المغني العالمي سيرج تانكيان يتحدث عن جولته “إيقاظ النفوس” بمناسبة الذكرى المئوية للابادة الأرمنية

في تشرين الثاني الماضي،أعلنت فرقة “سيستيم أوف أداون” الحائزة على جائزة غرامي عن قيامها بجولة للاحتفال بالذكرى المئوية للإبادة الأرمنية.

ستبدأ الجولة التي سميت “إيقاظ النفوس” بالإنطلاق من مدينة لوس أنجلوس في السادس من نيسان حيث ستتخذ محطات لها في كل من لندن، كولونيا، ألمانيا، ليون، فرنسا، بروكسيل، أمستردام، وموسكو، وسيعودون بعدهاإلى أرمينيا لإحياء حفل مجاني في ساحة الجمهورية في العاصمة يريفان.

لقد قابلت سيرج تانكيان المغني الرئيسي لفرقة “سيستيم أوف أداون” في الشهر الماضي، لمناقشة تفاصيل الجولة ومشاريع أخرى ستجعله منشغلاً في المستقبل القريب.حيث تحدثنا خلال فترة الغداء في مقهى “استديو سيتي، كاليفورنيا” عن المشاريع القائمة في 2015 والتي من أهمها الذكرى المئوية للإبادة الأرمنية وجولة “إيقاظ النفوس” .

ولقد أوضح تانكيان أن فكرة هذه الجولة مشابهة لما سبقتها من سلسلة حفلات “النفوس” التي أقامتها الفرقة في عام 2004 من أجل لفت انتباه الرأي العام للإبادة الأرمنية، وحث الرئيس الأميريكي جورج بوش آنذاك بتنفيذ وعد حملته والاعتراف بأحداث الإبادة الأرمنية عام 1915.

وقال أيضاً ان هذه الحفلة ستبلغ ذروتها حيث لم تقدّم فرقة “سيستيم أوف أداون” مسبقاً حفلة مجانية في العاصمة يريفان،وأنها ستكون فرصة مناسبة للاحتفال بالذكرى المئوية. وأضاف قائلاً إن العرض سيتم نقله مباشرة عبر محطات التلفاز في أرمينيا وكذلك على مواقع في شبكة الانترنت ليتمكن الناس من جميع أنحاء العالم التواجد مشاركتنابالاحتفال في ساحة الجمهورية في العاصمة يريفان.

أكد تانكيان أن جولة “إيقاظ النفوس” ليست فقط من أجل لفت انتباه الرأي العام عن الإبادة الأرمنية، بل إنها أيضاً طريقة من أجل الوصول إلى العدالة.

وأوضح أن الدعوة إلى العمل ستبدأ قبل انطلاق الجولة، على إحدى مواقع الانترنت التي هي عبارة عن مجموعة يتواصل عبرها الناس للمضي قدماً في نشر رسالة الإبادة الأرمنية وتعميمها في جميع أنحاء العالم والمطالبة بالعدالة الشاملة.

وقال أيضاً “كل هذا مرتبط بحملة على موقع الانترنت وبيانات مفصلة عن الدول التي اعترفت بالإبادة الأرمنية، بالإضافة إلى رابط على موقع تويتر حيث يمكن للناس أن تنضم إلى الجهود المبذولة وتنضم للاحتفال معنا من جميع أنحاء العالم”.

وذكر تانكيان أن شرائح مختلفة في المجتمع التركي تقوم بعمل رائع للحصول على الاعتراف بالإبادة الأرمنية، وأن بعض مظاهر التغيير في صفوفها قد أوحت له بفكرة الجولة.

