فرعون من عصرنا

ذكرت جريدة “جمهورييت” التركية أنه يتم تشييد مدفن على مساحة 58 ألف متر مربع في قرية اسبارتا مسقط رأس سليمان ديميريل الرئيس التاسع في تركيا، والبالغ من العمر 90 عاماً.

وذكرت الجريدة أنه سيتم بناء 9 بحيرات حول المدفن، إشارة الى السنوات التسع لرئاسته, حيث زار الرئيس الأسبق لتركيا المدفن المستقبلي، وأعطى موافقته للأعمال التي تقوم بها الشركة المنفذة برئاسة شقيقه. ومن المزمع أن يكون المكان جاهزاً في نهاية هذا العام.

عرف الرجل السياسي، والذي شغل منصب رئيس الوزراء 7 مرات، بمقولته الشهيرة بعد تغيير موقفه من قضية ما “البارحة هي البارحة، أما اليوم فهو اليوم”. ويبدو بذلك أنه يفكر بالغد، فيذكرنا بفراعنة مصر القدماء الذين كانوا يبنون مدافنهم وهم على قيد الحياة ويتابعون تشييدها.

كان الفراعنة يبنون الأهرامات التي تضم مدافنهم من أجل الحياة الأبدية، وتدل أحجام الأهرام على سلطة الفرعون وثروته، وربما على قوة البلاد ومجدها. لكن لا يمكن تفسير الأمر ذاته على ديميريل. ربما هو ثري لكنه لايملك أية سلطة.

إن هدف ديميريل الملقب بالـ”بابا وتشوبان سولو” (الراعي سليمان) ليس تخليد ذكراه، لأن المطار والجامعة في اسبارتا تحملان اسمه، وكذلك الملعب الرياضي في أنطليا، والمركز الطبي في أرزروم. والأكثر من ذلك، شارعان الأول في اسطنبول والثاني في موغلا يحملان اسمه.

وأن تكون مساحة مدفنه أكبر بمرتين من مساحة مدفن مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في أنقرة، يدفعنا الى التساؤل: هل ديميريل يريد أن يقول بأنه شخصية سياسية أكبر وأكثر تأثيراً من أتاتورك في تركيا الجمهورية ؟

مهما كانت الاجابة على هذا السؤال، ثمة أمر واضح، هذه الخطوة التي يقوم بها إن لم تشهد على سقوط الأتاتوركية، فهي على الأقل تدل على ضعفها الشديد. وهو لم يجرؤ على القيام بمثلها خلال فترة توليه المنصب.

لذلك ما يفعله هو ببساطة غطرسة، لا أكثر ولا أقل، وفي أفضل الأحوال، إنها بدعة ليأخذ أمواله معه. وهنا يطرح السؤال نفسه: إن كان مدفن ديميريل بهذا الحجم، فكم سيكون مدفن السلطان أردوغان أكبر وأفخم؟.

فاهرام إيميان

محرر في صحيفة “أزتاك” الأرمنية

بيروت

Share This