إبادة الأرمن وإبادة جبل لبنان

“أتذكر وأطالب” شعار مئوية الابادة الارمنية…

تحية الى الارمن اللذين لم ولن ينسوا شهداء مجازر 1915 رغم كل القهر والغربة والتشتت في أصقاع الارض… شعب فخور يحق له ان يفاخر بتضحياته من أجل الوطن والارض والحرية والانسانفي مثل ذلك التاريخ 1915 ارتكب العثمانيون أيضاً ابادة أخرى في لبنان…

نعم ثمة ابادة كاملة قام بها الحاكم العرفي العثماني جمال باشا السفاح ضد المسيحيين في جبل لبنان وأينما وجدوا على أرض لبنان، عقاباً لهم على الحرية القليلة التي كانوا يتنعمون بها في ظل متصرفية جبل لبنان ومن أجل التخلص من هذا العنصر اللبناني المطالب دائماً بالاستقلال والحرية والادارة الذاتية بعيداً عن ولاة السلطة العثمانية منذ أيام أمارة فخر الدين المعني الكبير، الى أمارة بشير الشهابي وكل الامراء اللذين حفظوا لهذا الجبل استقلالية وتمايزاً عن سلاطين بني عثمان اللذين جردوا الحملات العسكرية والجيوش من أجل اخضاع لبنان والسيطرة عليه، في حين كانت كل ولايات السلطنة العثمانية هانئة وخانعة وراضية لحكم الخليفة في اسطنبول…

جرت ابادة كاملة، تؤكدها عشرات الوثائق والابحاث التاريخية والدراسات، وافضل توصيف لتلك الايام السوداء هو ما أورده أديب لبنان الكبير الراحل توفيق يوسف عواد في كتابه “الرغيف” عن الاهل اللذين ماتوا وقطعوا الطعام من افواههم من أجل أن يطعموا اولادهم القليل من الشعير والزوان وهي أكل الدواب. ولا ينسى اخبار “السفربرلك” أو أقتياد الشباب الى السخرة والتجنيد الاجباري حيث اختفى عشرات الالاف من الشبان والرجال دون أي أثر…

قدم الرحابنة في فيلم “سفربرلك” لمحة سريعة وفنية عما ارتكبه العثمانيون من حصار وتجويع لأهل لبنان، ومثلهم كتب كثر من المؤلفين والمؤرخين عن معاناتهم وقهرهم، وأكوام جثث الجائعين اللذين كانوا يتكدسون في شوارع بيروت وصيدا وطرابلس لكن احداً لم يكلف نفسه عناء رفع الصوت والمطالبة بحقوق من قتلهم جوعاً العثمانيون واكتفى كتاب التاريخ بتبرير ما جرى بحصار الحلفاء للشواطئ اللبنانية واسراب الجراد “التي أكلت الاخضر واليابس”…
لا ليس صحيحاً ان الجراد قتل الالاف من اللبنانيين في 1915 ، بل قرار سياسي عثماني بتدمير جبل لبنان وتهجير أهله، ومن قتل السريان والاشوريين في طورعابدين وذبح الارمن في ارمينيا الغربية وسهول سوريا أنما كان يدرك ما يفعل جيداً في جبل لبنان… لكن ما العمل أمام هذه الذاكرة المثقوبة لدى اللبنانيين، وتلك العقلية المركنتلية – التجارية – الفاسدة التي تجد تبريراً لكل الجرائم حتى ولو كان اللبنانيون الضحية…
هذه هي الحقيقة ولماذا “اللف والدوران”.

تحية الى الارمن في ذكرى مئوية الإبادة، أنهم شعب لا يموت…

بيار عطا الله

النهار

Share This