صور حفظتها ذاكرة التاريخ لضحايا الحرب والإبادة..

صورة التركي الذي يحمل قطعة خبز يستفز بها أطفال الأرمن

أشار موقع “العربي الجديد” تحت عنوان “حتى لا ينتصر العدو إعلامياً” بقلمفاطمة شحادة من فلسطين، أن أكثر من صورةٍ، حفظتها ذاكرة التاريخ لضحايا الحرب والإبادة والكوارث الطبيعية، إلا أن الصور التي خُلّدت كانت لأشخاص على وشك الموت، أو نجوا من الموت بأعجوبة، صور تحمل تشكيلاً للحياة قبل الموت، أو بعد النجاة منه.

من تلك الصور التي يذكرها العالم، إلى الآن، صورة لمسؤول تركي، يحمل قطعة خبز يستفز بها أطفال الأرمن الذين يتضورون جوعاً، إبان الإبادة الجماعية للأرمن، مطلع القرن العشرين، وصورة فتاة فيتنام الشهيرة التي ركضت عارية، والنار تشتعل من خلفها، بعد أن ألقت القوات الأميركية إحدى القنابل على منزلها.

حتى أكثر صور الهولوكوست انتشاراً وتخليداً، في المتاحف اليهودية، هي صورة لنجاة أو هروب أم وطفلها من مخيمات النازية، أو صورة تسجل لحظات ما قبل إطلاق النار على أحد اليهود، وهو مكتف اليدين ومعصوب العينين، وليست صور المحرقة أو المقابر الجماعية.
في الذاكرة الفلسطينية، حفظ العالم صورة محمد الدرة، الطفل الذي قتل في حضن والده، وصورة الطفل فارس عودة الذي استشهد مواجهاً مدرعة عسكرية، تزن أطناناً من الفولاذ والبارود. أما اليوم، وفي أثناء العدوان الجاري على غزة، اعتمد الفلسطينيون، ومعهم العرب، على نشر صور القتل والدم والوحشية الإسرائيلية، في محاولة منهم لفضح آلة القتل الإسرائيلية، فهل أخطأ الفلسطينيون في اعتماد هذا المستوى من الصور!

مقارنة بسيطة بين أسلوبي الدعايتين، الإسرائيلية والفلسطينية، توضح أن إسرائيل استخدمت أسلوباً يعتمد على جلب التعاطف الدولي معها لتبرير مجازرها، فيما استخدم الفلسطينيون أسلوب الهجوم على إسرائيل الذي استغلته في دعايتها، مستخدمةً أسلوباً يعتمد على محاكاة العاطفة الغربية، على عكس الفلسطينيين الذين استخدموا أسلوباً يميل إلى تضخيم قوتهم، وهم المستضعفون.

لقد اعتمدت إسرائيل في دعايتها ما يعرف بِأسلوب “appeal to pity”، وهو يعتمد على مخاطبة عاطفة المتلقي أو المشاهد. على سبيل المثال، في مقابلة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على قناة “CBSnews” الأميركية، الأسبوع الماضي، خاطب المشاهد الأميركي: “تخيلوا لو أن الصواريخ تجتاح مدن الولايات المتحدة في لحظة واحدة! أو كيف سيستطيع الشعب الأميركي العيش مع صوت صفارات الإنذار، ويبقى في الملاجئ، حماس هدفها القضاء على اليهود، أينما كانوا، ومحي إسرائيل من الوجود، إسرائيل تستخدم الصواريخ لحماية شعبها، أما حماس فتستخدم شعبها لحماية الصواريخ! نحن لا نستهدف المدنيين، لكن حماس هي من تطلق الصواريخ من أماكن سكنية!”. بعد سماع المتلقي، أو المشاهد، كل تلك الادعاءات الكاذبة، لا يهتم لما يحدث على الجانب الآخر، إسرائيل قتلت مائة فلسطيني، هذا حقها للدفاع عن نفسها! إسرائيل هدمت مائة منزل، غير مهم، فإسرائيل تفعل ذلك للدفاع عن نفسها. والملاحظ، دائماً، أن إسرائيل تلبس ثوب الضحية، قبل الحديث عن عدوها، بغض النظر من يكون، لكسب التعاطف، ولكي تبقى دائماً المستضعفة في عين الغرب، على الرغم من قوتها وأسلحتها المتطورة.

في المقابل، يستخدم الفلسطينيون أسلوباً يعكس قوة غير موجودة “appeal to force”، أي أسلوب الهجوم. على سبيل المثال، بدلاً من عرضهم صور الصهاينة فرحين بقصف غزة وموت الأطفال فيها، نشر الفلسطينيون صور الإسرائيليين، وهم مرعوبون في الملاجئ، كما تم عرض صور لأطفال، وهم يرقصون فرحاً بقصف تل أبيب وحيفا، مع أنه كان يجب تحييد الأطفال، حتى لا يتم اعتماد صورهم في الدعاية الإسرائيلية على أنهم “إرهابيون صغار”.

الفلسطينيون في دعاياتهم يساعدون في نشر الادعاءات الإسرائيلية، فبدلاً من نشر صور تُوجَّه إلى الشارع الغربي، تُظهر ضعفهم وقوة الاحتلال وجبروته، يعمدون إلى تضخيم القوة الفلسطينية الذي هو ضرورة محلية وعربية، وليس ضرورة في التوجه إلى الشارع الغربي، فالمساواة والمقارنة بين صاروخ محلي الصنع وطائرة إف 16 أمر خطير جداً، ويضعف الموقف الفلسطيني.

Share This