سورية وأرمينيا علاقات متينة تستند إلى صداقة تاريخية

تستند العلاقات السورية الأرمينية الى صداقة تاريخية عميقة ومتينة ومتجذرة عبر عقود طويلة من الزمن بين الشعبين عززتها أسس راسخة من التعاون وفق مصالح مشتركة سعى البلدان إلى تطويرها منذ استقلال أرمينيا عام 1991 وتوقيع الاتفاقية الدبلوماسية واقامة العلاقات الرسمية بين البلدين عام 1992.

فقبل نحو 99 عاما وجد أبناء الأرمن الهاربون من مجازر ومذابح وتنكيل العثمانيين الملجأ في سورية التي احتضنتهم كغيرهم من أبنائها ليكونوا فيها أحد مكونات المجتمع البناءة وجزءا لا يتجزأ من النسيج السوري بتنوعه واندماجه الحضاري والثقافي.

وكما أسهم أبناء الأرمن في سورية في تطوير الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وشكلوا جسرا للتواصل بين سورية وارمينيا تكلل بعلاقات متينة بين البلدين حيث افتتحت أرمينيا سفارة لها بدمشق بعد استقلالها مباشرة في 1992 وقنصلية عامة لها بحلب في 1993 واخرى بدير الزور عام 2010 في دلالة واضحة على الرغبة بتطوير تلك العلاقات وتوسيعها انطلاقاً من طبيعة العلاقات المتميزة بين البلدين ولاسيما خلال المرحلة السوفييتية وما قبلها والبعد الذي اتاحته سورية للأرمن للمشاركة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
وتقوم مسيرة العلاقات الثنائية على أسس الاحترام المتبادل المبنية على أهداف ميثاق هيئة الأمم المتحدة والقوانين والأعراف الدولية في احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وصيانة وحفظ السلم والأمن الدوليين واستمرار المشاورات والتنسيق المستمر لمواقفهما السياسية بالمحافل الدولية فيما يتعلق بالمسائل والقضايا الإقليمية والدولية.
وشهدت علاقات البلدين في السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً في مجال التعاون السياسي والتعليمي والثقافي والعلوم وعمل البلدان على تعزيز علاقتهما على الصعيد الاقتصادي والتجاري عبر تشكيل اللجنة المشتركة السورية الأرمينية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني عام 2007 إضافة إلى إنشاء مجلس أعمال مشترك بين رجال الأعمال.
وشكلت الزيارات المتبادلة لمسؤولي البلدين خلال الأعوام الماضية دليلا على إرادة وعزم الطرفين على تمتين عرى الصداقة وتعزيز التعاون بينهما في شتى الميادين حيث اسهمت في وضع القاعدة الأساسية والقانونية لتطوير العلاقات الثنائية وأسفرت عن توقيع العشرات من الاتفاقيات والبروتوكولات والبرامج التنفيذية للتعاون في مختلف المجالات حيث تجدر الإشارة إلى أن أول زيارة للرئيس الأرمني ليفون دير بيدروسيان خارج بلاده بعد الاستقلال كانت إلى سورية عام 1992 وعبرت عن الإرادة في استئناف العلاقات مع سورية التي تربطها بأرمينيا علاقات تاريخية وثقافية واجتماعية واقتصادية تمتد الى قرون.

وأعطت الزيارة التاريخية التي قام بها السيد الرئيس بشار الأسد إلى أرمينيا والمباحثات التي اجراها مع الرئيس سيرج سركسيان ورئيس الوزراء تيغران سارغسيان في حزيران عام 2009 دفعة نوعية للعلاقات الثنائية حيث تم خلالها التأكيد على الإرادة المشتركة لدى الجانبين بتطويرها وصولاً إلى جعلها الحلقة الرئيسية التي تربط بين منطقتي الشرق الأوسط وجنوب القوقاز مع ضرورة إزالة العقبات التي تعترض تطوير العلاقات الاقتصادية و زيادة التبادل التجاري والاستثمارات بين البلدين ووضع الخطط التنفيذية لكل الاتفاقيات التي يتم التوصل اليها خدمة لمصالح الشعبين والبلدين الصديقين.

