الخطر العثماني رباعي الدفع

د. موفق محادين

لن نتحدث عن قاعدة انجرليك الامريكية في تركيا، التي تدحض الخطاب التركي الرسمي السائد وبكائياته عن ما يسمى الربيع العربي..

ولن نتحدث عن خليط المذاهب والحركات الصوفية التي تدحض الإدعاء التركي بانه ممثل اهل السنة والجماعة، بل ان العلويين بالمعايير “الصرفة” للمذاهب اكثر من “السنة” في تركيا التي يغلب عليها خليط من الحنفية والبكتاشية..

ولن نتحدث عن الفساد العائلي في محيط الفريق الحاكم، ولا عن تواطؤ البنك وصندوق النقد الدوليين مع هذا الفريق وسياسات القروض والتسهيلات العقارية وغيرها لاظهار الاقتصاد التركي على ما هو عليه من فقاعات مالية… الخ.

ما يهمنا هنا، هو الابعاد السياسية التي تعول عليها الادارة الامريكية في اسطنبول وانقرة وهي الابعاد التالية:-

البعد الاوراسي، البعد الاوروبي، البعد الاسيوي، البعد الشرق اوسطي والعربي، فما من دولة يمكن ان تؤمن لواشنطن هذه الابعاد مجتمعة كما تؤمنها تركيا:-

1.البعد الاوراسي، وهو حسب المفكر الاستراتيجي الامريكي ، بريجنسكي، البعد الاول والاساسي في علاقة امريكا مع تركيا، إذ يرى أن مستقبل العالم يتشكل في هذه المنطقة، قلب العالم او الهارت لاند، التي تسيطر عليها روسيا والتي تزداد قوة مع البريكس “الصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا”.

ويدعو بريجنسكي الى تطويق روسيا والصين بحزام اسلامي اخضر، ناعم وخشن، مركزه تركيا وتحديدا تركيا العثمانية لغايات توظيف الاسلام السياسي لهذا الدور، فكما كان ضد روسيا الشيوعية سابقا يمكن أن يكون، ضد روسيا القومية الارثوذكسية لاحقا..

2.البعد الاوروبي، حيث يصف بعض الالمان تركيا بحصان طروادة الامريكي الذي يحاول اقتحام النادي الاوروبي لمصلحة واشنطن، ويعول الامريكيون كما الاتراك على الدور المتزايد للجاليات التركية والاسلامية في اوروبا من أجل لعب دور فيها لاحقا، حتى ان مدنا مثل بروكسل قد تصبح ذات اغلبية اسلامية في غضون عقدين.

3.البعد الاسيوي، فمقابل الدور التركي ضد روسيا في اوراسيا وضد اوروبا، يعول الامريكيون على تركيا في اسيا ضد ايران، مستفيدين من الدور المذهبي – القومي المركب لتركيا، فحيث لا تستطيع ان تلعب دورا مذهبيا كما في اذربيجان الشيعية، يمكنها ان تلعب دورا قوميا “معظم سكان اذربيجان من اصول تركية” وهكذا.

4.البعد الشرق اوسطي والعربي، وفيه يتجاوز التكامل التركي – الاسرائيلي الشراكة الاطلسية والتجارة البينية التي ازدادت بعد كذبة “مرمرة” ولا تزال في تصاعد، يتجاوز ذلك الى الاصول القومية التركية “الخزرية” لغالبية السكان اليهود في دولة العدو حسب دراسة المؤرخ اليهودي، ارثر كوستلر، والمهم في هذا البعد هو ضرب الهوية القومية للعرب واستبدالها بهويات مذهبية ولا سيما “سنية – شيعية” لتسهيل دخول تركيا على الحالة العربية وانتزاعها تمثيلهم باسم الغيرة على اهل السنة، مما يفسر ايضا دعم تركيا لكل جماعات الاسلام السياسي الامريكي المعادية للهوية القومية العربية، وصدامها مع كل مراكز “السنة العربية” وليس بلا معنى اشارة اردوغان اكثر من مرة “لخادم الحرمين” عندما كان لقبا للسلطان العثماني.

العرب اليوم

Share This