حيث قال عن النشاط في تركيا: “كما تعرف جيدا أنه كان هناك قرار يتم تداوله في البرلمان التركي منذ بضعة أسابيع وذلك لأجل الإعتراف بجميع الجرائم المسبقة من قبل سيدة كردية،عضو في البرلمان. وعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا يسيطر على البرلمان، وأن هذا القرار لن يمر إلا أن مقدمة القرار تعتبر علامة جيدة. وأنا شخصياً أعتقد أنه حان الوقت لنتوقع القليل من الحكومة التركية بل أن نتوقع لا شيء ولكن أستطيع القول أن هذا القرار يعود إلينا. حيث أن هناك منظمة تدعى “مشروع 2015″ تشجع الناس للذهاب الى اسطنبول خلال عام 2015 وأعتقد أن هذا دليل واضح وصريح ويجب علينا الحذر منه والعودة إلى نقطة البداية”.

لقد قامت جمعية”جمعية حقوق الانسان من تركيا ومركز ذاكرة الحقيقة العادلة”، وهما من أبرز المنظمات التركية المعنية بحقوق الإنسان، بالمشاركة مع المؤسسة العالمية المعنية بأعمال الإبادة ودراسات حقوق الإنسان ومقرها مدينة تورونتو، بتقديم مذكرات قانونية لصالح أرمينيا في قضية بيرنجيك الشهيرة القائمة حول إنكار الإبادة الجماعية في المحكمة الدولية لحقوق الإنسان وذلك في الثامن والعشرين من شهر كانون الثاني.

يقول تانكيان أن قاعدة كبيرة من المعجبين في تركيا نشطة تدعم هذه القضية وتدافع عن الموسيقيين عندما يكون بيانات أو معلومات خاطئة قد وردت في الصحافة التركية المحلية. رغم أن فرقة “سيستيم أوف أداون” وتانكيان لم يقدموا أي عرض داخل تركيا وذلك بسبب سياسة الحكومة التركية لإنكار الإبادة الجماعية.

وقال تانكيان:”إن الإبادة الجماعية هي قضية إنسانية وليست قضية معاداة بين الناس والثقافات. ورأينا أن هذا يحدث مراراً وتكراراً وسوف نستمر في رؤيته حتى وإن كان هناك لجان في الأمم المتحدة يعملون على معالجته أو منعه. ولن يطرأ أي تغيير في مجرى الأحداث حتى تقوم القوى التنفيذية في العالم أجمع بالموافقة على أن الإبادة الجماعية قضية تعتبر من الأولويات وفوق كل اعتبار”.

كماأوضح تانكيان أنه يجب حدوث نوع من الاتفاق الدولي بأن يتوقف كل شيء عندما يتعلق الأمر بالإبادة الجماعية. حيث أن وجود إبادة جماعية في السودان والصينيون يشترون النفط من هذا البلد فيجب أن يكون هناك اتفاق دولي أو آلية لمنعهم من شراء النفط من هذا البلد و إلا فهذا بالتحديد يعتبر جريمة ارتكاب الإبادة.

ويشير أن الاعتراف الرسمي بالإبادة الأرمنية قدحدث في الولايات المتحدة الأمريكية عند إقرار قرارات مختلفة في الكونغرس في الأعوام 1970 و1980 وعندمااعترف رونالد ريغان بالإبادة الأرمنية خلال فترة رئاسته.

ويعتقد أنه من المهم الزام الوزارة الخارجية الأمريكية لتحدد بشكل صحيح علاقة أمريكا مع تركيا. حيث ينبغي أن يكون الإعتراف بالإبادة الجماعية شرطا مسبقا لمستوى علاقات الولايات المتحدة مع تركيا.

وتساءل تانكيان “هل ستقوم جولتنا من جعل هذا الشيء ممكنا؟…كلا، لا أظن”. مضيفاً”لكننا نريد أن نكون جزءاً، لو كان صغيراً، من هذه الحركة واستمرار عملية الاعتراف بالإبادة وضرورة تحقيق العدالة، حيث أن هذه الإبادة تعتبر من أولى جرائم القرن العشرين، ونريد أن نبرهن للعالم أنها ماتزال مستمرة، فهي كالوباء لم تتوقف قط”.

