مقابلة صحافية حول مؤتمر “الإبادة الأرمنيّة والوثائق” مع الأب مانوئيل بارسيخ بغداصاريان

في إطار الفعاليات المتعلِّقة بالذكرى المئوية للإبادة الأرمنيّة نظّم رئيس دير سيِّدة بزمّار المونسنيور كبريال (باتريك) موراديان، مؤتمراً تحت عنوان (الإبادة الأرمنيّة والوثائق).

لمزيد من لمعلومات حول فعاليات المؤتمر الذي عُقِد في دير سيِّدة بزمّار أجرينا حواراً صحفياً مع رئيس إكليريكيّة الطوباوي مالويان الكُبرى والملاك مخائيل الصُغرى الأب مانوئيل بارسيخ بغداصاريان.

۱- حضرة الأب المحترم ما فوائد تلك المؤتمرات؟

الندوة التي أُقيمت في دير سيِّدة بزمّار تحت عنوان “الإبادة الأرمنية والوثائق”، برعاية صاحب الغبطة البطريرك نرسيس بيدروس التاسع عشر، بطريرك الأرمن الكاثوليك، ونُظِمت من قِبَل المونسنيور كبريال موراديان النائب البطريركي للأرمن الكاثوليك في بيروت رئيس دير سيِّدة بزمّار، بالتعاون مع اللجنة المئوية للإبادة الأرمنيّة في لبنان بتاريخ ۱٤ شباط ۲۰۱٥، وهي السنة عينها التي تصادف السنة المئوية للإبادة الأرمنيّة والتي ذهب جراؤها مليون ونصف المليون شهيد أرمني معظمهم من عامة الشعب ومن مفكريه.

لقد قُتِلوا هؤلاء فقط لأنهم عرقلوا مخطط الطورانية، لذا تعمدنا لفت انتباه السادة القُرّاء إلى الظلم والعنف والقهر وسوء المعاملة التي انتهجت بحق شعبنا المستضعف، ليس فقط في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، بل منذ أيام الغزوات التي كان يشنُّها المغول والتتر الذين قدموا من آسيا الوُسطى وعاشوا حياة الترحال من مكان إلى آخر بغية الحصول على قوتهم اليومي، لذا سارعوا إلى غزو بلادنا وسلبها وقتل سكانها وحرق بيوتهم، لقد استباحوا كل شيء، واستولوا على وطننا الأُم.

كل هذا ليس بجديد عن تاريخ الأُمم، فمن البرابرة ولدت أمّة أكثر استبداداً وعنفاً ووحشيّة، إنها السلطنة العثمانيّة التي أسسها عثمان باشا مجدداً بها ما بدأ به أجداده في استنزاف شعبنا، فبدأت معه القضيّة الأرمنيّة.

ليلة الثالث والعشرين من نيسان عام ۱٩۱٥، بدأت المناحة الكبرى، حيث باشر العثمانيون مخططهم الإجرامي في ترحيل رجال الدين والمفكرين الأرمن من ديارهم إلى أماكن مجهولة، كصحراء دير الزور مثلاً، ليقضوا نحبهم في طريق الموت، آملين إسكات صوت الأُمّة كي لا يسجِّل التاريخ جرائمهم البشعة تجاه مليون ونصف المليون أرمني. إلاّ أن ما تبقّى منهم استطاع الفرار إلى بلاد المهجر ليحيي ذكرى شهدائه العُظام ويثبت أنه شعب صامد ولا يقهر، حيث استطاع النهوض من جديد، فنماوازدهر وشيَّد نُصُباً تذكارية قائلاً فيها:”إننا سنطالب بحقوقنا مهما طال الزمن، فنحن شعب نثق بأننا مباركين من الرّب، لأن الرّب خصّنا بنعمته فوهبنا أن نكون أول دولة تعتنق المسيحيّة كدين حكومي”.

