قصة الجندي الأرمني سركيس طوروسيان في رواية “من الدردنيل إلى فلسطين”

نشرت “الحياة” مقالاً حول كتاب “من الدردنيل إلى فلسطين” قالت فيه إن سركيس طوروسيان، الأرميني المولود في السلطنة العثمانية، كان جندياً متفوقاً دافع عن الباب العالي على رغم مخاوف متأصلة فرضت عليه أن يروّض شياطين نائمة في روحه. ولأنه فعل ذلك بتميز خلال معظم شبابه، وتخرج في كلية عسكرية بارزة، وتلقى تدريباً متقدماً في ألمانيا، وخدم بتميز في الجيش، واستحق أوسمة لمهاراته، وقاتل بنزاهة لحماية مصالح بلاده وتعزيزها، قام بإنجازات أقل ما يُقال إنها كانت استثنائية.

في كتاب صدر حديثاً مترجماً إلى العربية عن دار «رياض الريس للكتب والنشر» بعنوان «من الدردنيل إلى فلسطين»، يروي طوروسيان (1891 – 1954) قصة حقيقية عن خمس جبهات قتال لتركيا وحلفائها شارك فيها إلى الجانب التركي، وجبهة فلسطين – سورية حين انخرط في القتال مع الثورة العربية، ثم جبهة كيليكيا حيث شارك الأرمن مسعاهم إلى تأسيس وطن لهم، قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة حيث نشر كتابه بالإنكليزية.

ويروي طوروسيان في كتابه، الذي قدّم له الباحث اللبناني جوزيف كشيشيان وترجمه الزميل عبد الرحمن أياس، قصة حب بدأت في إسطنبول وانتهت في غزة. والعمل، الذي صدر في 1927 ثم في طبعة ثانية في 1947، عمل شبه مفقود بلغته الأصلية، الإنكليزية، وأثار زوبعة في تركيا حين ترجمه أيهان أكتر، أحد المؤرخين الأتراك الجدد، في 2012، ووفق المؤرخ، وهو أستاذ في جامعة بيلجي في إسطنبول، اختار التأريخ التركي الرسمي أن يمحو تماماً الاسم طوروسيان من سجلاته كلها واختار أن يتجاهل نجاحاته النادرة في حملة غاليبولي، بما فيها إغراق بوارج حليفة كثيرة، لأن أصول الضابط أرمنية.

ويسلط كشيشيان، الزميل الأول في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالرياض، أضواء قيمة جداً في مقدمته للكتاب على الزوبعة التركية، إلى جانب إماطته اللثام عن العلاقات الطيبة التي قامت بين العرب الثائرين على الدولة العثمانية واللاجئين الأرمن الذين حلوا بين ظهرانيهم. أما أياس فنجح في نقل روح النص، القريب من العمل الروائي الأدبي، إلى اللغة العربية. ويتزامن نشر الكتاب بالعربية مع قرب إحياء الأرمن الذكرى المئوية الأولى للإبادة.

يكتب طوروسيان في تقديمه لمذكراته: «القصة التي لدي لأرويها قد تبدو لكم قصة مغامرة، وهي في الواقع رواية عن جزء من حياتي. سامحوني إذا كان إخبار ما لدي لأقوله بأسلوب واحد أعرفه، مليئاً بالمحبة الشفافة آنفاً لانشغالي المسبق بكيفية الفوز بمعركة. لقد شاهدت النجوم الباردة الواضحة للصحراء ليلاً، وضوء القمر فوق البوسفور، وفي ذاكرتي الأشفاق حين غلّف جمال لامتناهٍ الحدائق التركية القديمة، والأيام المشمسة حين سارع نثار من الغيوم كرسل حثيثة في السماوات. وأذكر مغارب بنفسجية ووردية قاتمة وذهبية وأرجوانية. أنا أعرف الشرق، والحب الأول الضائع، وجمال العبارة – وملل اللفتة اللفظية الثقيلة. لكنني أعرف أكثر عن الحرب والتهديد والجبال المجهولة المرئية أمام السواد الأدهم لعاصفة مقتربة».

أما كشيشيان فيورد في مقدمته التي يلقب فيها النقيب الأرمني «طوروسيان العرب»: «بكلمات بسيطة، ساعدت القومية العربية على حفظ الأمة الأرمنية من الانقراض الكامل، فالتقاليد المشرقية والإسلامية النبيلة الممارَسة من العرب الورعين آوت الناجين من الإبادة وحمتهم وسمحت لهم بممارسة شعائرهم ومنحتهم سائر حقوق الإنسان الأساسية التي حُرِموا منها في أراضيهم الأصلية».

Share This