“الوطن” المصرية على حدود أرمينيا.. جغرافيا شاهدة على مذابح الأتراك


الأرمن يتمسكون باستعادة جبل أرارات الذي رست عليه سفينة نوح.. والمذابح تغذي حلم الاستقلال

منطقة حدودية جبلية، تغطي مزارع العنب معظم مساحتها، حيث تشتهر أرمينيا بصناعة النبيذ على مر التاريخ، وتخترق هذه المساحات الأسلاك الشائكة، التى تفصل بين أبراج مراقبة القوات التركية، والوحدات العسكرية التابعة للقوات الأذربيجانية.
100 كيلومتر فقط يقطعها أهالي العاصمة الأرمينية يريفان، للوصول إلى الحدود الملاصقة لأراضيهم المحتلة، فمنذ ما يقرب من 100 عام، بعد المذابح التى نفذتها تركيا «العثمانية» ضد عرقهم الأرمني، والتهجير القسري للمواطنين، هناك أماكن ما زالت راسخة فى وجدان الشعب الأرمنى، الذى لا يتجاوز 3 ملايين نسمة، أما الباقون فقد تشتتوا فى أنحاء العالم إثر الإبادة، كانوا يسكنون 6 ولايات فى منطقة شرق تركيا، لكنهم فروا من المذابح إلى الدول العربية، التى احتضنتهم لـ100 عام، وما زالت.
“لا تقترب أكثر من ذلك، القناصة ينتظرونك”، جملة تحذيرية أطلقها خاتشيك، المواطن الأرميني، مؤكداً أن من يقترب من الحدود الأذربيجانية يدخل منطقة القنص، وأشار بيده إلى ساتر على طول الطريق، يبعد كيلومترات عن حدود أذربيجان داخل الحدود الأرمينية، ويقول إن الأرميني يسير خلفه مطمئناً، دون أن تخترق جسده رصاصات القناصة الأذربيجانية، حتى يصل إلى كنيسة خور فيراب، الواقعة على الحدود الأرمينية التركية، لزيارة الأماكن المقدسة.
واصلنا طريقنا تجاه الحدود الأذربيجانية باتجاه منطقة «ناخيتشيفان»، رغم تحذيرات خاتشيك، حتى قاطعتنا القوات الأرمينية: «ما الذى أتى بكم إلى هنا. أنتم الآن تحت أعين القناصة الأذربيجانية»، ونصحوا بعدم التقاط الصور تجنباً للاستهداف، وبسرعة العودة.
يعود أصل الأزمة بين أرمينيا وأذربيجان إلى جمهورية «ناجورنو كاراباخ» ذات الأغلبية الأرمينية، التي ضُمت لمقاطعة أذربيجان فى فترة تفكيك الاتحاد السوفيتي، وسعت وقتها إلى الحكم الذاتي، وعلى أثر ذلك اندلعت الحرب بينهما، لرفض أذربيجان انفصال كاراباخ، قبل أن تنفذ أذربيجان مذابح «سومغاييت» فى 1988، فضلاً عن تهجير 400000 مهاجر أرمينى إلى كاراباخ وأرمينيا، وما زالت المناوشات الحدودية مستمرة حتى الآن بين أذربيجان وكاراباخ، التى تمتلك برلماناً ورئيس جمهورية بدعم كامل من أرمينيا.
“أرارات”، جبل شاهق الارتفاع تغطي الثلوج ثلثه العلوى، وتمر من جانبه السحب، ويفصل بينه وبين الحدود الأرمينية 5 كيلومترات، ويقع فى نطاق الـ40% من الأراضى التركية التى يطالب الأمن بضمها لأرمينيا، لأنهم هُجّروا منها قبل مائة عام، وقبل أن يباد مليون ونصف المليون أرمينى. «من هنا بدأ الإنسان».. هو معنى كلمة «أرارات»، هكذا أوضح الأرمينى «خاتشيك»، موضحاً سر تمسك الأرمن بأراضيهم المحتلة، حيث رست عليه سفينة نوح منذ آلاف السنين، وقال إن الشعب الأرميني يطلق على كثير من الأماكن هذا الاسم، لأن الجبل يقع داخل الدولة الأرمينية الكبرى، بحسب تعبيره. لا يخلو شارع فى أرمينيا من اسم «أرارات»، المحلات والمطاعم والفنادق، كما يطلق الاسم على أقدم وأجود مصانع النبيذ فى العالم، حيث تشتهر أرمينيا بزراعة العنب من أجل صناعته، ما يعد ذلك دليلاً على اعتزاز الأرمن بالاسم.
وعلى يسار جبل أرارات، وبجوار مزارع العنب المنتشرة فى المكان، تقع منطقة «ناخيتشيفان» داخل الأراضي الأذربيجانية، التي يعتبرها الأرمن ضمن المناطق المحتلة بعد التهجير، حيث تحمل المنطقة أيضاً خلفية دينية، ووفقاً لما قاله «خاتشيك» فإن «ناخيتشيفان» تعنى المنطقة الذى نزل منها لأول مرة نوح من السفينة على اليابسة، لذلك تعد المنطقتان من المواقع المهمة لدى الأرمن. وتقول وزيرة الهجرة والمغتربين الأرمينية، هرانوش هاكوبيان، عن المنطقة: “إن الثقافة العالمية بدأت من المنطقة التي رست بجوارها سفينة سيدنا نوح، فهو أول رجل نزل من السفينة، وعليه فقد كانت أرمينيا مدخل الثقافة”.
http://www.youtube.com/watch?v=UQEX33El9ms

Share This