الإبادة الأرمنية في مؤتمر تنظمه جامعة دمشق

 

انطلقت فعاليات المؤتمر الدولي الذي تقيمه جامعة دمشق على مدرجها تحت عنوان “سورية إلى إعادة البناء” وتستمر لغاية 26 نيسان الجاري بمشاركة جهات بحثية عربية وأجنبية.

وقال سماحة المفتي العام للجمهورية الدكتور أحمد بدر الدين حسون “من يقوم باعمال القتل والتدمير لا مكان له في سورية وليسوا من صنعها وإنما من صنع أصحاب معامل السلاح” مشيرا إلى أن البناء في سورية لم يتوقف يوما لكن بناء الإنسان هو الأقدس من بناء المساجد والمعابد والكنائس. واعتبر المفتي انعقاد المؤتمر في جامعة دمشق لقاء لبناء الوطن والبنيان والإنسان ورسالة للعالم مفادها أن سورية التي أرادوها ممزقة بين أبنائها وطوائفها انتصرت اليوم لأن أبناءها يتعايشون ويتحدثون لغة الأسرة الواحدة.

وأضاف المفتي إن “أبناء سورية لم يخرجوا يوما ليقاتلوا احدا وإنما خرجوا لحمل رسالة الحب والسلام والدفاع في سبيلها وأن سورية لم تصدر إلا العلم والرسالات بينما صدر الأعداء لنا الإرهاب والقتل والدمار “مشيرا إلى أن الجيش العربي السوري كان عبر السنين عونا للعرب وفي مقدمتهم فلسطين وسيبقى المدافع عن السوريين بكل مكوناتهم.

ودعا سماحة المفتي الأجيال القادمة إلى حمل رسالة الحق المعطرة بدماء الشهداء بكل مسؤولية وأمانة والحفاظ على وطنهم وقيمهم الإنسانية وحضارتهم مؤكدا أن اليد التي “ستعتدي على سورية سيقطعها السوريون”.

بدوره بين البروفيسور ديكلان هايز في كلمة المشاركين الأجانب “إن سورية هي ضحية السياسة العالمية وعلى الغرب تصحيح سياساته بالمنطقة” مشددا على ضرورة مكافحة التطرف والإرهاب. وقال “إن شعوب سورية واليمن وفلسطين والعراق دفعوا الثمن غاليا من أجل السلام وأن المسلحين الذين دخلوا مدينة إدلب ودمروا آثارها التاريخية ونصبها التذكارية ليسوا بشرا”.

وأكد هايز أن سورية باقية لآلاف السنين معربا عن أمله بعودة الأمن والاستقرار والحياة الطبيعة كما كانت ومبديا تعاطفه مع أمهات وزوجات الشهداء والأيتام والأرامل ومساعدتهم.

وفي كلمة منظم وفد دعاة السلام لفت الدكتور أحمد الخضور إلى أن جامعة دمشق تلعب دورا مهما في دعم مسيرة البناء والتحديث التي يقودها السيد الرئيس بشار الأسد في سورية كما تعمل على استخدام العلوم الحديثة ووصل الماضي والحاضر لبناء مستقبل أفضل. وأعرب عن أمله بأن ينتبه العالم مع إحياء الذكرى المئوية للمجازر العثمانية بحق الأرمن إلى الأخطاء العظيمة التي حدثت في الماضي وأن يأخذ الدروس والعبر من التاريخ لمنع تكرار هذه الأخطاء مضيفا إن “صوت ضحايا السوريين من التنظيمات الإرهابية في هذه الأيام لم يسمع بشكل كاف على المستوى العالمي”.

وقال إن الوفد رأى خلال زيارته لسورية العام الماضي “الأذى الذي تعرض له الشعب السوري وما عاناه من جرائم العصابات الإرهابية ووجد أن الأزمة ليست حربا أهلية أو طائفية أو ثورة ذات دعم شعبي وإنما غزو خارجي مخطط له ضد الحكومة والشعب السوري” منوها بالجهود المستمرة لدعم مسيرة المصالحة في سورية.

من جهته قال سفير جمهورية أرمينيا بدمشق الدكتور رشاك بولاديان “إن سورية البلد الصديق مهد الحضارات والقيم الإنسانية رسمت على صفحات تاريخه المعاصر مرحلة جديدة ومؤلمة نتيجة وباء الإرهاب الذي انتشر في جمع أنحائه” مؤكدا أن سورية قيادة وشعبا وبجهود أصدقائها ستتغلب على هذه المحنة وستقوم بإعادة إعمار البلاد.

وأضاف السفير الأرميني: إن الشعب السوري الذي يتعرض للإرهاب يوميا يقدر مأساة وآلام الشعب الأرميني الذي تعرض للإبادة في كنف الامبراطورية العثمانية والتي راح ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون أرمني وتهجير من تبقى على قيد الحياة إلى بلاد الشام وخاصة سورية التي استقبلت المهجرين برحابة صدر وأصبحت الملاذ والمأوى لهم. وأشار إلى أن الإبادة وأعمال القتل والتهجير “وصمة عار في تاريخ الدولة التركية نظرا لبشاعتها وأدت لإفراغ الولايات الأرمينية من أهلها والقضاء على أجيال كاملة من المثقفين والسياسيين والأساتذة وتدمير التاريخ الأرميني” مؤكدا أن “تركيا الحالية كوريثة للامبراطورية العثمانية ستبقى مسؤولة عن تلك الجرائم أمام الحضارة الإنسانية مهما تقدم الزمن”.

وبين بولاديان أن أرمينيا تتابع التطورات والوضع الناشئ في سورية جراء العنف والعمليات الإرهابية وترحب بأي مبادرة سياسية تؤدي لإعادة الأمن والاستقرار على ألا تكون بديلا للحوار الشامل والتسوية السياسية للأزمة معربا عن أمله بأن “تلثم سورية جراحها وتعود الحياة إلى طبيعتها وتقوم بدورها المحوري إقليميا ودوليا من خلال حربها على الإرهاب وبناء مجتمع مدني يحتضن كل فئات وشرائح شعبها”.

بدوره أوضح رئيس جامعة دمشق الدكتور محمد حسان الكردي أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في إطار ترسيخ دور الجامعة العلمي والأكاديمي والوطني في ظل الحرب الظالمة التي تشن على الشعب السوري بكل أطيافه وتتزامن أعماله مع إحياء الذكرى المئوية للإبادة التي تعرض لها الشعب الأرميني.

وأشار رئيس الجامعة إلى أهمية المحاور والموضوعات المطروحة في المؤتمر والتي تسلط الضوء على المجازر التي ترتكب في الوقت الحاضر والتي ارتكبت سابقاً بحق الشعب السوري مستهدفة نسيجه الاجتماعي وتدمير بناه التحتية كما يناقش محاور في إعادة البناء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والبشري والفكري.

حضر الافتتاح وزراء السياحة والدولة لشؤون البيئة والتعليم العالي والسفير الإيراني بدمشق وعدد من أعضاء مجلس الشعب وأمين فرع جامعة دمشق لحزب البعث العربي الاشتراكي وعدد من رجال الدين المسيحي والإسلامي ونواب رئيس جامعة دمشق وعمداء الكليات وأعضاء الهيئة التدريسية.

ويختتم المؤتمر الذي يشارك فيه باحثون وأكاديميون وخبراء ودعاة سلام من دول عربية وأجنبية أعماله الأحد المقبل.

(سانا)

Share This