سانا: في مئوية الإبادة.. المجتمع الدولي منقسم حول توصيف الجريمة العثمانية بحق الأرمن

مضت مئة عام على جريمة الإبادة الجماعية التي نفذتها قوات السلطنة العثمانية بحق مليون ونصف المليون من أبناء الشعب الأرمني ولا يزال المجتمع الدولي منقسما بوصف ما حصل انطلاقا من معايير ومصالح سياسية بين جريمة الإبادة ضد الإنسانية وبين أحداث مؤسفة حدثت أثناء الحرب العالمية الأولى نتيجة الفوضى التي دبت في الإمبراطورية العثمانية وبين المجازر التي حدثت بحكم العمليات الحربية كردود فعل من بعض الجهات غير المنضبطة ومن دون رضى السلطة المركزية.

وبحسب توصيف القانون الدولي فإن المأساة الأرمنية المزدوجة بين خسارة الشعب وخسارة الوطن كانت جريمة إبادة أجناس بشرية وليست أحداثا مؤسفة أو مجازر خارجة عن سيطرة الدولة التركية كما يحاول البعض ترويجه اليوم لأن النزعة الطورانية كانت تجتاح السلطنة العثمانية في ذلك الوقت وهذه النزعة كانت تسعى إلى إقامة امبراطورية تركية من الأناضول إلى أقاصي آسيا شرقاً وكانت أرمينيا وشعبها عائقاً أمام قيام هذه الدولة فكان من الضروري إزالة أرمينيا من الخريطة وإزالة الأرمن من الوجود حسب مفكري النظرية الطورانية.

ويعود تردد العديد من الدول الغربية في وصف ما حصل بجريمة الإبادة حسب معايير القانون الدولي إلى تقديمها مصالحها وأجنداتها وتحالفاتها السياسية على معايير حقوق الإنسان التي تزعم التمسك بها ليل نهار وآخر هذه المواقف كانت تصريحات البيت الأبيض الذي تجنب استعمال كلمة الإبادة وطالب فقط باعتراف كامل بالمجازر التي تعرض لها الأرمن في عهد السلطنة العثمانية.

موقف الولايات المتحدة الجديد القديم أطلق بالتوازي مع استقبال مستشارة الرئيس الاميركي لشؤون الأمن القومي سوزان رايس وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو قبل يومين فقط من موعد إحياء الشعب الأرمني للذكرى المئوية حيث اكتفت رايس بدعوة أوغلو إلى إطلاق حوار مفتوح في تركيا حول ما أسمته فظائع 1915.

يذكر أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان وعد خلال حملته الانتخابية في العام 2008 بالاعتراف بإبادة الشعب الأرمني ولكنه حين أصبح رئيسا لم يف بوعده ولم يأت على لسانه كرئيس يوما هذا اللفظ ولا سيما في البيانات التي تصدر سنويا في الذكرى بينما يعترف الكونغرس بالإبادة منذ وقت طويل بموجب قرارين.
واستنجدت تركيا دائما باللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية للتصدي لمحاولات الاعتراف الرسمي الشامل بالإبادة الأرمنية مقابل تنازلات مهمة في مجالات مختلفة وخاصة على صعيد العلاقات التركية الإسرائيلية والتنسيق الإقليمي المشترك كما أن “مستوطني إسرائيل” لا يريدون أن يتقاسم معهم أحد التضامن والتعاطف الدولي مع ضحاياهم المفترضين على يد النازية.

وفي محاولة تركية للتشويش على إحياء الشعب الأرمني للذكرى المئوية ومنع مشاركة الرؤساء والقادة فيها عمدت الحكومة التركية إلى إحياء ما تسميه ذكرى معركة غاليبولي في مراسم استعراضية على ضفة مضيق الدردنيل ضخمة يشارك فيها نحو 20 من رؤساء وقادة دول العالم حيث تقول إن عشرات الآلاف من جنود السلطنة العثمانية وقوة بريطانية فرنسية مشتركة سقطوا في معركة من تسعة أشهر انتهت بهزيمة حلفاء الحرب العالمية الأولى.

وبما أن تركيا الحالية هي وريثة وخليفة السلطنة العثمانية بموجب القانون الدولي وهو أمر يعتز به زعيم النظام الحالي رجب طيب أردوغان ويفاخر به علناً فإنها بذلك تكتسب جميع الحقوق وتترتب عليها التزامات تلك السلطنة ومن بينها المسؤولية الناجمة عن جرائم الإبادة بحق الأرمن وغيرهم.

وكان آخر من اعترف بالإبادة الأرمنية هو بابا الفاتيكان البابا فرنسيس والبرلمان الأوروبي والعديد من البرلمانات التي دعت حكومة حزب العدالة والتنمية للاعتراف بهذه الإبادة على أنها تطهير عرقي والاعتذار من الشعب الأرمني(سانا).

Share This