جمهورية كاراباخ الجبلية في ضوء القانون الدولي

توضح هذه الدراسة أن استقلال كاراباخ الجبلية تحقق وفق مطالب المعايير القانونية المحلية والدولية. وفي نفس الوقت، بالتوازي مع العملية القانونية نجحت كاراباخ الجبلية في خلق كافة الخصائص والهيئات الضرورية من أجل تشكيل دولة مستقلة.

لقد أضحى أقليم الحكم الذاتي في الاتحاد السوفييتي السابق دولة مستقلة، بمبادئها وهيئاتها السياسية الخاصة بها وسلطتيها التنفيذية والتشريعية وقواتها المسلحة ورموزها.

وقد أثبتت جمهورية كاراباخ الجبلية خلال 15 عام من كيانها على قدرتها لتعزيز الأمن القومي والاسهام في التنمية الاقتصادية للبلد، وبينت أن كاراباخ الجبلية تسعى وتستطيع أن تقود مشاركة دولية أوسع.

ووفق مبادئ القانون الدولي، فإن تشكيلها يمكن أن يعتبر دولة مستقلة إن كانت تملك الخصائص التالية:

  • أراضي مرسومة بالحدود
  • سكان دائمون
  • نظام إداري دائم يشكل تحت الهيئات السياسية العامة حيث تمارس صلاحياتها على أراض وسكان محددين
  • حكومة تدخل بحوار مع دول أجنبية

هناك بعض المصادر في القانون الدولي تعتبر “الاعتراف بالدولة” شرطاً آخراً لخلق دولة مستقلة. ولكن هذا المعيار ليس متعارفاً عليه بشكل واسع، لذلك تحمل طابعاً تصريحياً ويجب أن ينظر اليها على أساس استعداد أية دولة بالاعتراف باستقلاليتها وإقامة علاقات دولية وقانونية مباشرة معها. وقد مارست بعض الدول هذه الطريقة مثل بريطانيا العظمى والولايات المتحدة الأمريكية.

– أراضي مرسومة بالحدود: تملك جمهورية كاراباخ الجبلية أراض محددة. وتمارس صلاحياتها بالسيادة على الأراضي المرسومة بحدودها، ويمكنها ضمان الأمن والظروف المعيشية الطبيعية لمواطنيها. وهذا يدل مرة أخرى على أن جمهورية كاراباخ الجبلية مستقلة سياسياً في المنطقة.

– سكان دائمون: إن الغالبية العظمى من سكان جمهورية كاراباخ الجبلية هي مجموعة أحادية العنصر مرتبطة تاريخياً بأراضيها. وعدد سكان جمهورية كاراباخ الجبلية هو 145.700 نسمة منهم 95% أرمن أما 5% فهم أقليات قومية. وفي 18 تشرين الثاني عام 1995 تمت الموافقة على قانون “حول المبادئ الأساسية للمواطنة في جمهورية كاراباخ الجبلية”.

– نظام إداري دائم تحت الهيئات السياسية العامة: في 9 أيلول 1996 شكل المجلس الوطني في جمهورية كاراباخ الجبلية لجنة صياغة الدستور برئاسة رئيس الجمهورية.

وتعتبر كاراباخ الجبلية جمهورية بنظام رئاسي. وقد دخلت البلاد في هذا النظام في تشرين الثاني عام 1994. وقد جرت الانتخابات الرئاسية العامة في 24 تشرين الثاني عام 1996 وأصبح الرئيس حينها أول رئيس لجمهورية كارباخ الجبلية منتخب وفق المبادئ الديموقراطية.

ويحدد إطار صلاحيات الرئيس وفق القانون “حول رئيس جمهورية كاراباخ الجبلية” المؤرخ في 21 تشرين الثاني عام 1994. وفي 1 ايلول عام 1997 انتخب الرئيس الثاني للجمهورية بعد الانتخابات الرئاسية الاستثنائية.

وحسب تشريعات جمهورية كاراباخ الجبلية، يعتبر المجلس الوطني الهيئة الدستورية العليا في الجمهورية. ومقارنة بالانتخابات الأولى في 28 كانون الأول عام 1991 1 فإنه تم تنفيذ إجراءات جديدة للانتخابات في حزيران 1995 حيث يتم انتخاب النواب من 33 دائرة انتخابية بدلاً من 81 دائرة انتخابية. وتمت انتخابات برلمانية متتالية في 18 حزيران عام 2000 وفي 19 حزيران عام 2005.

وتم تحديد صلاحيات المجلس الوطني بالقرار المؤرخ في 22 كانون الأول عام 1994 “حول برلمان جمهورية كاراباخ الجبلية”. ويتألف البرلمان من ستة لجان دائمة 2، ولجان مؤقتة يتم تشكيلها في الحالات الضرورية.

ومنذ عام 1991 وافق المجلس الوطني لجمهورية كارباخ الجبلية على عدد من القرارات الضرورية لتأسيس الهيئات السياسية والسلطات التنفيذية والقضائية في البلاد.

وخلال الأعوام 2001-2004 تمت الموافقة على القرارات التالية: حول “قانون التعديلات بشأن التعليم” و”قانون الخدمة الالزامية” و”قانون الشرطة” و”قانون الرقابة” و”قانون التلفاز والراديو” و”قانون الخدمة الضريبية” و”قانون النظام الداخلي في المجلس الوطني” و”قانون ميزانية جمهورية كاراباخ الجبلية” و”قانون الدفاع المدني” و”قانون حكومة جمهورية كاراباخ الجبلية” و”قانون إحصاء السكان” الخ.

