خارطة الطريق … هل تشارك جمهورية أرتساخ في عملية المفاوضات ؟

تشهد مسألة أرتساخ تطورات ملفتة في الآونة الأخيرة منها ما هي مقلقة ومنها ما تؤدي إلى حلول قد تكون مرضية لهذا الطرف أو ذلك، وقد لا تكون مرضية.

فبعد التهديدات المتكررة من جانب أذربيجان باستعمال القوة العسكرية لحل المسألة بما يتناسب مع أمنها الوطني، تنامت وبشكل دراماتيكي الخروقات الأذربيجانية لاتفاقية وقف إطلاق النار المبرمة في العام 94 من القرن الماضي، وذلك بتنفيذ عمليات عدائية (تسلل وهجوم مباغت وقنص) على طول الخط الفاصل بين أذربيجان و أرتساخ ما أدى إلى وقوع ما يقارب العشرة شهداء من جنود الحرس الحدودي لجيش الوطني لجمهورية أرتساخ.

وتسارع وبشكل ملفت، تدفق الوفود الرسمية والغير رسمية من الدول الغربية إلى أرتساخ. فقد زارت وفود برلمانية لكل من بلجيكا وكندا وفرنسا، ووفد من البرلمان الأوربي للاطلاع على الوضع في الجمهورية، بالإضافة الى المراقبين الدوليين الذين أتوا إلى استيباناكيرد، عاصمة الجمهورية، لمراقبة الانتخابات التشريعية التي جرت في حزيران المنصرم، الأمر الذي أزعج السلطات في باكو إلى حد احتجاجها لدى تلك الدول وآخرها فرنسا.

توالي القمم الرئاسية التي تجمع الرئيسين سركيسيان وعلييف برعاية روسية وآخرها قمة “أسدراخان” التي اتفق فيها الجانبان الأرمني والأذري تبادل الأسرى والجثث في مسعىً إنساني يمّهد لتكوين ثقة متبادلة بين الطرفين. لقد بدا دور ونفوذ موسكو يتعاظم في المنطقة بحيث تضع قواعد وأسس جديدة في إيجاد حل لمسألة أرتساخ، وبمعزل عن القواعد والأسس التي وضعت من قبل مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي. والجدير ذكره أن روسيا عضو رئاسي في مجموعة مينسك مع فرنسا والولايات المتحدة. باتت موسكو تضع كل ثقلها على باكو ويريفان لقبول مقترحاتها في تسوية النزاع بينهما، ألا وهي قبول أذربيجان استقلال جمهورية أرتساخ وقبول أرمينيا إعادة بعض الأراضي إلى أذربيجان، وقد صرح مسؤولون كبار في الإدارة الروسية بذلك، وبمعنى أخر الأرض مقابل الاستقلال.

السعي الحثيث لأذربيجان أخذ مسألة أرتساخ إلى أروقة الأمم المتحدة وإخراجها من مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وكذلك استعمال محافل دولية عدة لتبني مواقف مُدينة لأرمينيا أو مؤيدة لمواقفها، مثل منظمة الدول الإسلامية والهيئة العامة للأمم المتحدة والبرلمان الأوربي وآخرها برلمان دول الناتو. هناك أيضاً سعي من قبل باكو لإدخال وسطاء جدد مثل تركيا وإيران، وقد أبدى الطرفان استعدادهما لقبول تلك الوساطة، الأمر الذي لاقى اعتراض الدول الرئاسية في مجموعة مينسك روسيا، فرنسا والولايات المتحدة.

لكن في ضوء هذه التطورات وعشية قمة أسيتانة لمجموعة مينسك، ما هو دور الأرمن في جمهورية أرتساخ؟ ما هي تطلعاتهم المستقبلية؟

للإجابة على هذين السؤالين هنالك حقيقة يجب كافة الأطراف الأخذ بها. وهي مشاركة جمهورية أرتساخ في عملية المفاوضات الجارية لإيجاد حل لمسألتها يضمن حقوقها ويراعي مصالحها. نذكر هنا أن جمهورية أرتساخ وقعت على اتفاقية وقف إطلاق النار العام 1994 كطرف قائم بحد ذاته ولكنها الآن مبعدة من طاولة المفاوضات التي تجرى لحل النزاع.

فالشعب الأرمني في أرتساخ يأمل العيش بسلام وأمان والمحافظة على أرضه، وأن يكون له الحق في تقرير مصيره الذي يضمنها شريعة حقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة، وأخيراً اعتراف الأسرة الدولية بها كدولة مستقلة ذات سيادة، أما باقي الحلول مهما كانت فهي إما غير عملية أو غير قابلة للتنفيذ. فقد جرت العادة أن مصالح الدول الكبرى لا تراعي حقوق الشعوب الصغرى إلا فيما يناسبها، لذلك على هذه الشعوب ضرورة الممانعة والثبات على حقوقها وعدم الرضوخ للضغوط والحلول الغير منصفة.

أنترانيك ببجيان

Share This