اصمدي يا سوريا…

اصمدي يا سوريا…

أنتِ الأرض الخالقة لمهدِ الإنسانِ الأوّل،

أنتِالمنبع القديم لنور الإنسانية،

أيتها السيّدةالجليلة الحكيمة على درب التجارب منذ غابر الأزمان،

اصمدي، وإن كان الغراب الجارح يحوم فوق حقولك الخصبة المزهرة بوعود جديدة، وفوق الصحارى الحاضنة للمجد القديم،

وإن لبس قطّاع الطرق الناهبون أقنعة الملائكة،وأرووا عطشهم من دمائك،

وإن كانت دماء أبناءك تسيل بدل الزيت الذهبي من بساتين الزيتون رمز السلام والخصوبة،

وإن فضّل “إخوانك” مجد قابيل وقطع يهوذا الثلاثين، فهم يشبهونه،

وإن تحسّر البوم واستعجل لينعي موتك القريب للعالم الأصمّ والأعمى،

وإن زُرعت بذور الانشقاق المغريةفي صفوف أبنائك،

وإن لم يرضعوا بعد حليب حكمتك،وقد أعمت الوعود الخادعة بصر بعضهم، فساقتهم الرياح الشرسة وأدمت قلبكأيتها الأم.

اصمدي يا سوريا، أيتها السيدة الحكيمة،

أنت تعلمين أن الأعاصير الشريرة ستمر فوق حقولك المتمومجة، وستغرق في شرها خلف البحار،

أنت تعلمين أن أبناء الظلام بنوا الصليب متراساً لهم، وحاولوا تغطية حقولك البراقةبالسواد مستغلين قبر المخلص، لكنهم غرقوا في ظلامهم،

أنت تعلمين أن القصب يختفي أمام الأعاصير، لكن سرعان ما تنتصب أغصانهالجميلة، وهو أكثر صلابة ومتانة،

أنت تعلمين أنه مهما رقعّت السحب ستسطع الشمس وستفيض البراعم الجديدة في حقولك،

اصمدي، يا سوريا، يا أم الخير،

أعدلي ظهرك المنحني كالأم التي فقدت ابنها، فها أنا أيضاً أقف خلفك، كسند الابنالراسخ،

أنت التي فتحتِ أبواب خيراتك، حين أتيتُك كطير اقتلع من عشه،مضطهداًوجريحاً من الذئاب الرمادية في السهب،

أنت التي أصبحتِ أرضاً راسخة تحت أقدامي، منحتني دفء قلب الأم، وقوةذراع الأخ،

أنت التي فتحت قلبك وكنت حاميةلهويتي المهددة في ظل عدالتك، وأصبحتِ حبيبة تماثلين أرض وطني المقدس السليب،

وذاك الذئب المريض المسن، أصبح أقوى بعد سلب وطني، واليوم كشّر عن أنيابه وانضم الى القطيع،لينهشوك ويسفكوا دمك، لكن،

اصمدي، وامسحي دموعك وكوني قوية، أيتها الفاتنة سوريا،

سينجلي كل ما هو مؤقت، وسيبقى كل ما هو أبدي،

وستشرق من جديد حقول القمح بسلام تحت سمائك الزرقاء، وستتأمل بساتين الزيتون الحبالى بالخير الأبدي.

الكاتبة لالا ميسكاريان ميناسيان

حلب، 2014

(ترجمة أزتاك العربي للشؤون الأرمنية)

Share This