سومغايت: بعد مرور 23 عاماً

في مطلع شهر شباط 2006، أصدر البرلمان الأوروبي قراراً يدين تدمير أذربيجان المعالم الدينية والثقافية الأرمنية في المناطق المأهولة سابقاً من قبل الأرمن في ناخيشيفان. ويقول القرار نفسه أنه يجب بذل الجهود لوقف ممارسة التطهير العرقي.

ومن المفارقات، أنه قبل 20 عاماً، وتقريباً في هذه الأيام، مارست السلطات الأذربيجانية التطهير العرقي على المواطنين الأرمن، الذين يعيشون في العاصمة الأذرية باكو، وفي البلدة الصناعية سومغايت. وهذا أيضاً، تم تنديده في البرلمان الأوروبي.

وتتشرف تلك المذابح التي تعرض لها الأرمن في سومغايت في شباط 1988 بأن تكون الأولى -وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها التطهير العرقي في إطار الاتحاد السوفيتي- حتى قبل أن تطل الإنسانية الحديثة في منطقة البلقان.

بدأت مشكلة ناغورني كاراباخ، التي لا تزال تتقيّح في جنوب القوقاز، منذ 20 عاماً على شكل سلسلة من مظاهرات سلمية قام بها الأرمن الذين يرغبون في تقرير مصير حياتهم، ومستقبلهم، دون الخضوع لسلطة أذربيجان. وردت الحكومة الأذربيجانية على هذه الدعوات بمزيد من العنف والقمع. فجاء الرد العنيف والسياسي الأول عبر المجازر التي وقعت في ثلاثة أيام في شباط 1988 في المدينة الصناعية في سومغايت، على بعد أميال من إقليم ناغورني كاراباخ والدعوات السلمية من أجل تقرير المصير. لقد غيّر العنف ضد الأرمن في سومغايت طبيعة الصراع في كاراباخ.

تحدث جورج سوروس حول هذه القضية في صحيفة “زناميا” اليومية في موسكو. وأكد أنه في الواقع المذابح الأرمنية الأولى في أذربيجان كانت بتحريض من عصابات محلية، ويديرها رئيس أذربيجان المقبل، حيدر علييف.

وقال أندريه زاخاروف، “نحن بحاجة الى محاكمة عادلة لمرتكبي مجزرة سومغايت ليس فقط لإنقاذ أذربيجان الاشتراكية السوفياتية من العار، بل نحن بحاجة إليها لإنقاذ مستقبل البلد ككل”.

ولم يحدث ذلك. ولم يكن هذا حادثاً معزولاً. واستمر اعتداء حكومة سيادية ضد مواطنيها، وأصبح الصراع عسكرياً.

ما بدأ في سومغايت استؤنف في شوشي في أيار 1988، عندما بدأت السلطات المحلية بترحيل الأرمن الذين يعيشون في تلك المدينة الواقعة على قمة التلة. وبعد ذلك، استخدموا شوشي كقاعدة لضرب ستيباناكيرد أكبر مدينة في كاراباخ.

وبالمثل استخدمت مدينة أخرى، خوجالي، كقاعدة للصواريخ. هاجمت القوات الأرمنية المدينة لحماية السكان في ستيباناكيرد وضواحيها. وقال رئيس أذربيجان (لاحقاً) مطالبوف في ذلك الوقت، أن الهجوم على خوجالي لم يكن مفاجئاً، وأن القوات الأرمنية سمحت ممراً لفرار السكان المدنيين. وفقاً لمطاليبوف، كان الأذربيجانيون أنفسهم هم الذين قاموا بإهلاك الفارين، من أجل مساومة إدارة مطالبوف.

وأشارت الصحفية التشيكية يانا مازالوفا، المدعوة من قبل الأذريين لتغطية “الفظائع” أن الجثث كانت فاسدة عندما تمت دعوة الصحفيين بعد عدة أيام.

واليوم، في عام 2011، بدلاً من محاولة رمي العداوة والعنف خلفنا، وتهيئة بيئة طبيعية وإن كانت مؤقتة، فإن السلطات الأذربيجانية تلجأ إلى عبارات الترويج للحرب من قبل أولئك الذين يرتكبون العنف ضد الأرمن. فقد منح حزب سياسي كبير جائزة “رجل العام” للملازم في الجيش الأذربيجاني راميل سافاروف، الذي قتل قبل عامين في مثل هذا الشهر، الضابط أرمني كوركين ماركاريان بالفأس في نومه، وذلك خلال برنامج السلام لحلف شمال الأطلسي في بودابست، المجر.

كما قالت النائب الأذربيجانية هافا ماميدوفا، “لقد حان الوقت لمحو أرمينيا من على وجه الأرض”.

هي ليست الوحيدة التي أعربت عن هذه المشاعر. فقد قام وزير الدفاع الأذربيجاني بإدلاء تصريحات مماثلة أكثر من مرة. وقد تباهى الرئيس علييف أن ميزانيته العسكرية تتجاوز ميزانية أرمينيا الوطنية بأكملها. كما ويسمع بانتظام عن دعوات إلى تسوية نزاع كاراباخ الجبلية بالوسائل العسكرية في باكو.

ملحق “أزتاك” العربي

12 شباط 2011

Share This