عرض لكتاب “الأرمن والسريان شهادة مشتركة”

“الأرمن والسريان شهادة مشتركة” عنوان كتيب صغير للأب أيوب اسطفان يسلط الضوء على الشعبين الأرمني والسرياني وعن تاريخهما الكنسي ابتداءً من الجد الأول النبي نوح وصولا إلى القرن الحادي والعشرين حيث يتحدث الكتاب عن وجوه ساهمت في تأسيس وإغناء الشهادة المشتركة للشعبين.

إن العلاقات التي تربط هذين الشعبين عريقة وقديمة قِدم هذين الشعبين، يقول العلامة أوكين منا عندما يحدد منطقة العيش السرياني: يحدد بلاد الأرمن شمالاً فهما جاران لهما حدود مشتركة.

ويشير الكتاب الى أن “الأرمن هم شعب يعود نسبهم إلى هايك ابن جومر بن يافث بن نوح، والسريان هم شعب يعود نسبهم إلى آرام الابن الخامس لسام بن نوح تك(22:10) فهم إذا أبناء عم الأرمن”، ويقول التاريخ إن “هايك كان من المناظرين على بناء برج بابل إلاّ أنه أبى السجود لبيل الجبار وهو نمرود الذي كان حينئذ ملك بابل فسار بعائلته وجماعته وكان عددهم 3000 رجل إلى الجهات الشمالية قاصداً إقليم أراراط فبنوا مدينة سموها “هايكامار” أي مدينة هايك وملكوّه عليهم وذلك قبل المسيح بـ 2167سنة، وهكذا انتسبوا الأرمن أولاً إلى هايك فكانوا يسمون هايكانية، ويسمى أرمينيا لليوم بـ “هايستان” أي بلاد هايك”.

أما السريان فهم منذ القرن الرابع عشر ق.م توجهوا إلى سورية حيث أخذوا بالاستقرار وإقامة المساكن الدائمة لهم، لم يكن لهم دولة واحدة تجمعهم بل كانت كل مدينة من مدنهم مملكة مستقلة، كانت دمشق أكبر الممالك الآرامية إضافة إلى حلب وحماة وكركم وغيرها, وتذكر التوراة إن 33 ملك آراميا حكوا سوريا في آنٍ معاً (1مل 1:20) .

حيث كان الأرمن والسريان شركاء في الطوفان البابلي” وَاسْتَقَرَّ الْفُلْكُ فِي الشَّهْرِ السَّابعِ، فِي الْيَوْمِ السَّابعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ، عَلَى جِبَالِ أَرَارَاطَ (تك 4:8) “تقع سلسلة جبال ارارط في ارمينيا الغربية المحتلة حالياً.

والموقع الجغرافي المهم لبلاد ما بين النهرين وارمينيا الذي هو قلب العالم القديم كان هذا من الأسباب التي جعلت السريان والأرمن سادة التجارة العالمية.من المعروف إن القديسين تداوس وبرثلماوس وصلا إلى أرمينيا سنة 43 م، وبشرا بالإنجيل وظلت المسيحية تنتشر في صفوف الشعب الأرمني إلى إن أعلنت رسمياً دينا للدولة سنة 301م وذلك ببركة وجهاد القديس (كريكور لوسافوريتش – المنور) وسميّ القديس بالمنور لأنه أنار أرمينيا بالإيمان وكرز بالإنجيل في عهد الملك درتاد الثالث, وبذلك تصبح أرمينيا أول من أعتنقت المسيحية وأصبحت دين الدولة الرسمية وذلك قبل اعتناق الملك قسطنطين للمسيحية بـ 13سنة.

إن الكنيسة السريانية والكنيسة الأرمنية تستمدان عقائدهما من الوحي الإلهي المعلن في الكتاب المقدس بحسب تفسير الآباء القديسين، وثانياً من التقليدين الرسولي والكنسي الشريفين والكنيستان تعترفان بعقيدة الإيمان المقررة في المجامع المسكونية الثلاثة مجمع نيقية عام 325 ومجمع قسطنطينية عام 381 و مجمع أفسس عام 431، وهاتين الكنيستين إضافة لكنيسة مصر القبطية والكنيسة الاثيوبية بدورهم رفضوا المجمع الرابع وهو المجمع الخلقيدوني فلذلك سميت بالكنائس اللاخلقيدونية أو بالكنائس الشرقية القديمة .

