في الذكرى المئوية لمجازر الأرمن ما تزال تركيا ترفض الاعتراف

12191773_10208679444402572_1521643207025593727_n 

مسعود عكو*

يمر هذا العام مائة سنة على المجازر التي قامت السلطنة العثمانية ضد الأرمن والسريان في 1915. في أبشع صورة لما وصلت إليه البشرية من طغيان في القتل بسبب الهوية. المجازر التي راحت ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون أرمني وسرياني وآشوري وكلداني فقط لأنهم مختلفون دينياً وعرقياً. سجل بذلك التاريخ قصصاً جد مؤلمة في حياة الملايين الذي يستذكرون حتى اللحظة مآسي أباءهم وأجدادهم.

نالت القومية الأرمنية الظلم كثيراً في ظل سلطة الدولة العثمانية، كباقي القوميات التي احتلت هذه السلطنة بلادهم وأراضيهم. ولم تكتف هذه السلطنة باحتلال الأراضي بل قتلت البشر وهدمت الحجر، ومارست بحقهم أبشع أنواع الاضطهاد الديني والقومي.

بعد مرور مائة عام على تلك المجازر تستمر الدولة التركية في إنكارها، والتهرب من الاعتراف بتلك الجرائم بحق أبناء القومية الأرمنية في ظل الدولة العثمانية. القضية التي تثار بين الفينة والأخرى، وتشكل إحدى أهم عوائق انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

اعترفت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، ودول أوروبية ولاتينية عديدة بتلك المذابح، واصفة إياها بالإبادة الجماعية.

لا تزال تركيا تتهرب من الاعتراف بتلك الإبادة الجماعية، بل وتنتقد أي دولة تعترف بذلك، ووصل الحد بأنه في سنة 2005 تم تمرير الفقرة 301 في القانون التركي يجرم فيه الاعتراف بالمذابح في تركيا، مبررة بعدم مسؤوليتها عن جرائم ارتكبت في زمن السلطنة العثمانية، بل وتتنكر للجريمة، وتعترض على أعداد الضحايا التي تقدرها تركيا بـ 300 ألف، دون الاعتراف حتى بهذا الرقم.

التاريخ التركي والعثماني حافل بالمجازر ضد الأقليات القومية والدينية من غير الأتراك، كمجازر ديرسيم بين عامي 1937-1939 حيث قتل الجيش التركي النظامي أكثر من عشرين ألف كردي من الأكراد الزازية، ليعتذر مؤخراً عن تلك المجازر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 23 تشرين الثاني 2011.

واجب بل لزام على الدولة التركية اليوم الاعتراف بالمجازر والإبادة الجماعية بحق ملايين الأرمن والسريان والآشوريين الكلدان، وتقديم الاعتذار الرسمي عن تلك المجازر التي وقعت في عهد السلطنة العثمانية.

الدولة التركية التي ورثت هذه السلطنة تتحمل قانونياً وأخلاقياً كل انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في زمن الدولة العثمانية.

على تركيا الاعتذار من كل البلاد التي احتلتها السلطنة العثمانية، وارتكبت كل أنواع الموبقات من قتل وتشريد وتهجير، وإلا فإن هذا الإنكار سيظل عاراً على جبين الدولة التركية وقيادتها وحكومتها.

لربما مضى زمن المحاسبة على تلك الجرائم، لكنه لا يمكن أبداً إنكار هكذا مذابح بشعة بحق الإنسانية، مهما طال الزمان.

*مسعود عكو: كاتب وصحفي كردي سوري مقيم في النرويج، له العديد من المقالات عن القضية الأرمنية.

(مقالة صدرت في العدد الخاص الذي أصدره ملحق أزتاك العربي للشؤون الأرمنية في 24 نيسان 2015 بمناسبة الذكرى المئوية للابادة الأرمنية)

Share This