سياسة التغيير للواقع الديموغرافي للسكان في أرمينيا الغربية (6)

آرا سركيس آشجيان

لقد انتهجت الحكومة العثمانية، إلى جانب سياسة المذابح، سياسة التغيير للواقع الديموغرافي للسكان في أرمينيا الغربية لتقليص عدد السكان الأرمن فيها، وبالتالي عدم تطبيق الإصلاحات.

فقد تم استخدام أساليب الضغط الاقتصادية والسياسية والقومية والدينية لتعزيز هجرة الأرمن من مناطقهم، وبالمذابح المتكررة كان يقلل عدد الأرمن، بيد أن ذلك لم يكن كافياً لتحويل الأرمن إلى أقلية في أرمينيا الغربية. كما تم توطين الأتراك والأكراد والشركس واللاز وغيرهم في المناطق الأرمنية. وكان يتم تزويد هؤلاء المهاجرين بالأسلحة من قبل السلطات، من دون أن تخصص لهم أية وسيلة للعيش، فكانوا بذلك أمام خيارين: الموت جوعاً، أو العيش عن طريق سلب الأرمن وذبحهم. وقام هؤلاء المهاجرين بالاستيلاء على مساكن الأرمن، وأراضيهم الخصبة، وأملاكهم المنقولة وغير المنقولة، وقتلوا الألوف من الأرمن، وأصبحت المئات من القرى في يد العصابات المسلحة.

وخلال الأعوام من 1878-1904، تم توطين 850 ألف مهاجر في أرمينيا الغربية، مما أدى إلى تغيير الواقع الديموغرافي للسكان في أرمينيا الغربية، من دون أن تتمكن من تحويل الأرمن فيها إلى أقلية.وقد أصبح هؤلاء المهاجرين، لاسيما الأكراد منهم، أداة في يد السلطات العثمانية في تنفيذ سياسة الإبادة للأرمن.

وخلال المجازر الأرمنية من 1894-1896، قتل 300 ألف أرمني، وهاجر عدد مماثل إلى دول مختلفة في أوروبا وأفريقيا وأميركا. وأضطر 200 ألف أرمني إلى تغيير عقيدتهم الدينية، وتيتم 100 ألف طفل، وبقي 500 ألف شخص بلا مأوى أو وسيلة للعيش، وتم تدمير 568 كنيسة، ودنس عدد كبير من الكنائس والأديرة، ناهيك عن الخسائر المادية الهائلة التي لحقت بالأرمن.

وبذلك، نقص إلى حد كبير عدد الأرمن في وطنهم التاريخي، ونتيجة للتوطين المنظم من قبل الدولة للأتراك والأكراد والشركس واللاز وغيرهم تغير الواقع الديموغرافي للسكان في أرمينيا الغربية. وعلى الرغم من ذلك، بقي السكان الأرمن يشكلون الأغلبية في سكان أرمينيا الغربية وإقليم كيايكيا[1].

يقظة الأرمن وثورتهم على الظلم:

تعني كلمة (الثورة) “تغيير أساسي في الأوضاع السياسية والاجتماعية يقوم به الشعب في دولة ما”، ولم تكن تعني، بالنسبة للأرمن، الاستقلال عن الدولة العثمانية، بل تطبيق الإصلاحات التي وقعت عليها الدولة العثمانية مع الدول العظمى في مؤتمر برلين عام 1878.

ولم يكن للأرمن مخرج مما يعانون إلا بالثورة، ثورة وموت عزيز خير من عيش ذليل، وقد أيقظت كل هذه الظروف مجتمعة الأرمن ونفضت عنهم أثواب الخمول والتواكل، فلقد بلغ السكين العظم ولم يعد في قوس الصبر منزع[2]، وكان لا بد من التحرك لمحاربة الظلم والفساد[3] وتطبيق الإصلاحات.