“مع العلم في عام 451، خاض الأرمن، بقيادة قائد الجيش القديس فارتان ماميكونيان، معركة (آفاراير) ضد الفرس الذين حاولوا مراراً القضاء على الاستقلال الداخلي للأرمن، وتحويلهم عن المسيحية وفرض الوثنية عليهم، ولم تتمكن الكنيسة الأرمنية من المشاركة في هذا الاجتماع، بسبب انشغال أرمينيا, كما أسلفنا بالصراع مع الفرس بيد أن الكنيسة الأرمنية رفضت مقررات هذا المجمع عند الاطلاع عليها لاحقاً.”

والجدير بالذكر أن السريان في مدينة الرها (اورفا) كانوا يتكلمون باللغة الأرمنية وحتى بعد هجرتهم إلى مدينة حلب ظلوا يتكلمون إلى يومنا هذا. وأيضا هناك الكثير من المؤلفات ضاعت في الأصل السرياني وبقيت محفوظة باللغة الأرمنية, وعلى مر العصور كان هنالك تعاون بين الشعبين نذكر منهايشارك في حفل تنصيب البطريرك في أي كنيسة (وضع اليد) بطريرك أو مطران من الكنيسة الثانية وذلك تعبيرا عن وحدة الإيمان.

وعلى سبيل المثال لا الحصر المطران أفرام برصوم مطران بيروت الذي شارك في تنصيب كاثوليكوس عموم الأرمن كاريكين الأول سركيسيان في يريفان يوم1995/5/9 وألقى كلمتة بالأرمنية قائلا: إني أتحدث إليكم بالأرمنية إنما بالأبجدية السريانية التي استعملها أجدادكم لسنوات طويلة هذا بالاضافة إلى رابط القرابة والنكبات التي عانينا منها معا.

ويذكر التاريخ الكنسي أيضا أن البطريرك مار إغناطيوس داوود الثاني كان على علاقة قوية من الأرمن فقد كتب في وصيته أن يكون الجاثليق الأرمني وارثا وعندما توفي البطريرك قام الجاثليق بمأتمه ودفن في الجهة الشرقية من كنيسة الارمن في القدس.

وأيضا الجدير بالذكر انه يوجد مطارنة من أصل سرياني سقفوا على الأرمن مثل الجاثليق مار خريسطوفورس ويوجد مطارنة من أصل أرمني سقفوا على السريان مثل وانيس الوانكي.
وقد اتفق البطاركة الثلاثة السريان والارمن والأقباط على أن يلتقوا سنوياً،ويستضاف اللقاء في إحدى البطريركيات وبالتناوب.

ويذكر الكتيب أنه من أكثر المجازر ترويعاً تعرض له الأرمن والسريان خلال سنة 1915 حيث بلغ عدد ضحايا السريان أكثر من 272,000 كما تهدمت 156 كنيسة ودير إضافة إلى مذبحة سيفو.أما ضحايا الأرمن بحسب نشرة البطريركية الأرمنية في القسطنطينية كان عدد الارمن 2,660,000 نسمة قتل منهم مليون ونصف وأكثر أي الثلثين، كما تهدمت 2050 كنيسة و 203 أديرة .

ويؤكد الكتيب أنه “إضافة إلى الجيرة والعقيدة جمعتنا رابطة ثالثة هي رابطة شهادة الدم، فأصبحنا أخوة في التراب، أخوة في الإيمان، أخوة في الدم.وتكريما لتلك الأرواح البارة والدماء الطاهرة فإن الكنيستين تعيد لهم باسم عيد الشهداء، فالكنيسة السريانية تحيي سنويا في منتصف الصوم الكبير باسم عيد الشهداء السريان والكنيسة الأرمنية تحيي في 24 نيسان باسم عيد شهداء الأرمن.ناهيك عن ضحايا الروم والاشوريون والكلدان على أيدي الاتراك العثمانيين”.ويختم الكتيب بقول المطران كوميداس: إننا شعب واحد..كنيسة واحدة.. نسبح الله بلغتين”.

تالار ألاهفيرديان

Share This