“تيريز كركجيان”… حينما تنطق الورود

Your browser may not support display of this image. محمد علو

كان لورود الأقحوان التي زينت حديقة منزل “تيريز كركجيان” وهي في سنوات عمرها الأولى، أثر مميز ولّدَ عند الفنانة ارتباطا روحانيا ووجدانيا بالورود ومعانيها ودلالاتها. ليمتزج ذاك الارتباط مع مواهب “تيريز” الفنية في إبداعات تشكيلية بدأت بالأيقونة وصولا إلى عالم الورود. وليكون تشكيل المرأة مشروعا مستقبليا.

eAleppo التقى الفنانة “تيريز كركجيان” في حديث عن تجربتها الفنية، ولأن الورد يمثل مشروعها الفني الحالي بدأنا فيه الحوار.

** بداية تعرفي على الورد كانت من خلال ورود الأقحوان التي كانت تزدان بها حديقة منزلنا في “لبنان”، وكان عمري آنذاك خمس سنوات. وكل إنسان لابد أن يربطه بطفولته أشياء معينة. وبهذا كان الارتباط بيني وبين الورد.

أما فنيا فالورد لغة، تتربع هذه اللغة على لوحاتي الفنية تاركة لها المجال لتتكلم عن نفسها من خلال العديد من المعاني الإنسانية والوجدانية. فالورد فيه الحب، الأنوثة، الشغف، وتحد كبير للصعوبات التي تعترينا في حياتنا، وهذا التحدي يتمثل كثيرا باللون الأحمر الذي استخدمه في لوحاتي.

* قد يرى من يشاهد الورود في اللوحات الفنية أن رسائلها واحدة ومن الصعب أن تتعدد، والسؤال كيف يمكن للرسائل الفنية أن تتعدد والمحور واحد؟

** عند اجتماع اللوحات في معرض واحد فمن المؤكد أن يظهر تعدد الرسائل والموضوعات والدلالة الفنية. أما اللوحة المفردة فتعتمد على اللون في إيصال دلالتها الفنية إن كان من خلال طريقة العرض أو الألوان المستخدمة بتدرجاتها وتناسقها. فاللون الأخضر مثلا يعبر عن الهدوء والرومانسية، في حين أن اللون الأحمر أكثر جرأة وصخبا، ومن ناحية أخرى يشكل اللون البنفسجي حالة الحزن التي أريد أن أوصلها من خلال لوحة معينة. وأنا أصر على كون الورد يستطيع التعبير عن كل الحالات النفسية والوجدانية التي يمر بها الإنسان والدليل على ذلك هو استخدامنا للورد في كل المناسبات، فنحن نقدم الورد في المناسبات المفرحة كما نقدمه في مناسبات الحزن، مع مراعاة خصوصية كل نوع ولون.
* منذ عدّة سنوات وأنت تعملين في الورد، هل نستطيع أن نربط الورد بمشروعك الفني؟
** منذ ثماني سنوات وأنا أعمل بتقنية الورد وعلى الرغم من علاقتي الخاصة مع الورد إلا أنني أردت التميز من خلال هذه التجربة، وأنا ألاحظ تقدما لنفسي في هذه التقنية أسعى لتطويره باستمرار. في الحقيقة كنت صادقة مع نفسي ولم أجبر نفسي على هذا العمل، هذا ما أراحني كثيرا ودفعني للسعي لكي أصل إلى المرحلة التي تشاهد فيها اللوحة وتعرف أنها لـ “تيريز”. حتى الآن أنا بحالة تجربة مستمرة، وكثيرا ما أمزق لوحات لا أجدها ناجحة، فأنا لا اعرض إلا اللوحات التي اقتنع بها. وبالنسبة لمرحلة الورد فحاليا أنا أجد نفسي بهذه التقنية واعمل على تطويرها. وقد ادخل تجربة أخرى مستقبلا، خصوصا أني بدأت بتجارب فنية بتشكيل المرأة، وقد يكون هذا مجالا فنيا آخر اعمل به مستقبلا. ولكن ليس قبل أن اترك بصمتي في تقنية الورد *

*أين تتجسد الورود البشرية وحالتك النفسية في اللوحة؟

** من يصنع اللوحة هو بشر، فلابد من ظهور اللمسات البشرية في كل لوحة. أما الحالة الإنسانية فهي جوهر العمل الفني، فهي التي تصنع اللوحة، وشرط النجاح لأي لوحة هو وجود حالة إنسانية تقف ورائها، فاللوحة بدون وجود هذه الحالة لا يمكن لها أن تصل إلى النجاح، ولدي لوحات كثيرة لم تنجح وتركتها.

