لا يحق لتركيا التدخل في انتخاب البطريرك

Harut Sasunoian

Harut Sasunoian

بالرغم من أنه يفترض على معاهدة لوزان أن تحمي حقوق الأقليات غير المسلمة في تركيا -كالأرمن واليونان واليهود- لكن يتم انتهاك تلك الحقوق باستمرار من قبل الحكومة التركية.

الأرمن في تركيا يخافون من غيظ الحكومة، فلا يجرؤون الاعتراض على الانتهاكات المستمرة ضد حقوقهم المدنية. والأسوء، أن الأرمن في استنبول يدعون مسؤولين أتراك للتدخل في شؤون الجالية من أجل تسوية نزاعاتهم الداخلية والشخصية.

والمثال الأخير للتدخل الصارخ كان انتخاب البطريرك آرام أتيشيان كنائب بطريركي بعد أن أجمع الأطباء على تشخيص الحالة الصحية لبطريرك الأرمن الحالي في تركيا ميسروب موتافيان بأنه مصاب بالخرف.

قبل ستة أشهر، وبعد تأخير سنتين حيث كان الكرسي البطريركي شاغراً بسبب حالة البطريرك ميسروب، فطلب المجلس الديني للبطريركية من الحكومة التركية الأذن بانتخاب نائب بطريركي. وحينها أنشأ المجلس الديني للبطريركية لجنة انتخابات لتنظيمها حال موافقة أنقرا.

والذي عقد الأمور، أن لجنة الانتخابات تخطت سلطتها وأرسلت رسالة الى المسؤولين الأتراك لطلب الموافقة على انتخاب بطريرك جديد بدلاً من نائب بطريركي.

خلفت تلك المبادرتان أكبر خطأ في دعوة الحكومة التركية للتدخل في الشؤون الدينية الداخلية للجالية الأرمنية. وبالاضافة الى ذلك، تعارض الطلبان مع تقاليد 600 عاماً للبطريركية وتطبيق عدم وجود نائب بطريركي بخلاف الكرسي المقدس في إتشميادزين وكاثوليكوسية كيليكيا وبطريركية الأرمن في القدس. كما كان طلب انتخاب بطريرك جديد غير لائقاً حيث أنه لا يمكن انتخاب بطريرك جديد بوجود البطريرك الحالي حياً، طالما البطاركة ينتخبون الى الأبد.

انتهزت الحكومة التركية الانشقاق في الجالية الأرمنية وردت أخيراً في 29 حزيران بالسماح لانتخاب نائب للبطريرك ولكن ليس نائباً بطريركياً أو بطريركاً جديداً. وبهذه الخطوة ينتهك المسؤولون الأتراك الحقوق الدينية للجالية الأرمنية، ولأجل السخرية جاءت بطلب من الجالية نفسها.

بإقرار نائباً بطريركياً يمثل البطريركية تكون الحكومة التركية قد أضعفت المكانة التاريخية لتلك المؤسسة. وبما أن البطريرك ميسروب عاجز عقلياً وليس جسدياً يمكنه العيش سنوات طويلة، بينما يتم قيادة البطريركية من قبل نائب بطريركي. وهذا الاحتمال يمكن أن يخدم مصالح تركيا التي ترغب دائماً بتفريق الأرمن عبر معوقات بيروقراطية وتحرمهم من بطريرك منتخب يتم انتخابه بشكل حر.

وخلال 48 ساعة من المرسوم الحكومي قام المطران أتيشيان الذي كان يدير البطريركية في الواقع كرئيس لـ26 عضو في المجلس الديني بدعوة للاجتماع الذي انتخبه بالاجماع كنائب بطريركي. لم يعطى لأي رجل ديني آخر الفرصة لطرح ترشيحه لذلك المنصب.

بينما يبقى الأرمن في العالم في صمت، باستثناء كبير الأساقفة في ألمانيا المطران كاريكين بيكجيان وعدد من الأرمن الشجعان في استنبول الذين تجرؤوا لرفع صوتهم للاعتراض، قامت لجنة الانتخابات التي حلتها الحكومة التركية برفع دعوى قضائية ضد قرار أنقرا وطالبت بانتخاب بطريرك جديد وليس نائب.

الى أين نحن ذاهبون؟ ماذا يجب أن نفعل؟ ينبغي على رجال الدين الأرمن والقادة المدنيون خارج تركيا أن يعارضوا التدخل التركي في الشؤون الداخلية للكنيسة الأرمنية وخرق معاهدة لوزان.

الأهم من ذلك، ينبغي على الأرمن في تركيا أن يتوحدوا ويعلنوا أن منصب النائب البطريركي هو تدبير مؤقت وليس حلاً طويل الأمد. ينبغي على الجالية الأرمنية أن تنظم، ودون أن تسأل موافقة أنقرا، انتخابات جديدة لانتخاب نائب للبطريرك يمكنه أن يصبح بطريركاً لاحقاً بعد انتقال البطريرك موطافيان العاجز الى رحمته.

سواء قررت الجالية الأرمنية انتخاب بطريركاً جديداً أم نائباً بطريركياً فهذا شأنها، وليس شأن السلطات التركية. من المهم أن تلتئم الجالية الأرمنية في استنبول حول موقف مشترك وتتفادى انشقاقات أخرى. إن أضحت الجالية الأرمنية المحلية موحدة وحصلت على دعم الأرمن والآخرين في العالم فإن الحكومة التركية التي تتفاخر بنظامها العلماني والديموقراطي ستتردد أكثر في التدخل السياسي في الشؤون الدينية للأقلية الأرمنية.

هاروت صاصونيان

رئيس تحرير “كاليفورنيا كوريير”

20 تموز 2010

Share This