صحيفة “العربي  الجديد” تتحدث عن مغنية الأوبرا السورية الأرمنية أراكس شيكيجيان

araxy

نشرت صحيفة “العربي  الجديد” مقالاً بعنوان “أراكس شيكيجيان: رحلة أوبرالية” بقلم عبد الله القصير أوضح فيه أن المغنية تكاد تدير ظهرها للحبال الصوتية، وتنظر إلى جسد المغني كاملاً على أنه حنجرة، لذلك تبدو مغنية الأوبرا السورية أراكس شيكيجيان (1955) وكأنها تسير عكس التيار الطربي الشرقي الذي يحتفي بالعُرب الصوتية كثيراً، ويتكئ في معظم الأحيان على حالة حبال الصوت بحالتها الخَلقية أو ما اتفق عليه بـ “الموهبة”، بينما تولي أراكس، اهتماماً كبيراً بما تطلق عليه “مدرسة الأداء”، التي تقوم على أسس علمية بحتة.

أسس لا معنى لها من دون وجهها العملي عن طريق المران الصوتي المستمر، الذي ليس أوله طريقة استخدام النَفَس، كما أنّ آخره ليس توظيف معظم عضلات الجسم لخلق مساحات جديدة في صوت المغني.

ابنة حلب، التي ولدت في أسرة سورية أرمنية تحب الموسيقى، كانت تؤدّي، في طفولتها، الترانيم الكنسية مع جوقة أطفال مدرسة الزنابق الابتدائية، لتنتهي رحلة تعلّمها الموسيقي، والتي مرّت بلبنان كمحطة مؤقتة، في أرمينيا السوفييتية آنذاك: “انتقلت إلى يريفان عاصمة أرمينيا لأكمل دراسة الموسيقى والغناء فحصلت على شهادة الدبلوم، وبعدها على شهادة الماجستير بدرجة امتياز بإشراف الأستاذة داتفيك سازانداريان.

 استمرت دراستها لمدة تسع سنوات، وتخرجت مغنية ومدرّبة في الوقت نفسه، ثم عادت مجدداً إلى سورية وبالتحديد إلى مدينة حلب: “على الرغم من العروض المغرية للبقاء في روسيا للغناء في دور الأوبرا المختلفة، عدت عام 1983 إلى حلب، وكان دافعي الأول والأخير هو حبي لبلدي ولأهل بلدي”.

لم تكن عودتها إلى سورية ورديّة الخطى، إذ وجدت نفسها في مدينة لا يعرف أهلها عن الأوبرا إلا القليل، ولا يتوفر فيها أبسط مقوّمات هذا الفن آنذاك، من مسارح ودور للأوبرا. حتى أنها بحثت عن عازفي بيانو فلم تجد ما يقارب المستوى الأكاديمي، واضطرت إلى استقدام صديقتها التي تدرس في روسيا، عازفة البيانو سحر ملحم، عام 1985، لتحيي شيكيجيان أول حفلة لها في سورية وتصبح رسمياً أول مغنية أوبرا هناك. ولتقدّم، بعدها، أعمالاً لعدة مؤلفين منهم بوتشيني وبلليني وموتسارت وفيردي وراخمانينوف.

اختصاصها في فن الأوبرا لم يضعها على ضفة العداء إزاء الغناء الشعبي العربي، فهي تعتبر أن الفولكلور العربي غني بالأعمال الجميلة التي تعبّر عن هوية المنطقة والبيئة المحلية. كما ترى أنّ التمرين على الغناء الأوبرالي ضرورة بالنسبة إلى الغناء الشرقي، لأنه يمكّن الفنان من الاعتماد على عضلات بطنه أكثر من حباله الصوتية، ما يجعله يحتفظ بصوته مهما تقدّم به العمر، وخصوصاً المطربات اللواتي يتعرّضن لتقلبات فيزيولوجية قد تحرمهن جمال أصواتهن.

وأشار الكاتب الى أنه باعتبارها أول مغنية أوبرا، وفي ظل عدم وجود ثقافة أوبرالية في البلاد، وجدت أراكس نفسها مكلّفة بخلق جيل جديد على مستويين، مستوى خلق ذائقة ومتلقين لهذا الفن، وهي مهمة غاية في الصعوبة في بلد جلّ موسيقاه شرقية، ومستوى تدريب وتأهيل أصوات شابة تشكّل حالة فنية واعية ومستمرة تضيف للمشهد السوري لوناً عالمياً غير معهود فيها.

لذلك، أسّست مدرسة الـ “فوكال” (الصوتيات) في حلب، ثم انتقلت إلى دمشق وخلال سنوات تتلمذ على يديها عدد من طلاب “المعهد العالي للفنون المسرحية” في دمشق مثل رازق البيطار وتالار دكرمنجيان، لتكون أول من طبقت مدرسة الغناء الأوبرالي في الغناء الشرقي في سورية، وقالت: “عندما دُعيت إلى دمشق عام 2008 لم يكن هناك مغنية أوبرا سوى لبانة القنطار، وذلك لأسباب منها عدم وجود مدرسة تدرّس قواعد الغناء، لكن بعد جهود سنين، وتحديداً آخر خمس سنوات استطعت أن أجهّز مجموعة من المغنين الأوبراليين فصارت الدار تعج بالفرق والكوادر المؤهلة، وهذا أهم ما صنعته لبلدي”.

Share This