يذكر أن تانكيان منهمك في نشاط آخر وهو كتابة الفيلم المرتقب”1915″ الذي يتحدث عن الإبادة الأرمنية والذي من المقرر أن يتم إصداره خلال هذه السنة.

ويعد “1915” الفيلم الرئيسي الأول للكاتبان والمخرجان كارين هوفانيسيان وأليك موهيبيان، بالمشاركة مع المنتج تيري ليونارد الذي أنتج الأفلام ((Before I Disappear, Cold Comes The Night, Amira & Sam بالإضافة إلى طاقم ممثلين عالميين بما فيهم سيمون أبكاريان الذي مثل في الأفلام ((Casino Royale, The Cut, Gett والممثلة أنجيلا سارفيان التي مثلت في (House Of Cards , Mad Men)وسام باج الذي مثل في (The Immigrant, The Twilight). ونيكولاي كينسكي في فيلم (Aeon Flux) والممثل جيم بيدوك في الأفلام (The Prestige ,Family tree, HBO’s).

لقد تم تصوير فيلم “1915” في مواقع داخل مدينة لوس أنجلوس مع شركات الإنتاج Bloodvine Media, Strongman حيث تم الأسبوع الماضي الإعلان عن عرض الفيلم في هذا العام. وسيتم التركيز على يوم واحد في الفيلم وهو الرابع و العشرون من نيسان عام 1915 ويتكلم أحداث الفيلم عن رجل واحد له مهمة خطيرة للغاية ومثيرة للجدل ألا وهي إعادة أشباح تلك المأساة المنسية الى الحياة.

سيلعب هذا الفيلم دوراًبارزاً في الحركة العالمية هذا الربيع لتسليطه الضوء على كل جرائم الإبادة الجماعية في القرن الماضي.

وباعتثاد تانكيان أن “1915” دراما شيقة ومثيرة للاهتمام وفريدة من نوعها وتتناول موضوعا فريداً لم يتم تناوله في الأفلام من قبل. حيث يرتكز الفيلم على تأثيرالصدمة من الخسارة على الشتات. وأنه لا يوجد فيلم قد عرض موضوعا مماثلاً، وربما هذه القضية هي قضية شخصية معنية بالأرمن، لكنها تحمل رسالة عالمية وهي رسالة الخسارة و الألم الناتج عنها.

يعرض “1915” أحداث هذه القضية بطريقة فنية عالية، وقال تانكيان أنه أشرف بنفسه على فترات التسجيل على مر شهور، وأن الموسيقى المستخدمة هي موسيقى أوركسترية راقية بالإضافة إلى موسيقى البيانو وآلات فريدة من نوعها، كذلك مع عناصر المفاجأة والرعب والغموض.

وكان تانكيان كتب أولاً الموضوعات على أساس السيناريو لمعرفة ما هو المحور العاطفي للفيلم، ومن ثم استنتج موضوعات أخرى من الموضوعات الفرعية، ونظم النص بكامل أجزاءه،مشهداً تلو الآخر، استناداًالى ملاحظات المخرجين،في الاستوديو الخاص به.

وقال تانكيان أنه قد أدخل على الفيلم الأصلي بعض العناصر من تأليف اسمه “مئة عام” والذي شارك بكتابته مع مؤلف أصله من نيوزيلاندا، جون باستاس. وتم انتهاء التأليف بأكمله في الخريف الماضي بالتعاون مع جمعية لارك الموسيقية.حيث تعتبر “مئة عام” قطعة موسيقية تعبرعن أول إبادة حدثت في القرن العشرين ضد الشعب الأرمني واليوناني والآشوري.

