كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس عرضت في مؤتمر صحافي تفاصيل الدعوى المطالبة بإسترجاع مقرها التاريخي في “سيس” تركيا

وطنية – عقدت كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا في أنطلياس مؤتمرا صحافيا تناول تفاصيل الدعوى القضائية التي رفعتها الكاثوليكوسية لدى المحكمة الدستورية التركية للمطالبة بإسترجاع مقر الكاثوليكوسية التاريخية في مدينة سيس (كوزان) في كيليكيا – تركيا، شارك فيه المؤرخ التركي المتخصص في الإبادة الأرمنية تانر أكشام، الأستاذة المحاضرة في الجامعة اللبنانية نورا بيراقداريان، المحامي في الشؤون العقارية لدى المحاكم التركية جام مورات سوفو أوغلو، والأب هوسينغ مارديروس.

وألقى الأب مارديروس كلمة قال فيها: “تعرض الشعب الأرمني إلى عدد من المآسي والمجازر الجماعية داخل الإمبراطورية العثمانية منذ عام 1894 حتى عام 1923، وكانت أوجها الإبادة الأرمنية لعام 1915 التي ذهب ضحيتها مليون ونصف مليون أرمني. وقد سجلت هذه الإبادة على صفحة سوداء من تاريخ الإنسانية، وهي تعتبر اليوم بمثابة وصمة عار على جبين المجتمع الدولي، وإن اللامبالاة والسكوت والصمت تجاه الإبادة الأرمنية تعتبر في حد ذاتها تكرارا للجريمة”.

أضاف: “إن كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس قامت بلعب الدور المحوري في المطالبة والتذكير وفي كل النشاطات الآيلة إلى متابعة حقوق الشعب الأرمني وقضيته المحقة في لبنان والعالم أجمع، من المنابر الدولية والمراجع المسكونية. وعلى غرار ما ورد في الكلمة التي ألقاها صاحب القداسة الكاثوليكوس آرام الأول في الفاتيكان بعد التصريح التاريخي لصاحب القداسة البابا فرنسيس الثاني بالإعتراف بالإبادة الأرمنية كأول إبادة في القرن العشرين، وكذلك في خطاب قداسة الكاثوليكوس آرام الأول في واشنطن، بحضور نائب الرئيس الأَميركي جو بايدن، إن قداسته يؤكد بإستمرار في كل لقاءاته ومحاضراته أن الإعتراف والتعويض هما مساران يكملان بعضهما البعض، وإن غاية الإعتراف تكون بالتعويض وإحقاق الحق”.وتابع: “لذا، رفعت كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا دعوى قضائية لدى المحكمة الدستورية التركية، كخطوة أولى للمطالبة بإسترجاع مقر الكاثوليكوسية التاريخية في سيس (كوزان حاليا)، وإعادتها إلى صاحبها الأساسي أي كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس”.

وختم: “اليوم، وبعد مرور حوالى أكثر من شهرين على رفع هذه الدعوى لدى المحكمة الدستورية التركية، تؤكد معطياتنا أن المحكمة الدستورية التركية باشرت فعلا في دراسة ملف الدعوى”.

واعتبرت بيرقداريان “أن مئوية الإبادة الأرمنية شكلت مرحلة مفصلية في التاريخ المعاصر للشعب الارمني، وشهدت مواقف وحركات مطلبية جمة في مختلف أقطار العالم. وحصدت جملة اعترافات من دول جاءت تضاف على قائمة الدول المؤمنة بالعدل وحقوق الانسان، والمناصرة لحقوق الشعب الارمني، والتي أرادت أن تفي المليون ونصف مليون من ضحايا الابادة الارمنية حقهم بالاعتراف بقضيتهم”.

أضافت: “ارتأى قداسة الكاثوليكوس آرام الأول أن تشكل المئوية مرحلة عبور للقضية الارمنية نحو آفاق جديدة، واعتبرها مناسبة مؤاتية لنقل المطالبة السياسية بالاعتراف بالابادة الارمنية الى ارضية التعويض واحقاق الحق واسترجاع الارث التاريخي باللجوء الى الاطر القانونية”.