وكان المجتمع الأرمني قد تغير تغيراً كبيراً منذ منتصف القرن التاسع عشر، فقد شهد يقظة ثقافية تتميز بتطور لشبكة من المدارس الحديثة، وإرسال الأرمن الشباب إلى أوروبا وزيادة عدد الكتب والصحف الصادرة باللغة الأرمنية، فضلاً عن نشاط البعثات التبشيرية في أوساط الأرمن. وهذه العناصر التي نرصدها في بدايات النهوض القومي الأرمني (تطور المدارس، والتجديد الأدبي، والتذمر) نجدها في نقطة انطلاق جميع الحركات القومية في الإمبراطورية العثمانية[4].

ولم يطمح الأرمن إلى الاستقلال، برغم كونه مشروعاً لأي شعب يعيش مثل ظروفه، وكان جل ما تأملوه هو تطبيق الإصلاحات في الولايات الأرمنية التي وافقت عليها الدول العظمى والسلطان نفسه، واعترف الجميع بالحاجة الماسة إليها في ظل الأحوال المأساوية للأرمن من رعايا الدولة العثمانية في أرمينيا الغربية.

وكما أسلفت آنفاً، فقد اغتصبت حقوق الأرمن القومية والدينية والاجتماعية، وكانوا يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، ويعيشون في الفقر وظروف انعدام الأمن على الحياة والممتلكات، ومعرضين للسلب والقتل من قبل عصابات اللصوص وقطاع الطرق والقبائل التي تعيش في المناطق المجاورة وضغط (فرسان الحميدية) الذي شكله السلطان عبد الحميد للضغط على الأرمن بشكل خاص وكان لهم دور كبير في مذابح الأرمن من 1894-1896، فضلاً عن تعرضهم لضغط الحكومة والباشاوات والحكام والضباط والبيكات والاغوات، ناهيك عن الضرائب الباهظة التي أثقلت كاهلهم. ورفض حتى مطلب الأرمن الأصلي بحكم ذاتي مماثل لذلك الذي تحقق للشعب اللبناني بضغط من فرنسا بعد مذابح عام 1860، والحكم الذاتي لبلغاريا الذي تحقق في معاهدة برلين عام 1878، وتم رفض مشروع الحكم الذاتي لأرمينيا ضمن نطاق الدولة العثمانية بتأثير من بريطانيا التي كانت تخشى من أن يؤدي تحقيق ذلك إلى تقوية نفوذ روسيا في المنطقة واقترابها من تحقيق حلمها بالوصول إلى المياه الدافئة والبحر المتوسط. لذلك، وفي مقابل قيامها بتغيير بنود معاهدة (سان ستيفانو) وجعلها في مصلحة الدولة العثمانية، استلمت، وحسب اتفاقية قبرص، جزيرة قبرص (رشوة) من السلطان عبد الحميد الثاني، نظراً لما كانت تتمتع به من أهمية إستراتيجية كقاعدة بحرية تستخدمها بريطانيا لمنع وصول روسيا إلى البحر المتوسط وتهديد طرق مواصلاتها إلى الهند.

ولم تكن الدول العظمى جادة في تطبيق الإصلاحات التي التزمت بتطبيقها في مؤتمر برلين، حتى لو اضطرها ذلك إلى القيام بنفسها بمراقبة هذه الإصلاحات، فضلاً عن إرسال القوة العسكرية، كما فعلت في مقدونيا الخاضعة للسلطة العثمانية. بيد أن مراوغات الإدارة العثمانية عن تنفيذ الإصلاحات وانشغال الجماعة الدولية عن متابعة القضية الأرمنية، انزلق بالتوجه الأرمني العام إلى المسار الثوري لحل القضية بعد فشل تسويتها سلمياً. وبذا، تبلورت الطاقات الأرمنية في هيكليات حزبية ثورية سرية ومعلنة جيشت قواها داخلياً وخارجياً لمزاولة ممارساتها الثورية[5]. هذا، وقد أدى انتهاج السلطان عبد الحميد لسياسة قمعية إزاء القضية الأرمنية، والتي كانت تندرج ضمن سياسته الثابتة في إفناء الأرمن وتنفيذاً لخطة الصدر الأعظم كامل باشا، أدى إلى ذبح أكثر من 300 ألف أرمني من مواطني الدولة العثمانية من 1894-1896.

