كيشيشيان في لقاء روحي: مصرون على التعايش الاسلامي المسيحي الا اننا ضد التطرف والارهاب ونحن واثقون ان الاسلام براء من هذه الآفة

1445756283_ 

وطنية – ترأس رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصارجي اللقاء الروحي الذي دعا اليه، لمناسبة عيد شفيع الكنيسة الكلدانية في لبنان الملاك رافائيل، لمناسبة زيارة كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا ارام الاول كيشيشيان لمطرانية الكلدان في بعبدا – برازيليا.

حضر اللقاء ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج، ممثل الرئيس أمين الجميل الدكتور فرج كرباج، ممثل رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون النائب ناجي غاريوس، ممثل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع العميد وهبة قاطيشا، ممثل وزير الخارجية جبران باسيل غازي جبرايل، ممثل النائب سليمان فرنجية بيار بعقليني، ممثل قائد الجيش ومدير المخابرات العقيد الركن رودولف هيكل، ممثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص العقيد انطوان الحلو، الامين العام للجنة الحوار الإسلامي – المسيحي محمد السماك، ممثل لقاء مسيحيي المشرق فؤاد ابو ناضر، القائم باعمال السفارة العراقية في لبنان يبرخان شوقي، السكرتير الثاني في السفارة صباح توما، رئيس بلدية الحدث جورج عون والوفد المرافق، الرؤساء العامون الاباء الكهنة والشمامسة والراهبات، رؤساء وأعضاء مجالس الكنيسة الكلدانية في لبنان وأبناء الرعية اللبنانيين والعراقيين والسوريين.

ترحيب
بداية كانت كلمة ترحيب من رئيس الرعية الذي قال: “ترتدي كاتدرائية بيروت الكلدانية أبهى حللها في استقبال راعي الأمة المسيحية الأولى، يزور لأول مرة مقر الكنيسة الكلدانية في لبنان، شريكة الأرمن والسريان والأشوريين واليونان في حمل صليب التهجير والاضطهاد والإبادة منذ فجر المسيحية، مرورا بمأساة العام 1915 والى يومنا الحاضر!”.
واضاف: “أهلا بكم يا صاحب القداسة، تحملون إلينا بركة القديس غريغوريوس المنوِر وغريغوريوس النازكي معلم الكنيسة الجامعة والمتلالىء بالنسك والهائم بالعشق الالهي مع أخيه افرام السرياني، زينة المتوحدين وكنارة الروح يسطعان كلاهما كنجمين لامعين في سماء شرقنا الداجي ويشفعان بنا لدى الجالس على العرش! أهلا وسهلا بكم جميعا في هذه الكاتدرائية التي تحيي في مناسبة عيد شفيعها، الذكرى العطرة لسحابة طويلة من الشهود، أبطال الإيمانِ، بذلوا دماءهم الزكية على مذبح إيمانهم بالناهض من القبرِ ملاشيا سلطان المنون… لتبقى مآثرهم مصباحا يرشدنا الى مبدأ الإيمان ومكمله… “وإننا لنحسن عملا إذا نظرنا إليه نظرنا الى سراج يضيىء في مكان مظلم، الى ان ينبلج النهار ويشرق كوكب الصبح في قلوبنا… !” (2 بط 1/19) “.

قصارجي
والقى المطران قصارجي كلمة بعنوان “خدمة الشهداء” “الحياة عندي هي المسيح والموت ربح” (فيليبي 2/21) جاء فيها: “الكنيسة الكلدانية معنية الى حد كبير جدا بالمجازر الوحشية التي شنتها قوى الظلام في الامبراطورية العثمانية العام 1915، الى جانب الكنائس الشقيقة، أي الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية والكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الآشورية والكنيسة السريانية الكاثوليكية والكنيسة الأرمنية الكاثوليكية، اضافة الى الكنائس ذات التقليد البيزنطي. ما يقارب مئتي ألف شهيد من إكليريكيين وعلمانيين سقطوا على مذبح الدفاع عن إيمانهم بالناهض من القبر في اليوم الثالث، ليسطروا بدمائهم العطرة تاريخ هذا الشرق المشرف، الذي يفوح منه عرف الشهادة الطيب الشذا معطرا الكون كله برائحة المسيح التي انعشت عالمنا الغارق في سبات الظلام وغياهب الموت”.