وأشارت الى ” تنظيم الكاثوليكوسية في شباط 2012 مؤتمرا دوليا عنوانه: الإبادة الارمنية: من الاعتراف الى التعويض، دعت اليه ما يقارب الثلاثين خبيرا دوليا متخصصا في القانون الدولي العام، وفدوا من اهم الجامعات العالمية ومن مختلف اقطار العالم. وقد جهد المؤتمر على طرح المقاربة القانونية للقضية الارمنية ومناقشتها من منظار القانون الدولي العام وابراز المسارات القانونية المحتملة ومناقشة الصعوبات والعراقيل الكامنة امامها”.
وتابعت: “خلص المؤتمر الى جملة مقترحات رسمت خريطة الاطر القانونية المتاحة لمتابعة القضية الارمنية، انطلاقا من مبدأ المسؤولية في القانون الدولي العام، سواء في الاطار الاممي او القضاء الدولي، لا سيما عبر المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان. وعلى اثر ذلك، عين قداسة الكاثوليكوس لجنة مصغرة من حقوقيين اتراك وخبراء دوليين للتمعن في دراسة دقائق التفاصيل المرتبطة بالقضية على ضوء التشريعات التركية والنظام الداخلي للمحكمة الاوروبية. وبعد سنتين من دراسة الملف القانوني، قررت اللجنة رفع دعوى قضائية للمطالبة بمقر الكاثوليكوسية التاريخي في سيس، كوزان اليوم، وذلك مباشرة امام المحكمة الدستورية التركية، مع اسناد كل القرائن القانونية التي تبرر تجاوز المحاكم البدائية التركية”.

وتحدثت عن “المرتكزات الاساسية التي بنيت عليها الدعوى، وهي أن مقر الكاثوليكوسية في سيس كان المقر التاريخي للكاثوليكوسية، وله رمزية ودلائل تاريخية مهمة بالنسية إلى الشعب الارمني”، مشيرة إلى أنه “بعد عام 1915، اضطر الارمن إلى ترك ممتلكاتهم واراضيهم قسرا نتيجة عمليات الإبادة والترحيل القسري”، وقالت: “إن الملكية القانونية والتاريخية والشرعية لمقر الكاثوليكوسية الارمنية في سيس، لوزان تعود للكاثوليكوسية الارمنية لبيت كيليكيا المستقرة اليوم في لبنان”.

أضافت: “بالاستناد الى تفسير جملة قوانين تركية داخلية، وارتكازا على الحقوق التي منحتها معاهدة لوزان التي صدقت عليها الدولة التركية، وانطلاقا من مبدأ سمو القانون الدولي العام على القانون الداخلي، تم انجاز الملف مع اسناد كل القرائن التاريخية والقانونية المرتبطة”.

وختمت: “على المحكمة الدستورية التركية أن تبت في الدعوى القضائية مبدئيا في مهلة لا تتجاوز ال90 يوما من رفع الدعوى. واذا ما بتت المحكمة ايجابا أي بالاقرار بحق وثبوت الملكية التاريخية لمقر الكاثوليكوسية الارمنية في سيس، فتكون لهذا الحكم طبعا دلائله التاريخية والسياسية. واذا ما بتت سلبا، فالمحامون الدوليون مهيأون لرفع الدعوى القضائية امام المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان، بعد ان تكون الدعوى قد تجاوزت شرط استنفاد الأطر الداخلية” .

وأكد جام مورات سوفوأوغلو “أن القضية المرفوعة من قبل الكنيسة الأرمنية تهدف الى استرجاع العقار المذكور، وليس التعويض المادي”، مشددا على “وجوب تجاوب المحكمة التركية سلبا أو إيجابا خلال ثلاثة أشهر”، مؤكدا ثقته ب”توافر الدلائل لتثبيت حق الكاثوليكوسية”، معربا عن “تفاؤله من هذه الناحية”.

وأشار الى أن ” الدعوى محض عقارية، ولا علاقة لها بالإبادة، إذ بمجرد أخذ هذا الإتجاه تتخذ القضية طابعا سياسيا وترفض من قبل المحكمة”.

من جهته، قارن تانر أكشام الدلائل القانونية لجهة حق الكاثوليكوسية في مركز العقار وأبرز البراهين في “تقارير وزيري الداخلية طلعت باشا والخارجية جمال باشا لكون الكاثوليكوسية مركز له دلالاته الدينية التي لا تقبل المساس بها”، وقال: “هذا يعني الإعتراف الطبيعي آنذاك بكون الكاثوليكوسية مركزا روحيا للأرمن لا يمس”، شارحا بعض الشؤون القانونية المتصلة بالقضية.

Share This