الحنين للاستعباد العثماني

د.موفق محادين

فيما يواصل المثقفون والأدباء والفنانون الاتراك حملتهم على تاريخ الحرملك والجواري والسبايا العثماني، ثمة مثقفون عرب يدافعون عن هذا التاريخ وينتظرون عودته على أحر من الجمر..

ولا يرون في هذا التاريخ إلا عامل توازن او ردع طائفي “هلال سني” مقابل “الهلال الشيعي”، ولا يفكرون للحظة لماذا لا نستعيد الخطاب القومي العربي في مواجهة كل الاشكال والتعبيرات المذهبية من أية جهة كانت، اسطنبول أو قم.

وفي الحقيقة، فإن الحنين الى الاستعباد عموما واستعباد قوى رجعية مثل الدولة العثمانية، ليس خاصا أو حكرا على هذه الثلة من العرب، ولا على حرملك بعينه مثل الحرملك العثماني.

فعلم النفس يقارب هذا الموضوع فيما يعرف بـ النيكرو فيليا أو اشتهاء الموتى، ومثل ذلك مقاربات تعيده إلى الغرائز الجمعية الكامنة عند القطيع، كما فعل ديزموند في كتابه القرد العادي، ويقصد “الانسان القطيع”، وقد وجدت هذه المقاربات تعبيرات نظرية وأدبية وثقافية ونقدية عند العديد من الأدباء والكتاب مثل فرويد دوستويفسكي واوريل وغالب هلسا وفرانز فانون وعبد الكبير الخطيبي وغيرهم…

وحسب اريك فروم ويونغ، فالظاهرة ميكانيزم او “حالة دفاع” سيكولوجية غير مباشرة لدى الشخصيات القلقة التي تخلط بين عالمها الخاص المضطرب والهوية المفقودة او “الاسم العربي الجريح”.

إن اشتهاء الموتى، هو اقرب الى حالة الندم في ثلاثية فرويد “الخطيئة والعقاب والندم”، ويقصد على وجه التحديد الندم على قتل الاب في الثقافات البدائية، وكان الاب ابرز تعبير عن السلطة وغنائمها من الحرملك واللحم، والمفارقة هنا ان الاب الذي يغيب ويظهر على نحو دائري يشبه دورة الاله الوثني القتيل، تموز، يواصل اللعبة نفسها بالاستحواذ على اللحوم والنساء قبل ان يحل خريف الابناء..

وعلى الاصدقاء الذين ينتظرون صعود الاب العثماني من صندوق الاقتراع، ان يتذكروا ان اللعبة لا تسمح لهم اولا الا بالقليل من المؤونة مقابل الكثير من المديح، لقبر بارد وأب ينهض على أبواق يهود الدونمة.

العرب اليوم

Share This