وتابع: “صاحب القداسة، ان حضوركم المبارك بيننا اليوم، لا يمثل فقط كنيسة عريقة رعت أول أمة مسيحية في العالم، بل يؤكد على تاريخ الشهادة المشترك الذي يوحد جميع الكنائس الشرقية التي نشأت ونمت على هذه الأرض المقدسة، أي في تركيا وأرمينيا وسوريا والعراق وإيران ولبنان الرسالة الذي هو امتداد روحي وجغرافي للأراضي المقدسة التي وطئتها أقدام المسيح وتلاميذه الأطهار. بعد مئة عام على هذه المجازر المأساوية والدموية، لا نستطيع ونحن محتفلون بعيد الملاك رافائيل شفيع الكنيسة الكلدانية في لبنان، الذي أرسل الى عائلة تعاني مرارة التهجير في سفر طوبيا في العهد القديم، إلا أن نتوقف عند حدث جلل طبع تاريخ البشرية بختم الخزي وعار العنصرية والفئوية وكلل رؤوس أبطال في الإيمان استحقوا الطوبى لمدى الأجيال. إن هذه الذكرى الأليمة تمتزج فيها ألوان من العواطف المتشابكة، فبينما نأسف لاستشهاد أجداد وآباء، نعتز بجهادهم ونفتخر بمآثرهم كأبطال في الإيمان يستحقون الطوبى وأكاليل الخلود والمجد… ومن ثم نحزن أيضا لأن التاريخ يكرر نفسه، على ما تشهد عليه مأساة العراق وسوريا… لا بل جلجلة الشرق الحزين الذي ينتظر بفارغ الصبر فجر اليوم الثالث… أما الشعور الأعمق والاكثر تأثيرا والذي تخلفه لنا هذه الصفحة التاريخية المكتوبة بمداد دام، فهو الشوق والحمية والرغبة في التشبث في الإيمان بالمسيح المصلوب بالرغم من العواصف العاتية ونوائب الدهر!”.

واردف: “الكنيسة الكلدانية هي كنيسة الشهداء وبهذا الاسم عرفت. لقد استشهد مبشرها القديس توما الرسول دفاعا عن إيمانه بالرب يسوع، وعلى خطى الشهادة سار البطريرك يوحنا سولاقا وقبله شمعون برصباعي. أما إذا أمعنا النظر في مجازر سفر برلك عام 1915 وقافلة شهدائها، فلا بد لنا من ذكر الأب الشهيد حنا شوحا والمثلث الرحمة المطران أدي شير والمطران يعقوب اوراها والمطران توما اودو ومار توما رشو… اضافة الى المعترفين، أي الذين احتملوا العذابات والآلام في سبيل إيمانهم بالرب يسوع، كمثل المطران مار اسرائيل اودو ومار سليمان صباغ ومار بطرس عزيز ومار اوجين منا … ما عدا الألوف من الإكليريكيين والعلمانيين الذين نالوا إكليل الشهادة وهم يتشفعون بنا اليوم في الملكوت السماوي”.

وتابع: “لم تكن مجازر “سفر برلك” محوا للعنصر البشري المسيحي فقط، بل طالت الحجر أيضا. إذ قد استحالت تلك الأديرة الأثرية النفيسة بكنوزها الروحية والتاريخية خرابا وهباء، كما اندثرت معالم دينية وثقافية وحضارية كبرى في “نصيبيين” وجبل “إيزلا” و “سعرت” و “وان” و “اورمية” و “سلامس” و “دياربكر” و “ميافرقين” و “الرها” و”ماردين” … مخلفة وراءها هشيما وحجارة اضحت اثرا بعد عين”.

وقال: “لقد اعترف قداسة البابا فرنسيس في شهر نيسان الماضي، بحقيقة الإبادة التي شملت الشعب الأرمني والسرياني والأشوري والكلداني. فجميعهم تعرضوا للتهجير والتعذيب والقتل في أماكن متقاربة جغرافيا ما بين العامين 1915 و 1918. هذا من شأنه أن يبعث في قلوبنا الرغبة المتقدة للشهادة معا للمسيح الذي نؤمن به جميعنا كإله ومخلص. إنها مسكونية الشهادة، تجمع أبناء هذه الكنائس، ليهبَ الروح القدس في حياتهم بزخمٍ أكبرَ، فيوحدون جهودهم مع جهود أبناء الكنائس الأخرى التي تفخر هي أيضاً بشهدائها، حتى نواصلَ جميعنا رفع لواء المحبة والمصالحة والتآخي وقبول جميع أنواع الاختلاف من هنا، من على هذه الأرض التي شاركْنا في بنائها ونحن جزءٌ لا يتجزأ من أبنائها وفيها نحن صامدون!