وحسب المراسيم الصادرة عن رئيس جمهورية كاراباخ الجبلية والمؤرخة في 24 كانون الأول 1996 و29 تشرين الأول 1997 و12 كانون الثاني عام 2005 فإن حكومة جمهورية كاراباخ الجبلية مؤلفة من رئيس مجلس وزراء و11 وزارة 3. بالإضافة الى ذلك هناك هيئات تابعة للحكومة 4. ويتم تحديد صلاحيات الحكومة وفق قانون “حكومة جمهورية كاراباخ الجبلية” المؤرخ في 22 كانون الأول 1994.

ويتم ممارسة الإدارة المحلية في جمهورية كاراباخ الجبلية منذ الموافقة على قانون البرلمان حول “انتخابات هيئات الإدارة المحلية” المؤرخ في 28 كانون الثاني عام 1998. لقد جرت الانتخابات الأولى في 27 أيلول 1998، أما الانتخابات الدورية التالية جرت في 5 أيلول عام 2001 وفي 8 آب عام 2004.

وقد جرت انتخابات رئاسية وبرلمانية وإدارات محلية نظامية في كانون الأول عام 1991. أما آخر انتخابات رئاسية فقد جرت في 11 آب عام 2002. حيث تابع الانتخابات مراقبون دوليون.

لقد جرت آخر انتخابات برلمانية في جمهورية كاراباخ الجبلية في 19 حزيران عام 2005. وقام مراقبون دوليون من 100 دولة تقريباً مثل روسيا وأرمينيا والتشيك والولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى بمراقبة عملية الانتخابات البرلمانية تلك. (ملحق رقم 10)

وكذلك تم اعتماد أكثر من عشر مراقبين محليين لمتابعة عملية الانتخابات. كانت الانتخابات البرلمانية لعام 2005 الأولى من نوعها التي تجري وفق الدستور الجديد المقترح من قبل اللجنة الانتخابية المركزية والموافق عليها من قبل المجلس الوطني. وقد نص الدستور على تعديلات ملحوظة مقارنة مع النظام السابق للانتخابات الرئاسية والبرلمانية والهيئات المحلية .

لقد ازدهر الاقتصاد في جمهورية كاراباخ الجبلية منذ هدنة عام 1994. وأقيمت مشاريع تنموية على نطاق واسع في البلاد. وتعتبر الزراعة المجال الأساسي في الاقتصاد. فالبلاد تملك ميزانية خاصة بها وعملة متداولة فيها، حيث يقوم القانون الذي وافق عليه البرلمان حول ميزانية جمهورية كاراباخ الجبلية بتسوية أمور ميزانية الدولة.

ويقوم القرار المؤرخ في شباط عام 1995 حول الملكية بتسوية الأمور المتعلقة بالملكية.

– حكومة تدخل بحوار مع دول أجنبية: في 20 أيلول عام 1992، قام البرلمان في جمهورية كاراباخ الجبلية بتقديم طلب الى منظمة الأمم المتحدة ورابطة الدول المستقلة ودول أخرى للاعتراف بجمهورية كاراباخ الجبلية.

ومنذ ذلك الحين، التزمت حكومة جمهورية كاراباخ الجبلية بمناقشات وحوار مع الدول الأخرى وكذلك بمشاركتها الفعالة في مفاوضات السلام الدولية بوساطة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي.

وفي المؤتمرات التي تتم برعاية دولية أو دولة ثالثة من أجل التسوية السلمية للنزاع، باتت الوثائق العديدة تحمل تواقيع موظفي ومسؤولي جمهورية كاراباخ الجبلية، بينما أذربيجان ما تزال ترفض المفاوضات المباشرة مع كاراباخ الجبلية 5.

وفي عام 1992 فإن الوثيقة التي وفق عليها مجلس وزراء منظمة الأمن والتعاون الأوروبي في هيلسنكي، والتي تخول عملية مينسك، قد اعترفت بكاراباخ الجبلية كطرف مفاوض، يجب أن يكون ممثلاً بممثلين من السلطات المنتخبة. وقد جاء في نتائج لقاء مجلس الوزراء:

“يتم دعوة ممثلي جمهورية كاراباخ الجبلية المنتخبين وغيرهم الى مؤتمر مينسك كأطراف معنية من قبل رئيس المؤتمر بعد التفاوض مع الدول المشاركة في المؤتمر”.

وقد أخذت مشاركة جمهورية كاراباخ الجبلية في عملية مينسك صداها في وثائق أخرى في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي وخاصة في وثائق قمة بودابيسد عام 1994 وكذلك في وثائق اللجنة العليا في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي في 31 آذار عام 1995. وما ذكر أعلاه هو غيظ من فيض من الوثائق العديدة حيث يتم ذكر ممثلي جمهورية كاراباخ الجبلية.

وفي عام 1994 تمت الهدنة بين ممثلي جمهورية كاراباخ الجبلية وأذربيجان وأرمينيا (اتفاقية سوتشي، عام 1992 ومذكرة بيشكيك عام 1994).

وكذلك فإن جمهورية كاراباخ الجبلية لها ممثلياتها في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وروسيا ولبنان واستراليا وأرمينيا.

إعداد شاهان أفاكيان

ترجمة ن. أ.

Share This