بيار شماسيان: الكوميديا التلفزيونيّة مهزلة!

بيروت – مايا خوري

40 عاماً من العمل المستمر سواء على خشبة المسرح أو في التلفزيون آخرها مشاركته في برنامجي «8 و14 ونحنا» وAkhbar.com على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال، ابتكر أكثر من 15 شخصية أهمها «إم جورجيت» التي انطلقت مع مسرح “الساعة العاشرة” منذ 25 عاماً، إضافة إلى جولات في دول عربية وأوروبية قدّم فيها الـ “ستاند أب كوميدي”.

بيار شماسيان الفنان الكوميدي الذي لا يعرف الكلل أو الملل ويتجدّد باستمرار، يتربع في القلوب وينتظر المشاهدون إطلالاته بشغف. حول مسيرته ومشاريعه الجديدة يتحدث الى “الجريدة”.

25 عاماً من العمل، ما سبب هذه الاستمرارية؟

التواضع وقناعتي بأنني إنسان عادي وبيني وبين بلوغ القمة في الفن مسافات شاسعة وواسعة، ثم لا أكرر نفسي وأبتكر شخصيات جديدة على الدوام أقدّمها على المسرح، بالإضافة إلى حبّ الجمهور لي.

هل غبت يوماً عن الفن؟

لا. المسرح والسينما والتلفزيون مهنة أعتاش منها.

على رغم أن الفن لا يطعم خبزًا!

يجب أن نختار جيدًا الخباز.

كيف تقيّم مسرح الشانسونييه اليوم؟

زاد عدد الفرق التي تخوض غماره لكن قلة تفهم معنى هذا المسرح الحقيقي، فبعض الناشئين يعتقد بأنه يقتصر على عرض فتيات بأزياء مغرية والتحدّث بكلام بذيء على المسرح!

ما هو معناه الحقيقي إذاً؟

هو مسرح فرنسي نشأ منذ مئات السنين قدّمه فنانو القصر الملكي وانتقدوا خلاله الأمراء والحكام وتضمّن أغاني، من هنا اتخذ اسمه، وليس عرض مفاتن وسيقان.

ما سرّ بقاء مسرح «الساعة العاشرة» في المرتبة الأولى على رغم نشوء فرق جديدة؟

حافظ مسرحنا على مستواه النظيف وتجنّبنا الانتقاد الجارح، لذا يقبل السياسيون على مشاهدتنا من دون أن ينزعجوا منا، بل على العكس يطالبوننا بالتحدّث عنهم.

كيف تصف ثلاثية بيار شماسيان وأندره جدع وليلى اسطفان في مسرحكم؟

إنهم كأعمدة قلعة بعلبك.

ما الذي أبقاكم معاً منذ 25 عامًا؟

نفهم بعضنا على «الطاير» وننسّق جيداً في ما يتعلق باختيار المضمون وكيفية تقديمه.

إلى أي مدى يؤثر مسرحكم في الناس؟

إلى درجة كبيرة، فثمة تعابير تتفوه بها «إم جورجيت» باتت منتشرة على الألسن، كذلك تعبير «روق يا كلينت روق» لأندره جدع وأخرى خاصة بـ{أم حمودي» لليلى اسطفان.

كيف تقيّم علاقة مسرحكم مع الرقابة؟

نعرف حدودنا جيداً ويدرك القيمون على الرقابة أننا لا نتخطاها، وعندما نتخطى نصائحهم يغضّون الطرف لأننا لا نجرح. ثمة خطوط حمر معروفة هي رئاسة الجمهورية والجيش والمقامات الدينية ورؤساء الدول ونحن نلتزم بها كلياً.

هل تعرضت لمضايقات بسبب الانتقاد السياسي؟

كلا.

بين ابتكار شخصيات جديدة وتقليد شخصيات معروفة، أيّهما الأصعب؟

من السهل تقليد شخصية معروفة، فيما يصعب ابتكار شخصيات جديدة يتحمّس لها الجمهور.

كم شخصية ابتكرت؟

15شخصية تقريبًا ونجحت كلّها.

