وردة بنفسجية “كي لا ننسى”

“لنتذكر… ونطالب”، لنتذكر مأساة حدثت منذ مئة عام، مجزرة في حق أطفال ونساء ورجال عزل… هي السلطنة العثمانية التي نكّلت بالأرمن، قتلتهم، اغتصبت نساءهم، ذبحت أطفالهم… هؤلاء الأرمن الذين تفرقوا وتشتتوا وشردوا في بلدان مختلفة هرباً من الابادة، لا يزالون يرفعون الصوت بعد مئة عام ليطالبوا بحقهم وحق آبائهم وأجدادهم. من جيل الى جيل يتناقلون قصص العذاب، من جيل الى جيل يتوارثون الشعلة حاملين قضيتهم في المحافل الدولية لحض الدولة التركية على الاعتراف بالإبادة والتعويض عليهم.

في الذكرى المئة قرروا أن يضعوا وردة لئلا ينسوا، اختاروها بدقة ليقولوا للعالم أنهم لم ينسوا بطش التركي بحق الأجداد والآباء. هي وردة “The Forget – Me – Not Flower” أو وردة “أن لا ننسى”، ستوضع اليوم على أضرحة “الشهداء” في كل بلد لجأ اليه الأرمن بعد هروبهم من جرائم السلطنة العثمانية.

وردة بنفسجية اختاروها في الذكرى المئوية للابادة، وردة تجمع في ألوانها الماضي والحاضر والأمل بالمستقبل. تشرح المديرة التنفيذية للهيئة الوطنية الأرمنية في الشرق الأوسط فيرا يعقوبيان لـ”النهار” أن “اللون البنفسجي يرمز للخلود، فالقضية الأرمنية خالدة حتى الممات. رمزية الوردة التي اختيرت في الذكرى المئوية كرمز ليثبت الأرمن أنهم “أحياء في قضيتهم”، تأخذ بعداً فلسفياً نابعاً من وجع عميق عمره مئة عام”.

ينقل الرمز الخاص بالذكرى المئوية للابادة الأرمنية رسالة في أقسام وردة “The Forget – Me – Not Flower” ، فأجزاؤها الأربعة تحكي قصة شعب عانى ظلماً وواجه وحشية سلطة لم تعرف رحمة. فتويجيات الوردة تمثل القارات الخمس التي لجأ اليها الأرمن بعد هروبهم من جور الأتراك، فهم منتشرون في بلاد الاغتراب وأمسوا منصهرين بين شعوب العالم، أما لون الوريقات البنفسجي الغامق فيرمز للمستقبل والخلود. أما الجزء البنفسجي الفاتح فيرمز الى الحاضر والوحدة والتوافق على ضرورة احقاق الحق والعدالة، والجزء الأصفر وهو كناية عن 12 مضلعة مصفوفة بشكل دائري، يرمز الى الخلود وضوء الشمس التي تمثل “الحياة”، وهو يمثل النار المشتعلة التي لم تنطفئ في وسط النصب التذكاري لشهداء الابادة الأرمنية، تدل على القيامة والرجاء. والاثنا عشر مضلعاً تدل الى المناطق الأرمنية المحتلة حتى اليوم حيث وقعت المجازر. أما الدائرة السوداء فترمز الى الماضي والذكريات الأليمة البشعة.

تشير يعقوبيان الى أن الذكرى المئوية للابادة الأرمنية منعطف تاريخي بالنسبة للأرمن لرفع الصوت للمطالبة بالعدالة والتعويضات للشعب الأرمني، وتذكر أنه في الذكرى الخمسين بدأت فيها مرحلة تدويل القضية الأرمنية، مرحلة وضع فيها ملف الابادة الأرمنية في المحافل الدولية، وتوالت الاعترافات بان تركيا نفذت تلك المجازر بحق الشعب الأرمني. ولفتت الى انه بالذكرى المئوية منعطف جديد ومرحلة جديدة بخاصة ان العالم يوجه أنظاره نحو قضيتنا، فرغم كل الدعوات التركية للمشاركة في ذكرى معركة غاليبولي، كثير من الدول رفضت المشاركة، وفضلت المشاركة في ذكرى الابادة الأرمينية في يريفان.

“لن ننسى”، ذكرى الابادة الأرمنية هي جزء صغير من التاريخ الأرمني وهي الأكثر مأسوية في تاريخ معاناة هذا الشعب المناضل. وحتى لا تنسى القضية، يتم تناقل المأساة من جيل الى جيل، “قصة ستي وجدي خبروها لأهلي وأهلي خبروني اياها وأنا بخبرها لولادي”. من الأجداد للأحفاد، أمست القضية مثل الماء والهواء من ضرورات الحياة اليومية. وكي “لا ننسى”، أمسى جزء هذا التاريخ المأساي مادة تدرس في المدارس الأرمنية المنتشرة في أنحاء العالم، اضافة الى اللغة الأرمنية، وتقول يعقوبيان ان “خلال 10 عقود، استطعنا الحفاظ على الذاكرة الجماعية، وطالما ان الشعب الأرمني لم يستحصل حقوقه من الأتراك فمستمرون بالمحافظة على الهوية القومية وذكرى المجزرة والتاريخ الأرمني”.

النهار

Share This