوريا وهم لا ينحازون لأي طرف مع حرصهم على استقرار البلد وعودة الأمان والسلام لربوعها.

-برغم بشاعة ما يحدث إلا أنها فرصة للأرمن لدفع سوريا وغيرها من الدول العربية والإسلامية للاعتراف بالإبادة الأرمينية والمطالبة بتدريس القضية الأرمينية وإدراجها في الكتب المدرسية تماما كقضيتنا الفلسطينية وفضح جرائم الأتراك بحق هذا الشعب
مطالب الأرمن من العرب بسيطة جدا فهم لا يطالبون العرب بحشد الجيوش والزحف لتركيا وتحرير المغتصبات الأرمينية ليس لأن العرب غير قادرين لكن لأنهم لا يملكون الإرادة وفلسطيننا خير مثال..

نتمنى أن يعود الأمن والاستقرار والسلام لسوريا ولأراضينا العربية ورحم الله شهدائنا الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن، فالشهادة في الإسلام والأديان تعني أن تحيي الآخرين وليس أن تقتلهم.

Share This