وزيرة المهجرالأرمينية لـ«الوطن» المصرية:سنرفع رؤوسنا لو زارنا السيسي للعزاء

تقرير لمحمد الليثي:

بدأنا الإعداد لإحياء الذكرى منذ 2011.. والضحايا ليسوا مليوناً ونصف المليون وإنما 15 مليوناً لو استمروا على قيد الحياة.

تفجير «كنيسة الزور» في سوريا بعد يومين من إعلان الكاثوليكوس آرام الأول رفع دعوى ضد تركيا للمطالبة بكاثوليكوسية «سيس» يثير العديد من التساؤلات.

لدينا انطباع جيد عن السيسي والتفاف الشعب حوله.. أما أردوغان فأينما وجد حلت المشاكل ولا بد من وقفه عند حده.

تحيى أرمينيا، احتفالات عيد الاستقلال الثالث والعشرين، هذه الأيام، كما تُجرى العديد من الاستعدادات لإحياء الذكرى المئوية لمذابح الأرمن التى نفذها الأتراك العثمانيون قبل نحو مائة عام، وراح ضحيتها نحو مليون ونصف المليون أرميني، فضلاً عن التهجير القسري لهم من منطقة شرق تركيا الحالية، لتستقبلهم وقتها الدول العربية وتحتضنهم منذ مائة عام، ولا تزال الجالية الأرمينية موجودة فيها كجزء من هذه المجتمعات.

توجد نحو 24 وزارة هجرة فى أنحاء العالم، أحدهم أرمينية بحكم وجود أرمن المهجر فى مختلف الدول، نتيجة التهجير، «الوطن»، أجرت حواراً مع هرانوش هاكوبيان، وزيرة المهجر الأرمينية، تطرقت فيه إلى العلاقات مع مصر قديماً وحديثاً، ومدى جاهزيتهم لإحياء ذكرى المذابح الأرمنية.. وإلى نص الحوار:

* بداية، ما استعداداتكم لإحياء ذكرى المذابح الأرمينية على يد الأتراك 1915.. ما مدى الجاهزية؟

– بدأنا تجهيز لإحياء الذكرى المئوية للإبادة الأرمينية، منذ عام 2011، من خلال تشكيل لجان فى جميع أنحاء العالم، ليس فقط لإحياء ذكرى المجازر، وإنما لإدارة شئون الأرمن فى الخارج، وتوجد هذه اللجان فى 50 دولة، وتنتشر فى جميع الطبقات، وتشارك فى الأحزاب وغيرها، وفى كل عام يكون هناك اجتماع من أجل هذه الذكرى، كما أن هناك اجتماعات دورية فى هذه الدول، حتى يدرك كل شخص دوره جيداً، وتتكون اللجنة من 6 أقسام، منها القسم السياسى، ويهتم بإقرار مجالس شعوب الدول بوقوع مذابح الأرمن، على يد الأتراك العثمانيين، والقسم الإعلامي، ويهتم بنشر القضية فى جميع أنحاء العالم حتى يعرفوا أن قبل مائة عام حدثت هذه المجازر.

وعلى المستوى الأدبي، فهناك احتفالات للفنون، وندوات علمية، ومؤتمرات ومعارض للكتب، فمثلاً فى مصر هناك معرض في مكتبة الإسكندرية، يتحدث عن المذابح الأرمينية، وفى يوم 24 أبريل المقبل، ستعزف الفرقة السيمفونية في القاهرة موسيقى لذكرى الإبادة، وستقرع كل الكنائس فى العالم أجراسها فى الساعة نفسها، وسيأتى للاحتفال العديد من رؤساء الدول إلى أرمينيا، لإحياء الذكرى، وسنرفع نحن رؤوسنا عالية، لو أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، زارنا لأداء واجب العزاء فى ضحايا المذبحة، لأن الوقت الذى يموت فيه جارك لا بد أن تذهب لأن تعزيه، ويوم ذكرى الإبادة سيكون موعد العزاء، فعليكم أن تأتوا للعزاء، إذا ما مات شخص ينصب له العزاء، وعندما يموت عشرات الآلاف يقولون إن هناك حادثاً وكارثة، فما بالك عندما يقتل مليون ونصف المليون، لذلك نحن نشعر بالألم الشديد جراء ما يحدث فى سوريا، وما يحدث فى مصر، ومن يموت فى الدول العربية نتيجة الأحداث نحرص على تعزيتهم.