لماذا هذا الاهتمام بشخصية «إم جورجيت»؟

لأنها أرمنية من الجيل القديم وتثير الضحك بطريقة كلامها الذي تترجمه حرفيًا من الأرمني إلى اللبناني.

ما سرّ نجاح هذه الشخصية؟

تعرف الكلمات التي يخطئ فيها المواطنون الأرمن عندما يتحدثون اللغة العربية وتقدّمها كما هي بعفويتها.

لماذا تكرهها على رغم نجاحها؟

(ممازحاً) لأنها مشهورة أكثر مني لدرجة أن متعهّدي الحفلات يشترطون علي أولوية تقديمها.

قدمت المسرح في زمن الحرب والسلم، كيف تميز بين التجربتين؟

في زمن الحرب اللبنانية كنا {فشة خلق} اللبنانيين القلقين على مستقبلهم، لذا كانوا يقبلون بكثافة على مسرحنا الذي عاش آنذاك عصره الذهبي. اليوم بات من الصعب جذب الجمهور لأنه منصرف إلى همومه اليومية التي تثقل كاهله ولا يضع ارتياد المسرح في سلّم أولوياته، بالإضافة إلى انطلاق فرق جديدة في مسرح الشانسونييه.

ما الرسالة التي توجّهها إلى الفنانين الشباب؟

لا يعني التصفيق عند ظهورهم الأول أنهم أصبحوا نجومًا ويحقّ لهم بنجمة في هوليوود.

ما الذي يولّد الضحك في مسرح الشانسونييه؟

اللعب على التناقض، فمثلاً نتغنى بستة آلاف سنة من الحضارة فيما نحن محرومون من المياه والكهرباء ومن نظام للسير ومن الاستقرار أيضًا.

هل يفضّل الجمهور الاسكتشات السياسية أم الاجتماعية؟

سابقاً، كانت الاسكتشات السياسية تثير الضحك أكثر. أما اليوم، فقد ملّ اللبنانيون السياسة وباتوا يفضّلون انتقاد المشاكل الاجتماعية لا سيما أن الأحداث السياسية تتكرر منذ أكثر من 30 عاماً.

كيف يتفاعل المغتربون اللبنانيون مع الـ «ستاند أب كوميدي» الذي تقدّمه لهم عندما تزورهم؟

يصفّقون لي بحماسة شديدة لأنهم يتابعون ما يحصل في لبنان أكثر من المقيمين فيه، في المقابل لا ينزعجون إطلاقاً إذا اقتصرت انتقاداتي على المشاكل الاجتماعية من دون السياسية.

هل ستقدّم «ستاند أب كوميدي» في لبنان أسوة بما فعلت في الخارج؟

أفكر جديًا في الموضوع.

السياسة مادة دسمة في الشانسونييه وبرامج الانتقاد، فماذا يحصل إذا استقرت الأوضاع في لبنان؟

يبدو أنك متفائلة! إذا استقرت بعد 50 عامًا فلا مشكلة لدي، ثم أسعى إلى الابتعاد عن السياسة لأن ثمة مشاكل اجتماعية تهم اللبنانيين أكثر من السياسة.

كيف تحوّل برنامجكم «8 و14 ونحنا» إلى Akhbar.com؟

ربما شعر القيمون على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال أن موضوع 8 و14 تراجع تدريجًا فابتكروا إسمًا جديدًا للبرنامج.

كيف تقيّم تجربتك التلفزيونية؟

محاولة تصبّ في إطار التنويع مع أنني أفضّل المسرح.

لماذا؟

تختلف ردة الفعل إزاء النكات بين الإثنين. على المسرح يكون التجاوب مباشراً مع الجمهور فيما في التلفزيون لا نستطيع تلمّس مدى تجاوب المشاهدين مع النكات. من جهة أخرى، المسرح أصعب ولا يرحم في حال أخطأ الممثل عكس التلفزيون حيث يمكن تكرار المشاهد.

