كلمة الدكتور أرمين مظلوميان خلال ندوة أقامها حزب المصريين الأحرار بمناسبة الذكرى الـ 99 للإبادة الأرمنية

أقام حزب المصريين الأحرار ندوة بمناسبة مرور 99 عاماً على إبادة الأرمن بمقر الحزب بالمهندسين.

وإليكم كلمة الدكتور أرمين مظلوميان ممثل عن الأرمن في مصر:

“من قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا.. صدق الله العظيم

عندما تردد البعض حيال قرار هتلر بابادة اليهود والغجر قال لهم: ومن الذى يتذكر الان مذابح الأرمن… وها نحن بعض مرور ٩٩ عاما على تلك المذابح وعلى اعتاب الذكرى المئوية عام ٢٠١٥ تصر الذاكرة الانسانية على التذكر والادانة واثبات خطا ما قاله هتلر.

٩٩ عاما مرت على تلك الايام المفجعة والتى بدات باوامر من بعض الحكام الظالمين باعتقال شخصيات ارمنية من المفكرين والادباء والمحاميين والسياسيين، الذين لعبوا دورا مهما فى تاريخ وحياة الأرمن والدولة التركية لعقود، وقد قتلوا جميعا باساليب وحشية.

اما جموع الشعب الأرمني فقض تعرضت لاول ابادة في القرن العشرين. فقد تم تهجير الأرمن وتمص هويتهم من جميع القرى والمدن التى كانوا يعيشون بها بشرق الاناضول، على امتداد ارمينيه التاريخية الواقعة تحت الحكم العثمانى فى تلك الفترة. وكانت نتيجتها مليون ونصف شهيد.

لا اريد هنا سرد احداث تاريخية ثابتة ومعروفة لدي الرأي العام و المتخصصين، ولكنى اريد التركيز على ظاهرة الانكار لتلك الاحداث المؤسفة والاصرار فى عدم الاقرار بحق الأرمن فى التعويض المعنوى والمادى.

وبدلا من التصالح مع ماضيها ، تلجا تركيا اليوم و هي الوريثة الشرعية للدولة العثمانية الى حملات تشويه وتشكيك وقلب الحقائق والترويج بان الأرمن هم من اعتدوا وقتلوا الاتراك.

الانكار لا يفيد، لكنه يعمق الجرح ويخلق مزيدا من الكراهية بين الشعبين الذين عاشوا بالجوار وتفاعلوا مع بعضهم البعض لعدة قرون، وشكلوا تاريخ المنطقة باسرها.

اما حيال التصريحات الاخيرة التى صدرت عن السيد اردوغان فهى لا توازى باى حال من الاحوال الجرائم الكبرى التى ارتكبت بحق الأرمن وما سببته من اضرار مادية وادبية لا تزال نافدة ومؤثرة تاثيرا فظيعا، لا تغمضه الا الافئدة المتحجرة ولا ينكره الا فصيل لا ينتمى للمجتمع الانسانى او النفس البشرية . فالجرح غائر والانكار جائر والنزف الذى بدأ قبل قرن من الزمان مستمر، وبدل من الاقرار على الاقل بحقيقة ما جرى والكشف للمجتمع الانسانى الدولى عن الفظاعات، تحدث البيان عن سياق اخر واختصر كل ما جرى بحق الأرمن فى تركيا انه مجرد ابعاد للارمن فى ظروف قاصية اثناء الحرب العالمية الاولى فى جميع الاوجه و الى الدول العربية المجاورة ومنها مصر، فانه يكفينا فى هذا المقام ان نذكر العالم ان حتى جريمة الابعاد فهى احد الجرائم ضد الانسانية.

ولكني ارى بادرة امل فى الافق، فهناك تغيير ما يحدث فى السنوات الاخيرة فى الاوساط التركية من قبل الباحثين والمؤرخين والمثقفين الاتراك، اذ اطلق العديد من كبار الكتاب والمجتماعات المدنية والحقوقية حملة تضامنية مع ضحايا الابادة الأرمنية وطالبوا الحكومة التركية بتقديم اعتذار رسمى للشعب الأرمنى. وقد وقع عشرات الالاف على بيان الحملة الذى كان بمثابة رسالة الى الراي العام التركي مفادها “ان البقاء من دون احساس تجاه الكارثة الكبرى الذى تعرض لها الأرمن عام ١٩١٥ وانكارها امر لا يمكن لضمير ان يقبله”.

اذا القضية تحتاج الى بادرة شجاعة وقدر من الوعى و النضج الحضارى والسياسي من قبل القادة بتركيا لاتخاذ تلك الخطوة الجريئة بالاعتراف بالخطا والتعويض المعنوي والمادي للشعب الأرمني. وهذا ما نتوقعه ايضا من الضمير الانسانى والمجتمع الدولى وخاصة من الدولة المصرية العريقة.

وفعالية اليوم من قبل القائمين على حزب المصريين الاحرار يمثل خطوة مهمة نحو هذا الاعتراف الذى ننتظره جميعا من مصر، فجر الضمير الانسانى، مصر الحضارة، مصر قبول الاخر. مصر التى احتضنتنا من قديم الزمن واصبحنا جزء من نسيجها الوطنى والثقافى والسياسى. ومن هذا المنبر اناشد البرلمان المصرى القادم بتبنى مشروع للاعتراف بالابادة الأرمنية واقامة نصب تذكارى لشهداء الأرمن على الارض المصرية.

وفى الختام اتوجه بخالص الشكر بالاصالة عن الأرمن المصريين الى حزب المصريين الاحرار على هذة المبادرة الرائدة وشكرا”.

Share This