واتت بعدها زيارة الرئيس سركيسيان الى سورية في آذار 2010 لتضيف لبنة أخرى لتدعيم وترسيخ هذه العلاقات وتعميقها في المجالات المختلفة ودفع علاقات التعاون الاقتصادي وتعزيز دور رجال الأعمال بما يسهم في توطيد الشراكات الاقتصادية والاستثمارية الى جانب تطوير العلاقات البرلمانية لما فيه خير مصلحة البلدين الصديقين.

وتكللت الزيارات المتبادلة للرئيسين الاسد وسركيسيان بتوقيع العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات ومذكرات التفاهم للتعاون الثنائي بين البلدين ولاسيما في مجال تشجيع الاستثمارات وحمايتها و البيئة والعدل والداخلية والتعليم العالي والبحث العلمي والصناعة والكهرباء والطاقات المتجددة والرياضة والاستشعار عن بعد والزراعة والاعلام.

وشكل منتدى رجال الاعمال السوري الارميني الذي افتتحه الرئيسان الاسد وسركسيان في يريفان عام 2009 خطوة هامة لاستكشاف فرص التعاون في المجالات التقنية والزراعية والسياحية والمصرفية فضلا عن متابعة اللجنة المشتركة السورية الأرمينية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني بحث علاقات التعاون المشترك وتفعيلها وتوقيع مذكرات تفاهم وبروتوكولات تعاون في مختلف المجالات.

كما لم ينقطع التواصل الحضاري والثقافي بين البلدين الصديقين وهو يتجذر ويتعمق يوماً بعد آخر وتعزز ذلك من خلال إقامة الأيام والعروض الثقافية السورية والأرمينية في كلا البلدين ووجود العديد من الجمعيات الثقافية الارمنية المنتشرة في سورية والتعاون الثنائي في المسائل المرتبطة بالآثار وإعادة ترميم المخطوطات والمكتبات الوطنية فضلا عن حرص جامعة دمشق على تعليم اللغة الارمنية في المعهد العالي لتعليم اللغات منذ مطلع العام الجاري تمهيدا لاحداث قسم لتعليمها في كلية الاداب والعلوم الانسانية في خطوة تعكس تنوع وغنى الهوية السورية وتشكل جسرا لترسيخ العلاقات الأرمينية السورية في مجال التعليم والتبادل الثقافي.

وسجلت أرمينيا الكثير من المواقف الداعمة لسورية في حربها ضد الإرهاب والفكر التكفيري المتطرف الذي يستهدف الشعب السوري ونسيجه الاجتماعي والرافضة للدعم الذي تقدمه حكومة حزب العدالة والتنمية للارهابيين المتطرفين بشكل سافر ولاسيما تلك التي استهدفت أبناء منطقة كسب في ريف اللاذقية الشمالي باعتبارها امتدادا للمجازر العثمانية واحقادهم بحق الأرمن.

وأصبحت أرمينيا جمهورية مستقلة بموجب استفتاء شعبي عام بشأن خروج أرمينيا من الاتحاد السوفييتي السابق في 21 ايلول 1991 بعد أن تبنى المجلس الأعلى للبلاد في 23 آب 1990 بيان استقلال أرمينيا وأعيد تسمية جمهورية أرمينيا السوفييتية الاشتراكية بجمهورية أرمينيا وأقر البرلمان العديد من القرارات حول تثبيت الرموز الوطنية.

وأرمينيا بلد جبلي غير ساحلي يقع في القوقاز من اوراسيا حيث يتوضع عند ملتقى غرب اسيا وشرق اوروبا تبلغ مساحته نحو 30 ألف كيلو متر مربع وعدد السكان نحو/ 2ر3/ ملايين نسمة.

تقرير غسان خيو

مؤسسة القناة الإعلامية للبنت السورية

Share This