إننا ننضم الى قداسة الكاثوليكوس آرام الأوَل الكلي الطوبى، الى صاحبَي السيادة ممثَلي الكنيستَين السريانيَتين مار تيوفيلوس جورج صليبا ومار باسيليوس جرجس القس موسى، الى الأبوين سرغون زومايا وإيلي يغيايان… نضم صوتنا الى أصوات أصحاب السيادة الذين شرفونا اليوم بحضورهم والرؤساء العامين والرئيسات العامات والآباء والراهبات … الى صوت أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة الحاضرين معنا… نضم صوتنا الى أصوات ثلاثة آلافٍ وخمسمئة عائلة عراقية مهجرة تستقبلها أبرشية بيروت الكلدانية وتؤمن لها الخدمات على المستوياتٍ كافةً… نضم صوتنا الى أصوات جميع ذوي النيات الحسنة، لنطالب مراكز القرار الدولي التي نصبت ذاتها مدافعةً عن العدالة والمساواة وحقوق الإنسان وكرامة الفرد البشري حتى ترفع يد الموت والتهجير والعنف عن شعبنا في العراق وسوريا ولبنان وفي كل مكانٍ على وجه البسيطة يسمع فيه أنينٌ وتنهمر فيه عَبَرات الحزن والأسى!”.
وختم: “نشكر جميع الذين شاركوننا اليوم هذه الصلاة وجميع الذين حضروا لنجاح الاحتفال بهذه الذكرى المئوية لمجازر “سفر برلك”، ونخص بالذكر ولدنا الأستاذ انطوان حكيم رئيس المجلس الأعلى للطائفة الكلدانية في بيروت الذي تبرع بتكاليف النصب التذكاري، كما نشكر ولدنا كاتب الأيقونات بشارة راشد وولدنا ابراهيم حداد وابنتنا ميرا قصارجي وعائلة مطرانية بيروت الكلدانية بكافة افرادها ولا نغفل عن تحية الجوقة التي تواكبنا بترانيمها وجميع وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة. كما نهنىء أبناء الابرشية بحلول عيد الملاك رافائيل شفيع كنيستنا معيدين على وجه الخصوص حاملي اسمه ونذكر بهذه المناسبة المثلث الرحمات البطريرك ما روفائيل الأول بيداويد ونستمطر على جميعكم وجميعكن بركات الثالوث الأقدس، له المجد الى الأبد”.

الكاثوليكوس آرام الأول

وفي الختام، القى الكاثوليكوس آرام الاول كلمة جاء فيها: “بالمحبة المسيحية الحارة نشكر المطران قصارجي لدعوته لهذه الصلاة والتأمل معا واحياء ذكرى شهدائنا. علاقات اخوية قديمة تجمع الكنيسة الارمنية والكلدانية. ابناء كنيستنا في العراق وسوريا وتركيا ولبنان عاشوا معا وصلوا معا وتعاونوا معا وحتى استشهدوا معا في سبيل الحفاظ على ايمانهم المسيحي الراسخ”. وتابع: “لقد عرفنا البطاركة الثلاث الاواخر لكنيستكم وكان بيننا ولا يزال تعاون وثيق . ولنا ملء الثقة بأن هذا التعاون سيستمر وسنواجه معا التحديات والصعوبات الجمة في منطقتنا. كما قلت في مستهل كلامي، اننا هنا في هذه الكنيسة لنتذكر سويا شهدائنا، واود القول ان الشهيد هو الانسان الذي يضحي بحياته من اجل الايمان والقيم والمبادىء المسيحية وفيا لتعاليم المسيحية. كما ان الشهيد ومهما كانت الكنيسة التي ينتمي اليها هو شهيد كل الكنائس المسيحية وان دماء شهدائنا تجمعنا نحن المسيحيين”.  وتابع: “كما تعلمون قبل مئة عام نفذت ابادة جماعية من قبل تركيا العثمانية ضد شعبنا الارمني والى جانب شهدائنا ذهب ضحية هذه المجازر، شهداء سريان ويونان كما واستشهد ابناء كنيستكم العزيزة. نحن لم ولن ننسى شهدائنا. هم ضحوا بدمائهم من اجل الايمان المسيحي لكي نقوى اكثر بايماننا. واليوم تستمر ابادة ابنائنا في سوريا والعراق. وطالما بقيت الابادة بلا عقاب ستستمر الابادات وبالتالي سيزيد الشهداء. يجب على المجتمع الدولي ان يلاحظ بأن المسيحيين هم ضحايا هذه الابادات. الشرق الاوسط هو مهد المسيحية، فالمسيحيون لم يأتوا من الخارج بل جذورهم مترسخة في تاريخ هذه المنطقة. لذا، قرارنا ان نبقى هنا اوفياء لتاريخنا وقيمنا وحقوق وارث شهدائنا. واننا سوف نبقى اوفياء لواجباتنا كما نحن اوفياء ومثبتين بحقوقنا”.

وختم: “لقد عشنا سنين طويلة مع المسلمين في هذه المنطقة. ان التعايش الاسلامي – المسيحي هو ميزة من ميزات هذه المنطقة، ونحن مصرون على التعايش الاسلامي – المسيحي على مبدأ المحبة والاحترام المتبادلين، الا اننا ضد التطرف والارهاب ولنا ملء الثقة بان الاسلام ايضا براء من هذه الآفة التي تهددنا سويا. واليوم نتذكر شهداءنا، تعالوا لنجدد عهدنا للبقاء اوفياء لايمان شهدائنا وايضا لارث اباء كنائسنا الاجلاء. تعالوا نصلي لكي يمنح الله السلام للشرق وفلسطين المحتلة والعراق وسوريا ونصلي من اجل ترسيخ العدالة الآتية من الرب في منطقة الشرق الاوسط لأنه لا يوجد سلام حقيقي من دون عدالة. ونسأل الله تعالى ان يحفظ عائلاتكم ويغمر حياتهم بالصحة والسعادة”.

Share This