كلمة وزير الثقافة السوري خلال مؤتمر “السياسة الثقافية” في أرمينيا

شاركت سورية ممثلة بوزير الثقافة عصام خليل، في أعمال المؤتمر الدولي بعنوان “السياسة الثقافية: السياسة من أجل الثقافة، ودور الثقافة في تطور ما بعد أجندة عام 2015” الذي عقد في يريفان بمناسبة مرور (70) عاماً على تأسيس منظمة اليونسكو.

وأكد وزير الثقافة السوري عصام خليل أن البشرية تشهد اليوم “مشروعا مخيفا” لتهديم العقل ونفي التفكير والتوجه للحصول على المعلومة من أسرع المصادر دون التدقيق في صحة وموثوقية هذه المصادر.

وقال وزير الثقافة في كلمته خلال المؤتمر أن التطور التقني في المرحلة الحالية لم يساعد في تغيير ثقافة السلطة بسلطة الثقافة”.

ودعا خليل في كلمته التي جاءت بعنوان “تهديم العقل” إلى العودة لسلطة الثقافة بمضامينها الإيجابية لأنها المنتج البشري المهم الذي يمكن من التوجه بالبشرية من حالتها الغرائزية إلى رقيها العقلي مؤكدا أن من أبرز واجبات المثقفين العمل على إعادة الاعتبار إلى الأمم المتحدة وتحريرها من سلطة الدول التي تستخدمها لتحقيق مصالحها على حساب مصالح الشعوب الأخرى.

ولفت إلى أن ثورة الاتصالات التي جعلت العالم قرية كونية صغيرة أدت إلى “انفصالنا إنسانيا” وهذا مؤشر على فجوة تتسع بين البشر ومحيطهم الإنساني وثقافتهم الوطنية لصالح مشروع يسعى لخلق نمط واحد من التفكير يمكن توجيهه والسيطرة عليه وقال.. إن “هذا المشروع يقوم على استلاب العقل وذهنية التفكير وتوجيه وسائل وأنماط المعرفة في سياق السيطرة التامة على مصادرها وطرق تلقيها بما يؤدي إلى تسطيح العقل وإجهاض قدرته على التفكير الفاعل وعلى الإنتاج المستمر”.

وأكد وزير الثقافة أهمية انعقاد هذا المؤتمر في أرمينيا وقال..”نجتمع اليوم في بلد شهد مذابح وحشية منذ مئة عام وما زال العقل العثماني المريض الذي دبر وارتكب هذه الجرائم المروعة خارج سلطة القانون الدولي وما زال يرتكب جرائم الإبادة بحق الشعب العربي السوري من خلال مساندة الإرهاب العالمي وتقديم كل أشكال الدعم والاحتضان للمجرمين” موضحا أن إفلات المجرمين العثمانيين وغيرهم من المتورطين في دعم الإرهاب من عقاب المحاكم يشجعهم ويحض غيرهم على مزيد من القتل والوحشية ويعود بالبشرية قرونا إلى الوراء.

كما أشار خليل إلى سيادة ثقافة السلطة بدلاً من سلطة الثقافة، ونفي التفكير والبحث للتأكد من صحة المعلومة قبل اعتناقها من مصادرها السريعة المتمثلة بشبكة الإنترنت، التي تنتهج سياسة الإلحاق المنتَجة من دول تمتلك مشروع تقني متطور لخلق نمط واحد من التفكير يمكن توجيهه والسيطرة عليه.

كما نوّه السيد الوزير إلى المخاطر الجدية للقطيعة المعرفية مع الماضي الوطني للأمم ، التي تهدد كيانات قائمة بالتلاشي ، فالمنجز الحضاري لأي أمة أو شعب لا يولد من فراغ ، وإنما هو حالة تواصل لا تسمح بالانكفاء إلى الماضي ولكنها تمهد الأرض الصلبة لتراكم إضافي ، لا يجعل المشروع الثقافي لأي أمة معلقاً في فراغ العدم..

وقد ناشد الوزير بضرورة إعادة الاعتبار إلى الأمم المتحدة وتحريرها من سلطة الدول التي تستخدمها لتحقيق مصالحها على حساب مصالح شعوب الأرض كلها، فلا يجوز أن يبقى معيار القوة والتطور التقني مقياساً لفاعلية وأهمية دولة على حساب أخرى، لأن ذلك ينسف المبدأ الديمقراطي ومفهوم السيادة المتساوية للدول والذي هو الأساس في نشوء الأمم المتحدة كمرجعية توافقت البشرية على اعتمادها للانتقال من حالة الغريزة العدوانية، إلى حالة الوعي الإنساني الحضاري.

وعن أهمية المؤتمر والمشاركة السورية في أعماله قال السفير الأرميني في سورية الدكتور أرشاك بولاديان في تصريح لسانا.. إن “دعوة وزير الثقافة عصام خليل لحضور هذا اللقاء الحواري والثقافي والاجتماعي المهم ضرورة ملحة لأننا نشكل معا وقفة ثقافية وحضارية ضد استمرار التهديد العثماني والارهابي لإبادة حضارات الشعوب”. ولفت السفير بولاديان إلى أن سورية تشكل محورا أساسيا في المنطقة والعالم نظرا لأهمية جغرافيتها وحضارة وثقافة شعبها وتبنيها حكومة وشعبا حقوق العدالة الإنسانية ومواجهة الإرهاب.

Share This