۲- هل تستطيعون التوضيح أكثر حول نشاط المؤتمر الذي أُقيم؟

أمّا بما يتعلّق بالندوة، فتكمن أهميتها في أنها تشمل العديد من الميزات أهمها: الحِفاظ على ذكرى شهدائنا المحفورة في قلوبنا نحن الأرمن، وفي قلوب وضمائر أطفالنا وأحفادنا دون أن تمحنى ولو بعد مرور مئة عام، والمطالبة بإنصاف قضيتنا المحِقَّة أمام المحكمة الدولية، علماً بأنه استناداً لمبادئ المحكمة الدولية ليس هناك بند يُشير إلى إسقاط حق الشعوب بعد فترة زمنيّة معيّنة، إن لم يتنازل الشعب ذاته عن حقه. وبما أن القضيّة الأرمنيّة قد بدأت مرحلة جديدة، وبما أننا بصدد الإحتفال باليوبيل المئوي للإبادة الأرمنيّة إحياءً لذكرى شُهدائنا،نصرُّ على التمسُّك بجميع حقوقنا ومطالبنا، نجدِّد عهداً قد قطعناه على أنفسنا لشهدائنا الأبرار أمام الله، بأننا سنبقى أوفياء لوصيتهم ولدمائهم الزكيَّة مهما طال بنا الزمن حتى يظهر الحق.

من خِلال الندوة تمَّ طرح موضوع الوثائق المحفوظة في أرشيف دير سيِّدة بزمّار،إضافةً إلى مصادر أخرى محفوظة في مكتبات عالمية بحوزة دول عظمى تُعد تلك الوثائق من أثمن وأهم المخطوطات الموجودة حالياً، وتكمن أهميتها في أن مدوِّني تلك المخطوطات كانوا حلفاء للسلطنة العثمانية، شهدوا وعاينوا بأُمِّ أعيُنَهم أشكال الإبادة الأرمنيّة، إلاّ أن الوقت لم يحن لنشر تلك الثبوتّيات والوثائق نظراً للموقع الإستراتيجي الهام لتركيا ولعوامل أُخرى منها المصالح المشتركة بين تركيا والدول الكُبرى التي تخاذلت وخضعت لمشيئة الأتراك بعدم كشف تاريخهم المظلم.لذا تعمَّدوا التقيم على القضية الأرمنيّة لتبقى أرمينيا خاضعة لتركيا محقِّقةً بذلك تركيا مآربها وغاياتها الدنيئة.

على الرغم من كل ذلك نسعى نحن الأرمن جاهدين كي نوضح للعالم أجمع شناعة ما اقترفت أيديهم من قتل لشعبنا، ولإثارة الرأي العام ضد مرتكبيّ تلك الجرائم بحق الإنسانيّة وملاحقتهم أمام المحكمة الدوليّة للتعويض عن الخسائر التي لحِقت بأُمتنا جمعاء.

في إطار التنظيم أعددنا لوحة مطبوعة وموثّقةتُدين الحكومة التركية على جرائمها،تلك اللوحة عبارة عن صوَر للأيتام الذين شُرِّدواجرّاء المذابح الأرمنيّة، وصور للكنائس التي دمّرها الأتراك في أرمينيا وجميع تلك الصوَر محفوظة في متحف وأرشيف دير سيِّدة بزمّار.

أُقيمتالندوة على مستوى رفيع، نظراً لحضور نُخبة من المحاضرين المختصّينذوي الكفاءة العالية قدموا من مختلف البلدان،كأرمينيا، وإيطاليا، وفرنسا ومن بُلدان أُخرى وأخيراً أقيم حفل الخِتام حيث منح صاحب الغبطةالبطريرك نرسيس بيدروس التاسع عشر لطائفة الأرمن الكاثوليك البركة.

۳- وأخيراً هل لديكم مشاريع أُخرى متعلِّقة بموضوع الإبادة الأرمنيّة؟

أهم المبادرات التي ستقوم بها طائفة الأرمن الكاثوليك في ذكرى السنة المئوية للإبادة الأرمنيّة هي القدّاس التاريخي في الفاتيكان والذي سيترأسه قداسة البابا فرنسيسإجلالاً وإحياءًلذكرى مليون ونصف المليون شهيداً أرمنياً في تاريخ ۱۲ نيسان ۲۰۱٥.

حاورته صوسي بيلاوجيان

Share This