طاولة مستديرة في مركز عصام فارس عن مآسي 1915: الإعتراف أساس للمصالحة

ذكرت “النشرة” أن الطاولة المستديرة التي نظمها مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية تحت عنوان “مآسي 1915: كي لا تتكرر”، خَلُصت إلى تأكيد أهمية الإعتراف بالمجازر التي حصلت آنذاك في أراضي السلطنة العثمانية وذلك انسجاماً مع القيم الإنسانية، وضرورة إنهاء هذه الصفحة المؤلمة من التاريخ. وكان لافتة إشارة النائب آغوب بقرادونيان إلى أن الجمهورية التركية الحالية ليست مسؤولة عن المجازر التي حصلت، لكن انطلاقاً من أنَّ الحكم استمرارية فهي مطالبة اليوم بالإعتراف بالمجازر والإعتذار والتعويض بأشكاله كافة.

وشدَّد المتحدثون في الطاولة التي جمعتْ سياسيين ومؤرخين وأكاديميين وإعلاميين، على أنَّ جوهر الأزمات قديماً وحديثاً يبقى في الفكرِ الأحادي سواء كان قومياً أم دينياً أم عرقياً، وعلى أنَّ الحل يكمن في بناء المجتمعات والدول على قاعدة التعددية المجتمعية والإعتراف بها والإلتزام بالمواطنة والدستور من أجل مشاركة جميع المكونات سواء كانت أقليات أم أكثريات. ولفتوا إلى الأهمية الكبيرة في لبنان لبناء ذاكرة جماعية مشتركة بين جميع المواطنين وإزالة العنصر الطائفي منها، خاصةً وأن الشهداء الذين سقطوا في تلك الفترة في لبنان هم مسلمون ومسيحيون كما أنَّ كل المناطق اللبنانية بما فيها تلك التي كانت خارج المتصرفية في الحرب العالمية الأولى، عانت من المجاعة والحصار البري والبحري الذي فرض آنذاك من قبل السلطنة العثمانية والقوى الغربية على السواء.

وشدَّد المتحدثون على أهمية الإعتراف بالمجازر التي ارتُكبت ضد الأرمن وغيرهم في مطلع القرن العشرين، ولفت بعضهم إلى أهمية التمييز بين “الإبادة” وبين الأعمال الحربية، على اعتبار أنَّ المجازر التي حصلت تمثل “إبادة” و”جريمة ضد الإنسانية” بحسب المعايير الدولية، كما شدد على ذلك كل من النائب آغوب بقرادونيان، والكاتب في جريدة “السفير” الأستاذ نصري الصايغ الذي رأى أنَّ ما يمنع الإعتراف بتلك المجازر هو ازدواجية المعايير الدولية القائمة على أساسٍ سياسي وليس أخلاقياً إنسانياً، وذلك لأن هناك قوى دولية عظمى لا تريد الإعتراف بإبادات نفذتها أو بماضيها الإستعماري.

وقدَّم بعض المشاركين مقاربة تاريخية لوضع أزمة السلطنة العثمانية مع الأرمن، ولفتوا إلى أنَّ السلطنة في عهد السلطان عبد الحميد في القرن التاسع عشر اعتبرت المكوّن الأرمني خطراً قومياً بعد استقلال البلقان عنها بدعمٍ روسي وأوروبي، كما قال المؤرخ الدكتور عبد الرؤوف سنو الذي شدَّد في المقابل على أهمية عدم تبرير ما قامت به السلطنة معتبراً أنه يحق للأرمن الإستقلال كما يحق للعرب الذين جاهروا بهذه الرغبة آنذاك، إذ لا يحقق للمؤرخ التخلي عن إنسانيته بغض النظر عن موقف الإعلام التركي.

Share This