أرمينيا الجميلة.. بلد صاروخان زميلي العزيز

لم تكن الزيارة الأخيرة التي قمت بها الي أرمينيا مجرد رحلة ترفيهية أو حادث عابر ضمن شريط حياتي خاصة أنني زرتها مرتين من قبل، والزيارة الأخيرة هي الثالثة, وكانت بداية للتعرف علي قيم وموروثات اصيلة في شعب هذا البلد الرائع الذي تأكدت أنه وفي لأقصى درجة, ويعلي قيمة حفظ الجميل لفاعله والتذكير به دائماً, وهو ما نفتقده كثيرا في حياتنا.

بداية فإن زيارتي لأرمينيا هذه المرة جاءت ضمن وفد يمكن أن نسميه شعبي للمشاركة الغير رسمية في إحياء ذكرى المئوية الأولى للمذابح والإبادة التي تعرضت لها أرمينيا على يد العثمانيين الملوثة بدمائهم، وهذا الوفد مثل حالة متميزة كونه ضم الإعلاميين والسياسيين وأساتذة الجامعات وغيرهم من مكونات الشعب المصري المختلفة

الوفاء الذي تحدثت عنه وجدته في بشاشة وجه وابتسامات كل من كان يعرف أننا من مصر،وكأن ذكرها يمثل مصدر بهجة لهم،وهذا ليس شيئا هلاميا بلا سبب، وله دوافعه التي أكد عليها رأس الدولة الرئيس سركيسيان في كلمته بالمنتدي الدولي للابادة، حينما وجه الشكر للعرب عامة ومصر خاصة علي استقبالها ووفادتها للناجين من المذابح التي مرت عليها أعوام وصلت للمائة،وهذا الشكر لم يكن بروتوكوليا من رئيس الدولة بقدر ما كان تعبيرا منه عن حالة عامة متأصلة داخل الشعب الأرميني

والجميل في هذه المسألة أن ذلك الشكر والتقدير لموقف مصر ليس معناه منة ولا جميلاً منها علي أرمينيا ومواطنيها، بل هو حق للأرمن علي مصر التي تتحرك شعبياً منذ 100عام لدعم قضية المذابح الأرمينية مثلما تدعم أي حق إنساني لكل المقهورين، ودوافع مصر لإرجاع حقوق ضحاياها تنطلق من عدة اسباب، منها أننا شركاء في الإنسانية، كما أننا في البلدين أصحاب علاقات متميزة وقوية ربما على المستوى الإنساني في المقام الأول، ولنا في بوغوص باشا خير دليل.. ألم يكن هو الأرميني اول وزير للخارجية المصرية، ونوبار باشا.. هل اعدد لكم امثلة اخرى أم كفى؟

وقد لمست في أرمينيا وأهلها حالة من التوحد خلف الابادة التي تعد قضيتهم الأولى والاخيرة.. والتي تجاوزت مرحلة انها حادث زمني حتى أصبحت هوية وكيان.. وليس غريبا أن لا تجد تقريبا أي أرميني إلا ويكون على علم بكل تاريخ ووقائع القضية.. وهذا ربما أسمى مراحل الإيمان بقضية ما.. أن تصل بها لتصبح هويتك وكيانك كله.

وكم كان رائعاً أن استمع من مدير متحف الابادة أنه هناك منهج كامل عن قضية الإبادة وضحاياها يدرس للتلاميذ في المدارس, لكن دون أن يكون ذلك سببا في تعليمهم العنف ضد الآخر.. شيء جميل هذا التسامح من الأرمن حتي وهم أصحاب حق.. لكن هذا ليس غريباً علي شعب تتسم بلاده بسحر غريب يسري باوصالك عندما تطأ قدمك هناك.. أمام بحيرة سيفان.. شلالات جيرموك.. أو في ميدان الكاسكاد.. وغيرها من المواقع والأماكن الساحرة في أرمينيا.

في كل مرة أزور فيها أرمينيا أشعر بفخر شديد واعتزاز.. وهذا الفخر مبعثه أنني أنتمي لمؤسسة روزاليوسف الصحفية بيتي وحياتي، والتي يعد صاروخان أسطورة الكاريكاتير واحداً من أبنائها.. وصاروخان أرميني.. أي انني تربطني بتلك الدولة صلة وثيقة وتاريخية.. كون أحد أعلامها الكبار زميلي في مهنة الصحافة وهذا فخر لي، حتى وان كان رحل عن دنيانا إلا ان أعماله باقية ضد النسيان.

علاء الدين ظاهر

البلد

Share This