لقد جعل تانكيان رفاقه الموسيقيين المنتشرين في جميع أنحاء العالم يشاركون في أداء هذه القطعة الموسيقية. حيث قال:”قضيتنا ستنتقل من قلب الظلام إلى نهاية مشرقة مليئة بالأمل. وهناك كثير من العازفين كرسوا أوقاتهم مقابل لاشيء ليساهموا في سبيل هذه القضية. حيث تم إعداد فيديو ومونتاج لجميع الموسيقيين المشاركين بالعزف. ويأمل تانكيان أن يعرض هذا الفيديو على اليوتيوب وكذلك في العديد من المهرجانات.

قال تانكيان: “تعد “مئة عام” قطعة موسيقية ذو منشأ نيوزيلاندي حيث تم إعدادها من قبلي ومن قبل مؤلف آخر اسمه جون باستاس وهو من أصل يوناني-نيوزيلاندي، وتعاوننا سابقا مع بعض لإحياء حفل Elect The Dead في 2009 حيث ساعدني في ترتيب أغاني الأوركسترا الكثيرة. وكانت “مئة عام” فكرته، إلا أننا قمنا بكتابتها وتأليفها معا”.

وقال أن إدراجه بعضا من عناصر “مئة عام” إلى فيلم “1915” تم بنجاح وإتقان متماشياً مع الفكرة الشاملة للفيلم.

وسألت تانكيان أثناء مناقشتنا لفيلم “1915” ومشاريع أفلام أخرى حول موضوع الإبادة، عن التوقع السائد بين الشعب الأرمني على أن نمط الفيلم Schindler’s Listهو الأسلوب الوحيد الذي يمكن من خلاله سرد أحداث قصة الإبادة الأرمنية على نحو فعال عبر الشاشات.

فأجاب: “أستطيع أن أفهم ما يتوقعه الناس أو ما يريدون لكن الأمر يختلف عندما يتعلق بالفن. فهو ليس مثل شيء يحدث فجأة كأن استيقظ الشعب الأرمني يوما ما وقال إننا نريد فرقة موسيقية مثل فرقة System Of A Down تعزف موسيقى صاخبة (ميتال بروغريسيف)progressive metal ، فإن هذا الشيء قطعاًلم يكن متوقعاً بالنسبة لنا. يجب علينا تفادي مثل هذه التوقعات وتركها جانباً، وأن أهم شيء هو صنع فيلم مؤثر للغاية يكون هو نفسه من أعظم الأفلام بغض النظر عن الموضوع وتوقعات الآخرين”.

وقال ممازحا أن “1915” هو فيلم هندي ومن المتوقع أنه سيكون من الأفلام الهندية الحائزة على جوائز ببساطة لأنه يمتاز بطاقم ممثلين رائعين وأداء عظيم وموسيقى باهرة بالإضافة إلى أنه نص مكتوب بذوق رفيع وعناية مطلقة.

بدأ تانكيان مع فرقته System Of A Down الجولة منذ عام 2011، وفي أيلول المقبل ستفتتح الفرقة مهرجان Rock in Rio في البرازيل بالإضافة إلى تقديمهم حفلات في مختلف بلدان أميريكا الجنوبية.

في الخريف السابق رزق تانكيان وزوجته أنجيلا بمولودهما الأول. وكان مستغرقاً بالنظر إلى صورة ابنه في جواله الخاص حينما تأخرت قليلاً ولم أظهر في الموعد المحدد لنا على الغداء. وعبر عن شعوره قائلاً: “الأبوة شيء مدهش. لقد غيرت حياتي وإنه أهم شيء بالنسبة لي”.وأكمل بقوله: “عندما يكون طفلك نائماً بين يديك كملاك يخترق صدرك ويذوب في روحك رويداً رويداً، فحينها لا شيء في هذا العالم قد يعنيني حتى الموسيقا. نعم،لقدغيرتالأبوة حياتي الى هذه الدرجة”.

آرا خاتشادوريان – أسباريز 

ترجمة تامار كورديان – ملحق أزتاك العربي للشؤون الأرمنية

Share This