هناك لوحات استغرقت ستة أشهر حتى انتهت، وبعضها الآخر لم ينتهي بعد، في حين أن بعض اللوحات لم تستغرق سوى ساعتين من الزمن، والسبب وجود حالة إنسانية قوية شاركت في رسم هذه اللوحة. وعلى ذلك فلابد لحالات الفرح أو الحزن التي يمر بها الفنان أن تترك آثارها على عمله الفني. وشخصيا أنا متفائلة دائما وأحب أن انقل هذا التفاؤل إلى أعمالي الفنية.
* وماذا عن أدواتك الفنية؟

** شعوري أن يدي تأخذ راحة خاصة مع الريشة، وهذا كان له أثر جيد في انطلاقتي الفنية، بدأت بمرحلة الزيتي، بعدها مرحلة المائي. والآن أعمل بتقنية خاصة بي هي مزيج بين المائي والكواش.

* أخيرا.. كيف ترى “تيريز” مستقبل الحركة التشكيلية في سورية؟

** إن شاء الله مشرقاً، فعلى الرغم من كل الصعوبات التي تواجه الفنان من خلال الثقافة الفنية لدى الجمهور أو الدعم، يبقى الفنان السوري مستمرا في عطائه، ويقف وراء ذلك الخلفية الثقافية للفنانين، فمن يجلس مع الفنانين في مجالسهم ويرى حواراتهم الثقافية البناءة يدرك هذه الحقيقة، من خلال الطرح الثقافي للمواضيع الاجتماعية والوجدانية، هذا ما يطمئن على مستقبل الحركة الفنية في “سورية” مع دعوتي لدعم هذه الفئة المتميزة في المجتمع.

ـ “كارول كركجيان” هي الشقيقة التي لازمت تجربة “تيريز” الفنية ودعمتها منذ انطلاقتها، تحدثنا عما تراه من تطور في تجربة “تيريز” فتقول: «اهتمام “تيريز” بالرسم كان منذ سنواتها الأولى، بالإضافة إلى اهتمامها بالأناقة والترتيب في كل شيء حولها، مع سعيها للتميز الذي بدأتْ تدخله بجدارة من خلال الفن. كنت دائما أشجعها وأحضها على الاستمرار لأني كنت أرى تميزا بداخلها لكنه لا يخرج بالشكل الأمثل، مع إصرار تيريز وعملها الدؤوب، بدا فنها يتجسد بشكل جميل ومتميز، وأضنها وصلت إلى مرحلة جيدة حتى الآن.

منذ عدة سنوات كان معرضها الأول بدمشق، شجعتها كثيرا لإقامته، ومنذ ذاك الحين بدأتْ تهتم بالرسم بشكل جدي ولم يبق مجرد هواية، وأخذت لوحاتها تتطور بشكل ملحوظ..».
وكمقارنة بين “تيريز” الآن، وبداياتها، قالت كارول: أصبح لديها تطور واضح في الألوان، أصبحت ألوانها تظهر بشكل متناسب أكثر، وتدرج اللون أصبح لديها متطورا ولافتا للنظر، وأصبحت اللوحة لا تعكس فقط حالتها النفسية، بل لها جمالية خاصة من خلال انفتاحها على عدة مجالات في الألوان والورود..”

بقي أن نذكر أن الفنانة “تيريز كركجيان”من مواليد “حلب”، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين. درست الفن بشكل خاص. بدأت تجربتها الفنية منذ سني عمرها الأولى من خلال الطبيعة ثم اهتمت بالأيقونات، ودخلت تقنية الورد منذ حوالي 8 سنوات. لها ثلاثة معارض فردية، وشاركت في العديد من المعارض الفنية المشتركة في سورية.

الأربعاء 20 تشرين الأول 2010

Share This