الإبادة الجماعية للأرمن من جرائم الأتراك التاريخية

حلت أول من أمس الذكرى التاسعة والتسعون للمذابح الكبرى التى ارتكبها الأتراك بحق الأرمن، تلك المذابح التى بدأت يوم الرابع والعشرين من أبريل ١٩١٥، إبان الحرب العالمية الأولى، وأسفرت عن مقتل مليون ونصف مليون أرمنى.

بدأت المذبحة الكبرى باعتقال ٢٥٠ من وجهاء وكبار الأرمن فى أسطنبول صبيحة ذلك اليوم، ثم بدأت أكبر حملة لطرد السكان الأرمن من ديارهم وترحيلهم إلى خارج مناطق إقامتهم، هام ملايين الأرمن على وجوههم هربا من أعمال القتل الجماعى والسحل والتعذيب والاغتصاب التى مارستها القوات التركية، ساروا مئات الأميال فى مناطق جبلية وعرة دون ماء أو غذاء، وتعرضت قوافلهم لهجمات من عصابات وقطاع طرق أتراك أجهزت على أعداد كبيرة منهم.

أسفرت هذه الجريمة متكاملة الأركان عن فقدان مليون ونصف من الأرمن حياتهم، وتشتت من بقى منهم على قيد الحياة فى دول الجوار، منهم من لجأ إلى اليونان، وسوريا، ولبنان، ومنهم من جاء إلى بلادنا.

وتعد الجاليات الأرمنية من أكثر المجموعات البشرية إخلاصا للبلاد التى يقيمون فيها، والأكثر عملا واجتهادا وولاء للبلاد التى اكتسبوا جنسياتها، وأبدعوا فى مجالات التجارة والاستثمار والفن، وفى مصر توجد فئة من المواطنين من أصول أرمنية، تندمج فى المجتمع تماما، وأصبحت الأجيال الجديدة منها مصرية خالصة، اندمجوا فى المجتمع تماما.

وعلى الرغم من استقلال جمهورية أرمنيا عام ١٩٩١ عقب تفكك الاتحاد السوفييتى، وأصبح للأرمن جمهورية، فإن غالبية الأرمن فضلوا مواصلة العيش فى البلدان التى لجؤوا إليها على إثر المذابح التركية، وإن نسجوا روابط قوية مع بلدهم الأم، وعملوا على دعمه ومساعدته وتطوير علاقاته بالبلدان التى يعيشون فيها، بل استغلوا الجاليات الأرمنية الموجودة فى الدول الكبرى لمساعدة البلدان التى يعيشون فيها، على سبيل المثال عمل الأرمن المصريون على استغلال الأرمن الأمريكيين فى الدفاع عن ثورة الثلاثين من يونيو، كما استغلوا علاقاتهم الجيدة بروسيا الاتحادية من أجل دعوة موسكو لتطوير علاقاتها بمصر.

وفى الوقت الذى يعمل فيه أرمن مصر على الدفاع عن مصالح الدولة المصرية، تواصل تركيا، وريثة الإمبراطورية العثمانية، سياساتها العدائية ضد مصر، فأنقرة هى عاصمة الشر التى تحاك فيها المؤامرات ضد مصر والشعب المصرى، ورئيس الوزراء التركى أردوغان يتصرف كعضو فى التنظيم الدولى للجماعة أكثر من كونه رئيس وزراء دولة تدعى أنها أوروبية وترغب فى دخول الاتحاد الأوروبى.

لم ينس الأرمن أجدادهم الذين راحوا ضحية مذابح أجداد أردوغان، وواصلوا الدفاع عن قضيتهم فى العالم، سعوا لانتزاع اعتراف من العالم بمذابح الأتراك بحق الأرمن، ونجحوا فى الحصول على اعتراف ٤٤ دولة بهذه المذابح، ويستعدون من اليوم لإحياء مئوية المذابح فى ٢٤ أبريل من العام القادم، ففى ذلك اليوم سيمر قرن كامل على مذابح الأتراك بحق الأرمن، وفى تقديرى أننا لا بد من مواصلة دعم الأرمن فى الحصول على اعتراف تركى بهذه المجازر والمساهمة فى كشف الجرائم التاريخية التى ارتكبها «العثمانيون»، لا سيما أن أردوغان يفتخر بهذا التاريخ، ويطلق على سياساته الخارجية «العثمانية الجديدة» فى إشارة واضحة إلى الرغبة فى استعادة «المجد» العثمانى الغابر، فليس أقل من أن نسهم فى كشف جرائم هذا الماضى، لا سيما جرائم الإبادة الجماعية بحق الأرمن.

عماد جاد

التحرير

Share This