على مشارف مئويتها.. المجازر الأرمنية: هل يعيد التاريخ نفسه؟ وهل تنتقم اميركا من تركيا؟

هي معركة الهوية… الهوية الأرمنية التي شكل طمسها معاناة لكل الشعب الأرمني واستهدافها جزءا من حرب مفتوحة لبعثرة اوراق التاريخ كما تشاء السياسية والمصالح والاطماع. معركة انتهجتها الحرب العالمية الاولى منذ قرن من الزمن، اعدم فيها الاف الارمن وهجر مئات الالاف وقطعت اوصال الوحدة التاريخية الجغرافية لارمنيا. ومن احتل الأرض وقتل شعبها يعمل بالتأكيد على احتلال التاريخ ونسفه، لكن التاريخ يبقى الشاهد الأهم والأبقى على هذه الواقعة…

والواقع ان المجزرة الدموية التي دخلت عامها ال 99 تعود وتتجدد بمجزرة سياسية ترتكبها تركيا بحق الأرمن مع استمرارها في الحديث عن براءتها ونفيها بصورة قاطعة عمليات الترحيل الجماعية والمجزرة الشاملة التي تعرض لها الشعب الأرمني، على رغم التأييد الغربي الذي حصدته واعتراف كبار المؤرخين وكتاب التاريخ. والقانون المزمع صدوره عن الكونغرس الاميركي المتضمن اعترافاً أمريكياً بالمجازر الأرمنية قانوناً رمزياً لا يحوي أي موجبات أو الزامات قانونية بمعناها الجدي، ورغم هذه الرمزية يبدو أن هذا القانون لن يصدر. وهذه الرمزية هي بطبيعة الحال رمزية سياسية لا تمت الى انتهاكات حقوق الانسان المرتكبة خلال مجازر الأرمن بصلة ، لان المصالح المتقاطعة بين الولايات المتحدة وتركيا (اقتصادية وسياسية وحتى عسكرية مرتبطة بحلف الناتو والقواعد الاميركية في تركيا) تحول دون اصدار مثل هكذا قانون، فالحفاظ على العلاقات الدبلوماسية مع تركيا تبقى اولوية للولايات المتحدة.

وعلى ابواب المئة عام على مذابح الأرمن ومع حلول الذكرى السنوية التي تتزامن مع يوم 24 من نيسان، لا يزال الارمن يتطلعون الى انصاف شهدائهم. ففي حال اعترفت الولايات المتحدة بالإبادة الارمنية، فانها حكما ستضغط على تركيا في اتجاه الاعتراف بالمجزرة والتعويض على الشعب الأرمني معنويا وبشريا تقول مديرة الهيئة الوطنية الارمنية في الشرق الاوسط فيرا يعقوبيان للكلمة اون لاين ما سيشكل انتصارا كبيرا. وما حصل مؤخرا تشير يعقوبيان الى ان لجنة الخارجية في الكونغرس الاميركي صوتت على المشروع الذي سيتقدم الى الكونغرس للتصويت عليه. والتعويض يعني ان تعترف تركيا علنا وتعتذر من ارمينيا على ما ارتكبته في العام 1915 مع اعادة الحقوق السياسية للشعب الارمني خصوصا الاوقاف التابعة للكنيسة الارمنية والاملاك التي كانت ملك الشعب الارمني عندما كان موجودا في شرق الاناصول حيث كانت تعيش الاغلبية الساحقة تشدد يعقوبيان لموقعنا.

الذكرى التي تطل رتابة في كل سنة مع ركود الملف، خرقتها رسالة تعزية من رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان للمرة الاولى في تاريخ الجمهورية. رسالة تلقفها البعض ايجابا بالخطوة التاريخية والإيجابية وأن إعلانها أمام الرأي العام العالمي قد يسهم الأتراك والأرمن في تحريك القضية إلى الأمام لكن بالنسبة للارمن كانت سيئة، وهي الى حد وصف يعقوبيان لموقعنا بانها استمرار لسياسة الانكار التي تنتهجها تركيا مع تشديد اردوغان على تشكيل لجنة مؤرخين للنظر في التاريخ، وانها رسالة يحاول من خلالها ان يخدع اردوغان حلفاءه في الغرب انما ليس الشعب الأرمني حينما قدم التعازي لكل الشعوب التي تضررت في خلال الحرب العالمية الاولى، فاردوغان حاول بهذه التعزية ان يساوي بين مآسي الشعوب التي ذكرها وهذا ليس بالعدل لانه بذلك ينكر دور تركيا في ارتكاب الابادة الجماعية بحق الشعب الارمني تضيف يعقوبيان فلو هناك بوادر ايحابية تلوح في الافق لكانت الحدود التركية مع ارمينيا فتحت وما حصل مؤخرا في مدينة كسب يدل الى ان العداء التركي للارمن لا يزال مستمرا وقائما لان ما حصل في المدينة كان بتسهيل ودعم مباشر من الدولة التركية التي سمحت بدخول المسلحين عبر حدودها وتهجير اهالي كسب الذين يبلغ عددهم نحو 3 الاف تقول يعقوبيان للكلمة اون لاين.

تعد مسألة إبادة الأرمن الجماعية مسألة مؤلمة في تاريخ الانسانية ويعتبر يوم الرابع والعشرين من نيسان يوما يتذكر فيه العالم بشكل عام والأرمن بشكل خاص مجازر اغتيل فيها مليون ونصف مواطن ارمني على يد الامبراطورية العثمانية. لذا فمهما فعل العثمانيون الجدد من أجل تغطية جرائم أجدادهم الا انهمما استطاعوا أن ينسوا العالم مجازرهم وانتهاكاتهم لحقوق الانسان.

خاص – جانين ملاح

موقع الكلمة اون لاين

Share This