الضحايا ليسوا مليوناً ونصف المليون وإنما 15 مليوناً لو استمروا على قيد الحياة

وفي ذكرى قتل المليون ونصف المليون أرميني، لا بد أن نقدسهم، لأنهم ليسوا مليوناً ونصف مليون، وإنما 15 مليوناً، فلو أنهم استمروا على قيد الحياة، لأصبح عددهم الآن 15 مليون أرميني.

* كيف ترين العلاقات المصرية الأرمينية فى الوقت الحالي؟

– العلاقات الثنائية بين مصر وأرمينيا على مستوى عال جداً، من حيث العمق، ووجود الصحافة المصرية فى أرمينيا يعمق العلاقات المصرية الأرمينية أكثر وأكثر، وعليكم أن تنقلوا الوضع الحالى بشكل جيد للشعب المصرى، لأن العلاقات بين البلدين تعود إلى زمن بعيد، حيث كانت هناك تعاملات بين الحضارة المصرية والحضارة القديمة على أراضينا، والاكتشافات الأثرية تشهد على ذلك عن طريق العملات الأرمينية الموجودة فى المتاحف حالياً، فضلاً عن مشاركة الأرمن فى التاريخ المصري وعلى رأس المشاركين نوبار باشا.

* ما دور وزارة الهجرة الأرمينية، وما الذى تقدمه للمهجر؟

– هناك 24 وزارة هجرة فقط فى العالم، نحن واحدة منها، وكل هذا بسبب المجازر العثمانية ضد الأرمن، التى نُفذت عام 1915، ولولا هذه المجازر، لما كان وجود الكثير من الأرمن المهجّرين خارج أراضيهم، ولِمَ كانت هناك غربة ومغتربون، وهم دائماً ما يطلبون منا أن نشكل دولة قوية، مع تقوية العلاقة فيما بينهم من أجل الحفاظ على قوميتهم وهويتهم.

والوزارة تعمل حالياً على تجميع قدرات الأرمن الشخصية والمادية، من أجل التعبير عن هويتهم بشكل مناسب، وتمثيل أرمينيا من خلال المغتربين، وكذلك السفراء الموجودون فى الخارج، فالاثنان يشكلان الجسر الممتاز بيننا وهذه الدول، فعندما أزور مثلاً أى دولة، مع رئيس جمهوريتى، يكون أول شكر يوجه إلى الأرمن الموجودين فيها، خصوصاً أنهم يحترمون دولهم ويندمجون مع مجتمعاتهم ويشاركون فى الحياة بشكل طبيعى. كما نحاول استغلال قدرات وعقول وأفكار الأرمن الشتات فى تنمية بلادنا وتحقيق مزيد من التقدم العلمي والثقافي والتجاري.

* كيف استمر الأرمن محتفظين بهويتهم رغم مرور مائة عام على مذابحهم وتهجيرهم؟

– حيثما وُجد الأرمن، وجدت كنائس ومدارس، وأماكن ثقافية، فضلاً عن إرسالنا معلمين لهم فى دولهم، وكتب قومية، ودينية وثقافية يجرى إعدادها فى أرمينيا، وفى الصيف يجرى إرسال أولاد وفتيات من أرمن المهجر إلى أرمينيا، للدراسة والتأهيل وتعلم اللغة الأرمينية لتثبيتها لديهم، وهناك مسابقات عالمية تعقد تحت اسم أرمينيا، وفى إحدى هذه المسابقات وكانت فى مجال الرسم، رسم أحد الأطفال الأمريكان صورة لوصف أرمينيا، فيها جبل «أرارات» يبكى فيما تذهب دموعه إلى النهر، وهو رسمة تجسد القضية الأرمينية.

* ما تعليقك على تفجير كنيسة الأرمن في دير الزور في سوريا؟        

– وقوع حادث إرهابي مثل هذا بعد يومين فقط من إعلان الكاثوليكوس آرام الأول، أن كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس رفعت دعوى ضد تركيا للمطالبة بكاثوليكوسية «سيس» في تركيا شىء غريب يثير العديد من التساؤلات، خصوصاً أن الإسلام والمسيحية لهما إله واحد بطريق مختلف، لذلك أؤكد أن منفذي هذا الحادث ليس لهم إله، وإلا كيف لهم بذبح بشر مثلهم لمجرد الاختلاف فى طريقة العبادة، وأحب أن أؤكد ما قاله الرئيس الأرميني في الأمم المتحدة: إن حكومة أرمينيا لها علاقات طيبة وممتازة مع الدول الإسلامية المجاورة.

