هل تتوافق التشريعات الداخلية لأذربيجان مع القانون الدولي بشأن كاراباخ الجبلية

في 23 تشرين الثاني عام 1991 ألغت جمهورية أذربيجان الحكم الذاتي لكاراباخ الجبلية. وبذلك تكون قد انتهكت جمهورية أذربيجان القانون الصادر عن جمهورية أذربيجان السوفييتية بتاريخ 16 حزيران عام 1981 “بشأن إقليم كاراباخ الجبلية للحكم الذاتي” (تم تعديله في 22 تموز عام 1982 وفي 27 تموز عام 1985 وفي 14 نيسان عام 1986) والذي ينص على أنه لا يمكن تعديل أراضي إقليم كاراباخ الجبلية ذات الحكم الذاتي دون موافقة مجلس النواب الشعبي في إقليم كاراباخ الجبلية ذات الحكم الذاتي. وهذا القانون يحدد بشكل مبسط أنه يجب أن يتم الموافقة على القانون المتعلق بإقليم كاراباخ الجبلية ذات الحكم الذاتي من قبل المجلس الأعلى لجمهورية أذربيجان السوفييتية على أساس الاقتراحات المقدمة من قبل مجلس النواب الشعبي في إقليم كاراباخ الجبلية ذات الحكم الذاتي.

وبإعلانها إلغاء حالة الحكم الذاتي لكاراباخ الجبلية تكون جمهورية أذربيجان وفي قرارها الأساسي في دستور عام 1995 (تم تعديله في 24 آب عام 2002 باستفتاء شعبي) قد قيدت أيضاً إقليم الحكم الذاتي مطالبة أن تكون الدولة وحدوية مركزية.

في الوقت الحالي، تأخذ قضية الدفاع عن حقوق الإنسان منحى دولياً في تسوية الأمور، وبهذا لا يمكن اعتبار ذلك من قضايا الدولة الداخلية.

إن حكومة أذربيجان بإلغائها وضع الحكم الذاتي في كاراباخ الجبلية دون موافقة الشعب في كاراباخ الجبلية وتأكيدها في الدستور عام 1995 (تم تعديله في 24 آب عام 2002 باستفتاء شعبي) على أن حكومة أذربيجان لن تتنازل عن أراضيها أو جزء منها بأي شكل من الأشكال لأي كان، وأن حدود الدولة سوف تحدد من قبل البرلمان وفق إرادة الشعب الأذربيجاني، ودون الأخذ بعين الاعتبار رأي السكان الأثنيين في الإقليم فإن حكومة أذربيجان تكون قد انتهكت المعايير الأساسية الدولية بما يخص حق تقرير مصير الشعوب.

وبهذا تكون جمهورية أذربيجان قد خرقت الفقرة 2 من المادة 1 من نظام منظمة الأمم المتحدة حيث يعترف بالمبادئ الأساسية “لتقرير مصير الشعوب وحقوق الشرعية العادلة”.

إن إعلان إلغاء وضع كاراباخ الجبلية يتعارض أيضاً مع روح الفصل 9 من إعلان “حول الأراضي خارج الحكم الذاتي”. إن حق تقرير المصير معترف أيضاً من خلال مواد ووثائق اتفاقيات منظمة الأمم المتحدة على النحو التالي:

  • العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 16 كانون الأول عام 1966.
  • العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في 16 كانون الأول عام 1966.
  • إعلان فيينا وبرنامج العمل حول حقوق الإنسان، تم توقيعه في مؤتمر دولي في 25 حزيران 1993، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 كانون الأول 1993 حول “التنفيذ الكامل لحق تقرير مصير الشعوب”.
  • آراء استشارية من محكمة العدل الدولية حول حق تقرير مصير الصحراء الغربية.
  • مواثيق منظمة العمل الدولية (المادة 3) رقم 107 و169 لعام 1996.
  • قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وفق النظام الداخلي للأمم المتحدة بشأن “مبادئ القانون الدولي المتعلقة بعلاقات حسن الجوار والتعاون فيما بين الدول” المؤرخ في 24 تشرين الأول 1970.

واتخذت الجمعية العامة، وعلى وجه الخصوص، من إعلان 24 تشرين الأول عام 1970 أساساً لها لتبين أن حق وحدة الأراضي يفوق حق تقرير المصير، لطالما أن حكومة الدولة ممثلة بالشعب الذي يقطن على أراضي الدولة الكاملة دون تمييز للعرق أو المذهب أو اللون.

أما فيما يتعلق بالعملية القضائية في فصل كيبيك عن تركيبة كندا، تبين المحكمة العليا في كندا أنه حسب القانون الدولي فإن الدولة التي تملك حق الاحتفاظ بوحدة أراضيها هي فقط الدولة التي تمثل حكومتها مصالح الشعب الذي يعيش على أراضيها على أساس عادل وبالتساوي ودون تمييز، وتحترم مبادئ حق تقرير المصير خلال إجراءاتها الداخلية. إن السكان الأثنيين الذين يعيشون على أراضي دول مماثلة لا يحق لهم الانفصال عن الدولة دون موافقة حكومة تلك الدولة.

في كل الأحوال، رأت المحكمة العليا في كندا أن شعب كيبيك محروم من حقه في الحكم الذاتي الديموقراطي وأن حقوق الشعب في كيبيك غير محترمة.

وبهذا، فالانفصال عن كندا بشكل أحادي دون موافقة حكومة كندا يغدو مسموحاً حسب القانون الدولي.

ويشير أنموذج كيبيك أنه في حال لم تمثل الحكومة مصالح الشعب الذي يعيش في تلك الأراضي فإن أشكالاً غير مستقرة لتقرير المصير يمكن أن تعتبر شرعية، بما فيها الانفصال عن تركيبة الدولة. فتصبح العملية القضائية بشأن الانفصال عن الدولة أساسية عندما يكون الطرف المدعي قد حقق استقلاله واقعياً. (مثال جزر ألاند).

هناك الكثير من طلبات تحقيق حق تقرير المصير المقدمة في العالم الحديث من قبل أطراف النزاع أو المجتمع الدولي حيث تهدف إلى وقف النزاعات أو حلها. وفي العقود الأخيرة تم اختيار هذا الشكل لتنفيذ حق تقرير المصير في تيمور الشرقية وإيرلندا الشمالية والكيبيك وجنوب السودان وصربيا والجبل الأسود وبورتوريكو وغيرها.

من كتاب “كاراباخ الجبلية وجهة نظر قانونية”،

إعداد شاهين أفاكيان، ترجمة د. نورا أريسيان

Share This