سفير أرمينيا بالقاهرة في حواره مع “المساء” المصرية وحديث عن إنكار تركيا للإبادة الأرمنية والعلاقات المصرية الأرمينية الوطيدة

تستعد أرمينيا حالياً وتكثف جهودها للحصول على اعتراف دولي بشأن جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها تركيا بحق الشعب الأرميني والتي راح ضحيتها 5.1 مليون أرمني معربة عن عزمها وإصرارها على إدانة تركيا دولياً. كذلك تحتفل أرمينيا خلال هذه الأيام بمرور 23 عاماً على استقلال جمهورية أرمينيا.

“المساء” التقت سفير أرمينيا بالقاهرة السفير أرمين ملكونيان الذي أكد أن العلاقات الأرمينية المصرية ممتازة وودية ومؤسسة على روابط تاريخية وتقليدية متينة بين الشعبين معرباً عن أمله في توسيع الحوار والتعاون السياسي بين مصر وأرمينيا في المرحلة القادمة.

أعرب عن أسفه لحجم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين إلا أنه أكد في الوقت ذاته أن إعادة الاستقرار في مصر وكذلك انضمام أرمينيا إلي الاتحاد الأوروآسيوي الاقتصادي مع روسيا وبيلاروس وكازاخستان سيفتح فرصاً جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي وتنشيط رجال الأعمال من البلدين للتعاون مع بعضهما.

وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته رضوي السيسي:

*تعرض الشعب الأرميني إلي عمليات الإبادة الجماعية علي يد تركيا. فما هي نتائج المساعي التي تقومون بها للحصول علي الاعتراف الدولي بالجرائم التركية في حقكم؟

**بالفعل. في 24 أبريل القادم سيتم الاحتفال بالذكرى المئوية للإبادة الجماعية الأرمينية. وبالطبع فإن أرمينيا والشعب الأرميني يسعيان إلى الاعتراف الدولي بالإبادة الجماعية ضد الأرمن في الإمبراطورية العثمانية عام 1915. وكذلك إدانة هذه الإبادة والقضاء علي عواقبها. وذلك ليس مسألة إعادة العدالة أو الواجب الأخلاقي تجاه 5.1 مليون أرمني ضحايا فحسب. ولكنها مسألة الأمن. حيث سيكون الأمن في منطقتنا دائماً معرضاً للخطر في حالة عدم ندم صريح من جانب تركيا واعترافها بالإبادة الجماعية. أما محاولات نفي الإبادة الجماعية فهي نوع من استمرار هذه الإبادة. وأريد أن أوضح أن أكثر من عشرين دولة قد سنت حتى الآن قرارات تعترف بالإبادة الجماعية الأرمينية وتندد بها. ومع ذلك. يأمل الأرمن والمجتمع الدولي أن تواجه تركيا تاريخها بشجاعة من خلال الاعتراف بالإبادة الأرمينية. وبالتالي. تخفيف هذا العبء الثقيل من فوق أكتاف الأجيال القادمة. ولكن حتى الآن بدلاً من السير في هذا الاتجاه. تواصل تركيا تمسكها بموقفها النافي.

*ماذا عن العلاقات المصرية الأرمينية؟

*يمكننا وصف العلاقات الأرمينية المصرية بأنها ممتازة وودية ومؤسسة علي روابط تاريخية وتقليدية متينة بين الشعبين. ويوجد حوار سياسي فعال بين البلدين في جو من التفاهم المتبادل التام والبناء. وكذلك ثمة تعاون نشيط ومثمر في إطار المنظمات الدولية. ونحن مستعدون لتوسيع هذا الحوار والتعاون السياسي في المرحلة القادمة.
*لكن ماذا عن التعاون الاقتصادي وحجم التبادل التجاري بين البلدين والمشروعات المشتركة؟

** بالنسبة للعلاقات الاقتصادية والتجارية مع الأسف. لم يتم حتي الآن استخدام القوة الداخلية الكامنة في ذلك المجال بيننا. ولايزال حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين لا يتجاوز عدة ملايين من الدولارات. ومع ذلك. أعتقد أن إعادة الاستقرار في مصر وكذلك انضمام أرمينيا إلي الاتحاد الأوروأسيوي الاقتصادي مع روسيا وبيلاروس وكازاخستان سيفتحان فرصاً جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي وتنشيط رجال الأعمال من البلدين للتعاون مع بعضهما. وهناك امكانيات كبيرة للتعاون المفيد خاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والأدوية والزراعة والأغذية والسياحة وقطاعات البناء والتشييد وغيرها.