* ما تعليقك على اهتمام الطبقة المثقفة بالقضية الأرمينية فى العديد من الدول؟

– الثقافة العالمية بدأت من جبل أرارات، حيث رست سفينة نوح، فكانت أرمينيا المدخل عندما خطت أول رجل على أرضها، ومن يحيى هذه المذابح، فهو إنسان مثقف ذو خلفية راقية، وهناك العديد من الموضوعات التى تنشر فى الصحافة المصرية تشهد على ذلك.

* لماذا لا يستخدم أرمن المهجر فى الخارج لترويج السياحة المحلية؟

– الشتات الأرمن يمثلون دعماً كبيراً لأرمينيا، ففى زلزال عام 1988 الذى راحت فيه 40% من أراضينا تحت الأرض، كان المغتربون من عمروا الخراب، كما أننا لم نحصل على استقلالنا منذ زمن بعيد مثل مصر، ولكننا حصلنا عليه منذ 23 عاماً فقط، رغم أن لدينا حضارة قديمة جداً، تعود إلى أيام السومريين، ونمتلك أهرامات مثلكم، وجبل أرارات رمزنا، مثلما الأهرامات رمز عندكم.

*ألا ترين أن علاقات الأرمن بالدول العربية ضعيفة على الرغم من كثرة الأرمن فيها؟

– نحن علاقتنا مع السياسة الخارجية تعود إلى 23 عاماً فقط، ونشكر الدول العربية، وممتنون جداً لها، لأنها من فتحت أبوابها للأرمن بعد المذابح، وفى كل الدول العربية توجد جالية أرمينية وسفارات لنا، وحديثك صحيح من الناحية السياسية، وفى المستقبل لا بد أن تكون هناك علاقات اقتصادية وتجارية وغيرها، بصورة متميزة، وأحب فى هذا الصدد أن أوجه الشكر لمصر، خصوصاً أن لدينا انطباعاً جيداً جداً عن الرئيس السيسى، الذى يلتف حوله الشعب المصرى كله، من أجل نهضة وتنمية بلده، ولا بد أن نطور العلاقة بين البلدين، وستكون أولها فى مجال الطيران، ليكون هناك طيران مباشر بين مصر وأرمينيا، حيث إن الرحلة تستغرق نحو 7 ساعات، وفى حالة الطيران المباشر لن تستغرق أكثر من ساعتين.

* ما انطباعك عن خطابى الرئيس السيسى، ورجب طيب أردوغان الرئيس التركي، أمام الأمم المتحدة؟

– هناك انطباع جيد جداً عن الرئيس السيسي، وأنا أشيد بمشروع قناة السويس الجديد، أما عن أردوغان، فأينما كان توجد المشاكل، ولا بد أن نوقفه عند حده، بالتعاون مع الدول المهتمة بشأن السلام، وأنا ممتنة جداً من التصفيق الحاد للسيسى من هيئة الأمم المتحدة، وكان لا بد أن يكون هذا مؤشراً لأردوغان حتى يتراجع عما يفعله.

* ما مدى أهمية إقرار مصر بحدوث المذابح الأرمينية؟

– أولاً المجازر حدثت بالفعل، إلا أن سعينا نحو اعتراف الدول بها، إنما يهدف لمنع ارتكاب أية مجازر فى المستقبل، فى أى مكان، ولا أعتقد أن رئيس جمهوريتكم، أو حكوماتكم من الممكن أن تقبل تكرار مثل هذه المذابح مرة أخرى، ومصر وقعت على اتفاقية لتعريف الإبادة عام 1948، وهناك إثباتات عدة فى الأرشيف تؤكد وتوثق تلك المجازر.

* ولكن شيخ الأزهر سليم البشرى، أدان فى عام 1909 عنف الأتراك، وبرأ الإسلام منه، ألا يُعد هذا إقراراً بها؟

– مشايخ الأزهر محترمون ومقدرون جداً، ونحن نصفق لهم، لأن عقولهم متفتحة، ونريد من السياسيين أن يأخذوا مسلكهم، فالأصدقاء القدامى لا يخونون.

Share This