أما بالنسبة للسلطان عبد الحميد الثاني، فأن القضية الأرمنية كانت تعتبر قضية أخرى من القضايا القومية تضاف إلى القضايا اليونانية والصربية والبلغارية. وبعبارة أخرى، فإنها تمثل خطراً جديداً يهدد ما يصطلح عليها وحدة أراضي الإمبراطورية، وتتيح للدول الأوروبية فرصاً جديدة للتدخل، ولذا يلزم، وعلى وفق هذه النظرة واستفادة من التجارب السابقة، “سحق البذور الأولى للنزعة القومية لدى الأرمن قبل فوات الأوان”[6]. وكان بإمكان الأتراك تحمل فقدان المناطق المحيطة بهم، مثل رومانيا واليونان، وذلك بسبب انخفاض عدد السكان الأتراك فيها، غير أنه لم يكن في وسعهم أن يتصوروا فقدان الأراضي الأرمنية التي كانت تقع في وسط الإمبراطورية، والتي كان يعيش فيها عدد كبير من السكان الأتراك والأكراد[7].

والواقع إن العثمانيين لو اتبعوا سياسة التعايش السلمي مع رعاياهم، وأرسوا قواعد سياستهم على أسس من الحق والعدالة، لوفروا على أنفسهم كثيراً من المتاعب ولما أفسحوا لأوروبا مجال التدخل في شؤون إمبراطوريتهم الداخلية. ولكن سياسة العنصر والجنس هي التي تغلبت على عقول الحاكمين في ذلك الحين[8]، فقد أفلتت من أيديهم بسبب تلك السياسة بلاد اليونان، وصربيا، وبلغاريا، ثم انفصل عنهم لبنان، وتمرد عليهم العرب، لأن طعم الحرية عندما يتذوقه البعض بعد كفاح مرير، يشجع البعض الآخر على المطالبة بمثله، وكانت شعوب عديدة تقرع طبول حريتها إلى أن بلغت مناها، بينما ظل الأرمن في صراعهم الدامي اللامتناهي[9] من أجل الإصلاحات.

ويرى المؤرخ نرسيسيان أن شعوباً كثيرة كانت رازحة تحت الحكم العثماني نالت حريتها واستقلالها بفضل تدخل ومساعدة الدول الكبرى، مثل الشعوب اليونانية والصربية والبلغارية والمقدونية، والموارنة في لبنان، وعدد من الدول العربية وغيرها، مشيراً إلى أنه، برغم أن تدخل هذه الدول كان مرتبطاً بتحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية، وانتهاج هذه الدول تجاه الشعوب (الصغيرة) سياسات (مخادعة) وحتى (أثيمة) في بعض الأحيان، لكن في حالات معينة كانت تتطابق مصالح (الكبار) و(الصغار)، فيصب ذلك في مصلحة الشعوب (الصغيرة) والمُضطًهدة[10].

ويرى دادريان أن فشل الأرمن في تحقيق هدف الإنعتاق الوطني التي أحرزته الشعوب الأخرى الخاضعة للحكم العثماني كان نتيجة مباشرة لعدم وجود الرعاية والدعم الفاعل من قبل أية دولة أوروبية. وقد تمتعت شعوب سلافية، مثل الصرب والبلغار وشعب الجبل الأسود، بالحماية أو الوصاية الروسية بسبب الروابط العنصرية والعرقية التي تربط الروس بهذه الشعوب. أما الروابط الدينية من خلال الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، فإنها تفسر الوصاية الروسية لليونانيين والرومانيين في والاشيا. من جانبهم، قام الفرنسيون فعلياً بإنقاذ الموارنة الكاثوليك في لبنان عن طريق غزو لبنان وإجبار الأتراك على منح الموارنة حكماً ذاتياً محدوداً. ولم تكن للأرمن روابط دينية، أو مذهبية، أو عرقية بأية دولة أوروبية لضمان معاملة مماثلة، على الرغم من تشابههم معهم ضمن مفهوم أوسع هو العقيدة المسيحية. وهناك عامل آخر ميّز الأرمن عن الشعوب الأخرى الخاضعة للحكم العثماني، وهو الاعتبارات الجغرافية-السياسية. فكل الشعوب الأخرى التي تدخلت الدول الأوروبية لصالحها كانت تسكن على أطراف الإمبراطورية العثمانية، في حين أن موقع أرمينيا التاريخي أعتبر تهديداً لقلب الإمبراطورية العثمانية. وقد لاحظ المؤلف البريطاني بيرس أن الأرمن كانوا سيتمتعون بالحماية في حال تخليهم عن كنيستهم القومية والاتحاد بشكل رسمي مع العقيدة (الروسية) الأرثوذكسية، ولكن ليس عبر سبيل آخر.