* كيف ترون موقف الحكومة التركية من تطورات الأوضاع الأخيرة في مصر واستمرار الهجوم علي الثورة المصرية؟
** لاشك أن حق التقييم لذلك الموقف يرجع للمصريين. أما أرمينيا فهي تعرف من خبرتها أن تركيا ليست شريكاً موثوقاً به وأنه من عادات السياسة الخارجية لتركيا هو الاستبعاد من الموافقات السابقة. ونتيجة لذلك أدت “سياسة صفر مشاكل مع الجيران” لأنقرة إلي صفر نتائج.

* وكيف تتعامل أرمينيا مع الحصار الجائر الذي تفرضه عليها تركيا وأذربيجان. خاصة أن أرمينيا تحتفل هذه الأيام بعيد الاستقلال؟

** بالفعل احتفل الشعب الأرمني بمرور 23 عاماً علي استقلال جمهورية أرمينيا وكانت جمهورية أرمينيا إحدي جمهوريات الاتحاد السوفيتي. وقد تحقق استقلالها نتيجة للاستفتاء الذي تم في 21 سبتمبر 1991 عند انهيار الاتحاد السوفيتي ومنذ ذلك الحين حققت أرمينيا نتائج ملموسة علي أساس من القيم العالمية والمبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية واقتصاد السوق الحرة. وأنجزت مجموعة واسعة من الإصلاحات لتعزيز المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والمجتمع المدني. وقمنا بتحسين أدائنا الاقتصادي بشكل مطرد علي الرغم من الحصار الدائم المفروض علينا من قبل اثنتين من جيراننا وهما تركيا وأذربيجان.

* كيف تنظرون إلي الإرهاب الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط وما هو موقف أرمينيا من خطر تنظيم داعش في العراق وسوريا؟

** نحن نستنكر بشدة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره أينما ارتكب. وقد أدانت أرمينيا علي المستوي الرسمي العمليات الإرهابية لداعش التي حدثت في الفترة الأخيرة في العراق وسوريا. وشددت علي أنه ينبغي للمجتمع الدولي القضاء علي هذا الوباء الذي يهدد الإنسانية المتحضرة. وينبغي اجتثاث منابع التمويل والدعم والرعاية له. ورفعت أرمينيا صوتها في مناسبات عديدة مطالبة بضرورة الدفاع عن الأقليات الدينية والقومية في المنطقة وخاصة السكان الأرمن في سوريا والأيزيديين في شمال غرب العراق. ومن أحدث مظاهر تعصب داعش. تفجير الكنيسة الأرمنية الواقعة في دير الزور في سوريا “المخصصة لذكري ضحايا الإبادة الجماعية للأرمن”. حيث تضم رفاتهم.
* إلى أي مدي ستتعامل أرمينيا في صراعها مع أذربيجان بشأن قضية ناجورنو كاراباخ. وما هي الخيارات المتاحة لديكم؟

** أعتقد أنه من المستحيل حل قضية ناجورنو كاراباخ إلا بالوسائل السلمية وأرمينيا ملتزمة بعملية السلام والمفاوضات تحت رعاية مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي المبنية علي أساس مبادئ القانون الدولي مثل عدم استخدام القوة أو التهديد بها. ومساواة حق الشعوب. وحق تقرير المصير ووحدة الأراضي. ولكن للأسف. ترفض أذربيجان بعناد قبول حق شعب ناجورنو كاراباخ في تقرير مصيره. وتستمر في ممارسة الاستفزازات من تهديدات لحرب جديدة. واستخدام القوة ضد ناجورنو كاراباخ وأرمينيا.

Share This