عندما تقاوم “سيدة البيئة” تداعيات الحرب…

Article Photo (1)

بقلم ليون زكي

تقودني وجهتي في كل مرة أقصد فيها دمشق إلى وزارة شؤون البيئة لا لنشاطات تربطني بها ولا جداول عمل في أجندتي المتجددة بل للقاء “سيدة البيئة” الوزيرة الصديقة نظيرة سركيس،  التي تركت بصمة كبيرة في تطور نهج الوزارة على الرغم من تداعيات الحرب التي رزحت بثقلها على قطاعاتها ومكوناتها التي لا تقل شأناً عن نظيرتها في باقي الوزارات.

تخوض الوزيرة نظيرة سركيس، السورية من أصول أرمينية وفي وزارتين متعاقبتين، حروباً ضد الحرب بآثارها التي يصعب تعدادها في سورية وتجهد في تحسين ظروف ونوعية حياتنا البيئية لتأمين مستقبل أفضل لنا ولأبنائنا بعدما أتت الحرب على العديد من المقومات والمكونات الطبيعية للبيئة، وتتفانى في خدمة عملها وبلدها لتجنيبه الآثار الضارة على البيئة وخلق سلوكيات واتجاهات محابية في تبني الأفراد والمجتمع لقضايا البيئة.

الدكتورة سركيس، دكتوراه في العلوم الكيميائية في جامعة حلب وعضو هيئة تدريسية فيها، من الوزراء الأكفاء الذين أثبتوا جدارة في قيادة سفينة وزاراتهم زمن الحرب الطاحنة التي لم توفر الحجر والبشر وأتت على كل ركن في طول البلاد وعرضها طوال أكثر من أربع سنوات ونصف السنة. ومع ذلك، تشغل الوزيرة نفسها بالتفاؤل الذي يحكم عملها وعمل كل مخلص وجاد في خدمة الوطن.

تركز الوزيرة في إدارة شؤون وزارة شؤون البيئة على الكوادر الشابة المؤهلة وعلى التعاون مع المجتمع الأهلي بما يساعد في نشر الوعي البيئي والاعتماد على البحث العلمي والمسح الميداني لحصر أضرار البيئة في سبيل وضع بنك للمعلومات وللمرصد الوطني البيئي الذي يعتمد عليه في رسم خطط التعافي المبكر وتقدير تكاليف التدهور البيئي المهمة في مشاريع التنمية المستدامة وإعادة الإعمار التي توضع مخططاتها رسم التنفيذ في انتظار التمويل المناسب.

ولا تخفي سركيس قلقها مما آلت إليه حال البيئة السورية المتدهورة على خلفية بسبب أعمال الحرب المتراكمة الضارة بها جراء حرائق الغابات والمناطق الحراجية وآبار النفط والغاز وتدمير شبكات المياه والصرف الصحي.

وبالإضافة إلى تحسين ومراقبة الواقع البيئي، تؤكد سركيس أن الوزارة سعت إلى تعديل العديد من التشريعات ذات العلاقة بالشأن البيئي لتلائم المرحلة المقبلة التي تحتاج على زمن طويل لإعادة الأمور إلى نصاب ما كانت عليه قبل الأزمة وتدارك ما يمكن تداركه راهناً بهدف الحفاظ على الموارد الطبيعية عبر التهج التشاركي في إدارتها وعلى التوازن البيئي من خلال توقيع الوزارة على اتفاقيات وبروتوكولات دولية لحماية أكثر من 400 نوع من الطيور المهاجرة العابرة للمجال السوري، ومنها طيور قيّمة ونادرة.

من تداعيات الحرب الخطيرة على البيئة السورية ولعقود عديدة والتي تقلق وزيرة البيئة ولا يمكن للوزارة التعامل معها راهناً تكرير النفط بشكل بدائي وعشوائي في مناطق شرق سورية من قبل تنظيم “داعش” وما يتسبب به من انبعاث المواد السامة والأدخنة والغازات الضارة وإخراج مصادر المياه الملوثة وحقول النفط من الخدمة والاستثمار بعد فترة وجيزة، الأمر الذي ينذر بكارثة صحية وبيئية واقتصادية وبشرية لم تعهدها سورية من قبل. ولا سبيل للوزارة سوى الاكتفاء برصد الواقع البيئي في هذه المناطق الملوثة ووضع خطط إعادة تأهيلها حالما تعود إلى عهدة الحكومة السورية.

ويشهد للوزيرة سركيس أنها من الوزراء القلائل الذين فوضوا المحافظين بممارسة صلاحياتهم في ظل الأزمة الحالية بغية تنشيط مديرياتهم ولتطبيق القانون الخاص بالبيئة ومنع التعديات عليها وضبط المخالفات في أي مواصفات وأنظمة البيئة. وكذلك قيامها بزيارات مستمرة للمناطق الصناعية للاطلاع على عملها وتوافقها مع شروط البيئة وإعداد وزارتها لإستراتيجية وخطة عمل لما يدعى الاقتصاد الأخضر في البلاد عدا عن تنسيقها من جميع الوزارات بما يخص عمل وزارتها والعمل بروح فريق العمل الواحد لمواجهة الأخطار المحدقة وحضورها جميع الدورات التدريبية والندوات وورش العمل والمبادرات المختلفة لإنجاح الهدف من إقامتها.

إزاء كل ذلك، لا يسعنا نحن السوريين الأرمن وفي مجلس الأعمال السوري الأرميني إلا أن نرفع القبعة للوزيرة نظيرة سركيس ونقدر جهودها ودورها في خدمة الوطن والمواطن على أكمل وجه بحيث تحض الحكومة على إشراك السوريين الأرمن في الحكومات المقبلة تقديراً لكفاءاتهم وتفانيهم في خدمة المصلحة العامة بعد أن انقطعوا عن المشاركة في الوزارات منذ عام  1964 وقت تولي ثابت عريس وزارة دولة وقبله هنري هندية وزير المالية سنة 1936.

Share This