كما أحدث الأتراك، وعبر سلسلة من إجراءات إعادة التقسيم للمناطق إثر مؤتمر برلين، تغييرات حاسمة في التوزيع الإحصائي للسكان الأرمن في الولايات الأرمنية. وكانت نتيجة ذلك، ازداد بشكل أكبر عدم التوازن الديموغرافي بين الأتراك والأكراد وعناصر أخرى، والأرمن بشكل ليس في مصلحة الأرمن[11]، لاسيما في مناطق من أرمينيا التاريخية مثل ولايات أرضروم وفان وبتليس. كما أن جزءاً مهماً من السكان الأرمن الذي كان يبحث عن الخلاص من أعمال السلب والنهب (إلى جانب البحث عن الفرص الاقتصادية) قد لجأ إلى الهجرة الدائمية[12].

ومنذ ستينيات القرن التاسع عشر، كانت دورية (آرزفي فاسبوراكان) الأرمنية تدعو الشعب الأرمني إلى خوض النضال التحرري. وبعد مؤتمر برلين، كان رئيس تحرير هذه الدورية مكرديج خريميان (خريميان هايريك) رئيس الوفد الأرمني إلى مؤتمر برلين ينتقد الشعب الأرمني لأنه كان يتحمل النير الأجنبي بصبر من دون اعتراض أو ثورة، داعياً إلى حمل السلاح وإعلان الثورة لإيقاف مسلسل ذبح هذا الشعب[13].

لقد كان مطلب الأرمن ينحصر في تطبيق الإصلاحات ضمن نطاق الدولة العثمانية الذي تبلور بعد مؤتمر برلين، ولكن هذا لا يعني عدم وجود صحف أرمنية كانت ﺗﺪﻋﻮ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻷﺭﻣني ﺇﻟﻰ ﺧﻮﺽ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭي، لاسيما قبل مؤتمر برلين. فحلم الاستقلال والتحرر يراود أي شعب، ولكن في النهاية تتبلور المطالب الواقعية للأغلبية نتيجة للظروف الدولية السائدة.

وكان تمسك الأرمن بعقيدتهم الدينية، فضلاً عن لغتهم القومية دعائم استند إليها حماسهم لوطنهم السليب، وظلت جذوة قضيتهم مشتعلة في نفوسهم، وبخاصة منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر بعد أن تعددت مظاهر النهوض القومي والثورات والانتفاضات الشعبية وانتصار الحرية في وسط أوروبا ومنطقة البلقان[14]، وحتى العالم الإسلامي أخذ يقاوم الحكم العثماني. فلم يبقً للأرمن الذين صبروا كثيراً على الطغيان الحميدي، وتجاهل الحكومات الغربية لقضيتهم، إلا أن يلجأوا إلى الدفاع عن أنفسهم بواسطة السلاح، فقامت المنظمات والأحزاب الثورية[15] للدفاع عن وجودهم وكرامتهم وتطبيق الإصلاحات.

ويمكن إجمال العوامل والمؤثرات التي أدت إلى تأليف هذه الأحزاب بما يأتي:

  • انتباه الشعب بانتشار الثقافة بين طبقاته.
  • نيل الشعوب البلقانية حريتها واستقلالها.
  • تفاقم الاضطهاد والمظالم بصورة مطردة وجاها كانت تنصب على رؤوس الشعب الأرمني.
  • ضعف السلطنة العثمانية والإيذان بأفول نجمها.
  • ضيق الصدور بأعمال العنف والقسوة[16].