تؤيد برامج الانتقاد السياسي أطرافاً سياسية معينة، ماذا عنكم؟

نحن أصدقاء مع الجميع، ننتقد الأخطاء والشواذ لدى الأطراف السياسية كافة على طريقتنا الخاصة، لذا لا ينزعج أحد منا بل يستقبلنا السياسيون برحابة صدر عندما نزورهم.

ما رأيك بالكوميديا اللبنانية التلفزيونية؟

ليست كوميديا بل مهزلة.

كيف تقيّم الإنتاج الدرامي اليوم؟

إنتاجنا الدرامي ضئيل ولدي مأخذ على الشاشات اللبنانية التي تسيء إلى الفنان اللبناني من ناحية بدل الأتعاب، إضافة إلى بدل أتعاب الكومبارس الذي يتفاوت وفق شكله الخارجي، هنا أتساءل: كيف يعيش الفنان اللبناني ويستمرّ؟

إلى أي مدى يساعد شكل الفنان الكوميدي الخارجي في عمله؟

قد يساعد لكنه ليس أساسيًا، إنما التناقض يولد الضحك على المسرح مثل وجود ممثلَين أحدهما طويل والآخر قصير أو جميل وبشع، أو هزيل وبدين.

كيف يتفاعل الجمهور معك في الشارع؟

يعتقد أن الكوميدي يساوي 24 ساعة ضحك. كنت أنتظر مرة الطبيب في المستشفى فبادرتني امرأتان بالقول: «أستاذ بيار هل تمرض أيضًا؟». أحياناً، ينسى الناس أننا بشر من لحم ودم نمرض ونحزن ونتعب أسوة بهم.

هل صادف ومررت في ظروف حزينة مع ذلك وقفت على المسرح لإضحاك الناس؟

بالطبع. في اليوم الذي توفيت فيه والدتي قدمت مساء مسرحيتي، كذلك الأمر عندما توفي شقيقي. عندما أصعد إلى الخشبة أمام الجمهور أكون بيار الفنان وعند إسدال الستارة أعود بيار الإنسان.

ما جديدك على صعيد الشاشة الصغيرة؟

ثمة اقتراح للمشاركة في مشروع تلفزيوني كوميدي أميركي ـــ لبناني مشترك، وعرض للمشاركة في إنتاج ضخم للعالم العربي لكني أفضّل عدم التحدّث في التفاصيل.

ماذا عن التمثيل الدرامي؟

بيار يساوي الكوميدي بنظر الجمهور للأسف. عند عرض الفيلم اللبناني الفرنسي الذي مثلت فيه في قصر اليونسكو جلست بين الجمهور أتابع ردات الفعل، وكان الناس يضحكون كلما تكلمت في أي مشهد جدّي لأنهم اعتقدوا أن وراء كلامي مغزى معينًا.

وهل الجمهور يفرض على الممثل نوعًا محددًا من الشخصيات؟

عندما يعتاد الجمهور على شخصية معينة يصعب تقديم شخصية أخرى مختلفة.

كيف تحدد علاقتك بالجمهور العربي؟

أقرب جمهور عربي إلينا هو الجمهور السوري الذي يعايش مشاكلنا أكثر منا وكلما ابتعدنا إلى بلدان عربية أخرى خفّ التفاعل.

في أي بلدان عربية عرض مسرح «الساعة العاشرة» أعماله؟

في أبو ظبي والكويت وسورية وفي السفارة اللبنانية في السعودية. جمهورنا في أكثريته من الجنسية اللبنانية وما تبقى هم عرب زاروا لبنان وتعرفوا إلى مشاكله اليومية.

لماذا غبت عن المسرحية الأخيرة التي قدّمها مسرح الساعة العاشرة؟

تزامن ذلك مع جولتي في كندا وأميركا، وفضّلنا ألا ينتظرني أندره وليلى لذا قدما ديو مسرحيًا. لا يعني التغيير أن ثمة إشكالاً بيننا كما يتصور البعض والدليل أننا نقدم برنامج Akhbar.com معًا.

ألا تفكّر في خوض مجال تقديم البرامج؟

أرغب في ذلك إنما لم أتلقَّ أي عرض لغاية اليوم.

http://aljarida.com/aljarida/Article.aspx?id=192005

Share This