تاريخ الأرمن في الموصل.. العوائل الموصلية استقبلت الأرمن بسلال من الخبز والحلاوة

Musul-church

رغم قلة الدراسات عن تاريخ الأرمن في العراق إلا أن مقالات الباحث والموسوعي د. سيّار الجَميل تأتي لتكون من أهم الدراسات التي تناولت الأرمن العراقيين، حيث أكد سيار أن الأرمن جزء حيوي في بنية المجتمع العراقي الذي نتدارس اليوم تشكيلاته بكل ألوانه وأطيافه التي ينبغي تدارسها بمنتهى الموضوعية والحيادية والأمانة العلمية وبمنهجية واضحة والاعتماد على مصادر موثوقة لا مراجع تافهة. ويوضح أن الأرمن، شعب عريق ينتمي إلى الآريين، وقد عرفوا في المناطق الشرقية والوسطى من آسيا الصغرى منذ الألف الثالثة ق.م.

وقد تعرّضوا إلى تحديات كبرى سواء من خارج مملكتهم، ولعل أشهر المجازر، تلك التي حدثت بحقهم بين 1894- 1896 إبان حكم الدولة العثمانية، تلتها مجازر 1915-1923 والتي انتهت بتأسيس الجمهورية التركية على يد الغازي مصطفى كمال أتاتورك. لقد تشّرد الآلاف من الأرمن في بلدان عدة من الشرق الأوسط، وخصوصا العراق وسوريا ولبنان ومصر .. لقد وصل عدد الأرمن في العراق بعد المجازر المريعة التي تعرضوا لها إلى 25-30 ألفاً.. وسكن الأرمن المُهجًّرون في البدء مدينة الموصل، ونزح قسم منهم إلى بعقوبة، ثم سكنوا في منطقة نهر عمر قبل أن يقطنوا مناطق مختلفة في العراق، فيما هاجر قسم آخر منهم إلى خارج العراق.

ويقول سيار إن الغالبية العظمى من الأرمن العراقيين اليوم هم أحفاد وأولاد أولئك القدماء من القاطنين الأوائل، أو من صلب هؤلاء المُهجًّرين الجدد الذين أصبحوا عراقيين بعد أن توطنّوا العراق وعشقوا الحياة العراقية وعملوا من اجل تطوير اقتصادياته المتباينة. ويتراوح عدد الأرمن في العراق حالياً بين 18-20 ألف نسمة يسكنون بغداد والبصرة وكركوك والموصل وزاخو ومناطق أخرى من العراق. ونقلا عن السيدة دكرانوهي طوقاتليان يوضح سيار أن أمها التي وصلت مع المهاجرين المشردّين حكت لها، وكانت شاهدة عيان بأن المهاجرين الأرمن عندما وصلوا إلى الموصل، استقبلتهم العوائل الموصلية بسلال من الخبز والحلاوة.

وقد ورد في تاريخ العراق أسماء عدة ملوك وحكام حكموا العراق، وكانوا من أصول ارمنية منذ القدم ، وصولا إلى العصور الوسطى، وخدم بعضهم مع القادة العرب المسلمين، وكانوا من الأمراء الأرمن الذين عرفوا بمصداقيتهم ونزاهتهم وأنشطتهم التطبيقية في كل الميادين.

ويذكر أن أصل كل من السلطان بدر الدين لؤلؤ حاكم الموصل في القرن الثالث عشر الميلادي كان ارمني الأصل،

كما يشير الى أن أول هجرة للأرمن إلى العراق كانت من مناطق إيران إلى البصرة فبغداد، ثم الموصل في بدايات القرن السابع عشر.

ويذكر سيار كم استقر من الأرمن في الموصل والبصرة خصوصا في القرن الثامن عشر وشاركوا العراقيين معاناتهم مرورا بالقرنين التاسع عشر والعشرين. ومع وجود بقايا من الأرمن العراقيين منذ القدم، إلا أن العراقيين استقبلوا الأرمن النازحين منذ بدايات القرن العشرين، وكانوا حماة لهم بعد أن نفروا خفافا وثقالا اثر المذابح الدموية التي تعرضّوا لها في شرق تركيا وخصوصا في العام 1915.

وتجدر الاشارة الى رأي الرحالة الانكليزي جاكسون عن أن الأرمن هم الذين كانوا يتحكمون في الاقتصاد والتجارة في بغداد، وأن النحاس الذي كان يبعث من قبل التجار الأرمن من الموصل الى بغداد والبصرة كان من النوع نفسه الذي يجري صنعه في انكلترا.

وعن مشاهداته في الموصل يقول ان الأرمن الموجودين في الموصل كانوا يبعثون عن طريق دجلة بكميات كبيرة من النحاس تنقل في أرماث من الأخشاب التي تشد إلى بعضها بعضاً ومتى وصل الرمث إلى بغداد بيعت أخشابه فيها لأنها جد نادرة هناك ومن ثم يشحن النحاس إلى البصرة في سفن شراعية ..

كما يشير سيار في بحثه الى وجود كنيسة قديمة للأرمن في الموصل. أما عن مدارس الموصل، فيقول أنه هناك مدرسة قديمة خاصة باسم مدرسة الأرمن بالموصل وتقع في الدواسة قرب حديقة الشهداء. وكانت هذه المدرسة الخاصة قد بنيت بجهود أرمنية، بنيت بالتبرعات الأرمنية آنذاك لحين أن تمّ تأميمها، وكان مديرها اردافارست ومساعده خاجيك..

ملحق أزتاك العربي للشؤون الأرمنية

Share This