وقد حاول الأتراك، بإتباع الوسائل كافة، خلق الذرائع لتسويغ فظائعهم بحق الأرمن، حتى أنهم قاموا بإعداد الوثائق المزورة. فكان المتطرفون منهم يعتقلون الأرمن في كل مناسبة ويعذبونهم ويجبرونهم على توقيع الوثائق المزورة التي تتهم هؤلاء بالانتماء إلى التنظيمات الثورية، والتخطيط للتمرد والعصيان على الدولة، لتتم بعد ذلك تصفية الحساب معهم. وكانت تجري محاكمات غير عادلة لهؤلاء الذين كان أغلبهم من زعماء الأرمن البارزين، وكانت الحكومة تتحين الفرص من أجل تصفية الحساب معهم[17].

لقد مارست الثورة غالبية الشعوب الخاضعة للسيطرة العثمانية، كما قام بالثورة (تركيا الفتاة/الأتراك الفتيان) في عام 1908 ضد الظلم والطغيان وأطاحوا بالسلطان عبد الحميد الثاني. وأيدت هذه الثورة الشعوب المقهورة في الدولة العثمانية أملاً في بزوغ فجر جديد، لكن سرعان ما خاب أملها بعد أن اتضحت لها سياسات (الأتراك الفتيان).

وأعلن العرب الثورة العربية الكبرى عام 1916، وبسببها يتهم الأتراك العرب بالخيانة، وربما كانوا سيبيدون العرب أيضاً بسبب ذلك. ولم يعلن الأرمن الثورة في عام 1915، ولكنهم اتهموا من قبل الأتراك بالخيانة وبالموالاة للروس وأبيدوا، وكذلك أبيد الكلدان والسريان والأشوريين حتى من دون الاتهام بالخيانة أو بالموالاة للروس!!

وتثور الشعوب الحية ضد الظلم والاستبداد، وهي تحتفل اليوم بثوراتها وتفتخر بأنها أحدثت التغيير في حينها. وقد قام الأرمن في بعض المناطق والقلاع الجبلية بالثورة المسلحة، وهي ثورة اعتمدت على السلاح وسيلة للتغيير، وقامت بها الأحزاب السياسية الأرمنية التي مارست النضال الثوري أو الثورة المسلحة للضغط لتطبيق الإصلاحات بعد استنفاذ جميع الوسائل السلمية لتطبيقها.

وفي عام 1904، صرح وزير الخارجية الفرنسي دلكاسه “إن الباب العالي بمنهجه وطريقة عمله فتح أمام الأرمن طريقاً واحداً فقط يسلكونه هو طريق الثورة”[18].

أحداث كارين (أرضروم) عام 1890:

وصلت اسطنبول في بداية صيف 1890 أخبار ملفقة حول امتلاك الأرمن في كارين (أرضروم) مخابئ للسلاح، وحول نيتهم لإعلان التمرد. وقامت السلطات المحلية، بناء على أوامر الباب العالي، بتفتيش مدرسة (ساناساريان) في المدينة والكنيسة ومقر الأبرشية وما حولها، ولم تعثر على شيء. ولكن العملية أسفرت عن ضحايا. فقد حدثت مواجهة بين الشرطة التي اقتحمت ساحة الكنيسة في 18 حزيران-يونيو، بيد أنها لقيت مقاومة من جموع المصلين. وأطلقت الشرطة النار على جموع المصلين غير المسلحين، فقتلت وجرحت أكثر من 20 أرمنياً، واستمرت المداهمات والاعتقالات. وبعد يومين، أي في 20 حزيران-يونيو،نظمت السلطات مذابح في الأحياء الأرمنية للمدينة[19].

مظاهرة قمقابي:

أريد لمظاهرة قمقابي أن تكون سلمية للاحتجاج على أحداثكارين (أرضروم) وأوضاع الأرمن المأساوية في أرمينيا الغربية والمطالبة بالإصلاحات، ولفت أنظار الدول الأوروبية إلى القضية الأرمنية التي أهملتها.إلا أن المظاهرة السلمية تعرضت في الطريق إلى قصر السلطان إلى إطلاق النار، مما أدى إلى وقوع العديد من الضحايا[20].

