سطور بين السياسة والتاريخ

وانا أقرأ في الكتاب قدرت ان المؤلف يوازي بتأثيره ودوره حجم وتأثير وزارة الاعلام في جمهورية ارمينيا المستقلة، فالمعارك التي خاضها والمقالات التي كتبها، تشرح وتفند وتوضح مآسي الارمن خاصة تجاه تركيا.

لكن ما لفتني هي التعليقات التي اوردها وراء كل مقال كتبه، عن الاسباب والدوافع وعن الخلفية، لدرجة انني كنت اذهب مباشرة لقراءة التعليق قبل العودة الى المقال، فالفضول يدفع صاحبه الى معرفة ماذا وراء المقال اكثر من المقال نفسه.

الكتاب فيه جهد فني عال جداً، مبوب بطريقة سهلة وممتعة، الصورة والعنوان جاءا في مواقعهما المناسبة، لا تمل منه، يشدك الى قراءته.

تتعرف على المشكلة الارمنية من اساسها، لماذا الخلاف على جبل ارارات؟ ما وجهة نظر ارمينيا والارمن تجاه النزاع في اقليم «قراه باغ». يعني لو صدرت صحيفة ارمينية او تفرغ سفير ارمينيا لايصال صوت الارمن الى العالم لما نجح مثلما نجح الكاتب كارو قيومجيان (افضل اسم كارو على اسم كيراكوس).

إضافة وليس تجميعا

ظننت للوهلة الاولى عندما اهداني الزميل قيومجيان الكتاب انه اعادة لمقالات منشورة وقلت في نفسي لماذا العناء والتعب من قراءة كتاب عبارة عن تجميع مقالات سبق نشرها؟ لكنني اكتشفت انني مخطئ، فقد اضاف اليها مادة ومعلومات توازي ضعفي قيمة المقال، وهو ما جعلها ممتعة وغنية بالمعلومات. عدا عن حرصه على التوثيق وايراد التواريخ والوقائع والمعلومات.

طرف.. لكنه موضوعي

الكاتب ليس محايداً بالتأكيد، فهو طرف مباشر كونه من الأرمن، وهذا ليس عيباً ولا ينقصه بشيء، انما تحترم كتاباته بسبب موضوعيته والتزامه بأدب الحوار الراقي والرفيع دون تجريح أو تحريض أو اهانة، يعرض وجهة نظره بأمانة وصدق وأدب، وهذا ما يفرض عليك احترامه كقارئ.

نجح قيومجيان بمرافعته عن قضايا الأرمن مثل نجاحه باخراج الكتاب بحلة فنية محببة وجميلة، فقد وظف الصورة في مكانها الصحيح تماماً، وترك مساحات بيضاء بين الصفحة واختها ترتاح فيها العين والنفس.

علاقته بالكويت

يرى العالم والأحداث من حوله بعيون أرمنية من واقع معاناته والشعور الذي ينتابه من الداخل كونه تعرض للقتل والاضطهاد والابادة، لذلك جاءت معظم المواد المنشورة وغير المنشورة عن شؤون ارمنية أو لها علاقة بالأرمن، عدا بعض الموضوعات العامة بالشأن الكويتي والعربي والعالمي، وان عرفت من كتاباته انه مقيم في الكويت منذ زمن طويل وتربطه علاقة خاصة بالفنان الراحل ناجي العلي، فهو متابع لرسوماته وانجذابه اليه لما يمثله ويعبر عنه بخصوص الشعب الفلسطيني وقضاياه كشعب مشرد ولاجئ يشكو من الكثير ممن حوله.

الرسالة وصلت

أضاف صفحات في المقدمة وفي آخر الكتاب باللغة الارمنية، لم أعرف ما فيها لجهلي بتلك اللغة، وسيرته المختصرة جداً التي يشير فيها الى انه مولود في حلب عام 1946ومقيم في الكويت.

ثلاث كلمات استهل بها كتابه عن وزير خارجية ارمينيا السابق وعن ابراهيم الخليل (أديب وكاتب) وعن الشاعر الأرمني طوروس طورانيان.

أول كتاب يصدر للمؤلف، الذي اختار ان يسخر قلمه وأفكاره وموهبته في الكتابة عن معاناة شعبه، وجدان تلك المقالات أشعرته بالبهجة لأنه استطاع ايصال قضية الشعب الأرمني الى الآخرين.. وتلك رسالته.

حمزة عليان

القبس الكويتية

Share This