 

*قسم من ورقة عمل قدمها الباحث آرا سركيس آشجيان بعنوان “أحوال الأرمن في أرمينيا الغربية في القرن التاسع عشر وأبعاد سياسة الإبادة للدولة العثمانية إزاءهم حتى عام 1923″في المؤتمر الدولي الخاص بالإبادة الجماعية الأرمنية تحت شعار “الإعتراف بالإبادة الجماعية الأرمنية خطوة نحو السلام العالمي” الذي عقد في 23 أيار، 2015 في بغداد.

خاص لملحق أزتاك العربي للشؤون الأرمنية

[1]راجع: سامفيل انترانيك بوغوصيان (مرشح للدكتوراه في العلوم التاريخية)، أسباب الإبادة الأرمنية ومجراها، 2006، ص ص 39-41 (باللغة الأرمنية).

http://ter-hambardzum.net/wp-content/uploads/2013/04/78_78_Genocide-P_3.pdf

[2] راجع: ك. استارجيان، المصدر السابق، ص 280 .

[3] كان الصدر الأعظم محمد كامل باشا قد طلب تغيير أدعية وصلوات الكنيسة الأرمنية بحذف الإشارة إلى بعض قديسيها مثل القديس المجاهد فارتان ماميكونيان بطل معركة آفاراير ضد الفرس في عام 451 ، وكان هذا هو الخط نفسه الذي اتبعته الحكومة العثمانية مع أئمة المساجد المسلمين، إذ كانت تعليماتها لهم تشدد على عدم تلاوة آيات القرآن الكريم التي تندد بالظالمين وتحث على محاربة الظلم والفساد. راجع: سمير عربش، المصدر السابق، ص 127.

[4] راجع: تاريخ الدولة العثمانية، المصدر السابق، ص 215.

[5] راجع: القضية الأرمنية في الدولة العثمانية 1878-1923، المصدر السابق، ص ص 5-8.

[6] مقتبس من: المصدر السابق، ص 218.

[7] راجع: مختارات من بعض الكتابات التاريخية حول مجازر الأرمن عام 1915، المصدر السابق، ص 7 (مقدمة).

[8] وهي السياسة ذاتها التي اتبعها حكام تركيا وحتى الوقت الحاضر والقائمة على هضم حقوق الشعوب الأخرى وعدم الاعتراف حتى بوجودها، كما هي الحال مع الشعب الكردي والعلويين واللاز وغيرهم في تركيا.

[9] راجع: عثمان الترك، المصدر السابق، ص 191.

[10] راجع: م.ك. نرسيسيان، مزورو التاريخ، المصدر السابق، ص 97..

[11]راجع: سياسة التغيير للواقع الديموغرافي للسكان في أرمينيا الغربية على ص 16.

[12]Vahakn N. Dadrian, The History of the Armenian Genocide: Ethnic Conflict from the Balkans to Anatolia to the Caucasus, Berghahn Books- New York and Oxford, Sixth Revised Edition, 1995, provided by Berghahn Books through the Google Books Partner Program- ISBN: 1571816666, pp.104-105.

[13] راجع: تاريخ الشعب الأرمني، المصدر السابق، ص 156.

[14] راجع: عبد العزيز محمد الشناوي، المصدر السابق، ص 1556.

[15] راجع: الأرمن يتذكرون 1915 الذكرى الخمسون للمجزرة، مكتب المعلومات الأرمني، بيروت، 1965، ص 7.

[16] راجع: ك. استارجيان، المصدر السابق، ص 290.

[17] راجع: تاريخ الشعب الأرمني، المصدر السابق، ص 273.

[18] مقتبس من: م.ف. ارزومانيان، المصدر السابق، ص 232.

[19]تاريخ الشعب الأرمني، المصدر السابق ص 233.

[20] تاريخ الشعب الأرمني، المصدر السابق، ص 234.

Share This