معالم أرمينيا …الأثرية والتاريخية والسياحية

թանգարան

أرمينيا بلد الثقافة العريقة وغالباً ما يشار على أنها متحف مفتوح في الهواء الطلق، وإذا كان الأمر كذلك فيعتبر وادي آرارات القاعة الرئيسة لذلك المتحف.

تشتهر أرمينيا بمعالمها الرائعة. ولأجل التعرف عليها جيداً وتقديرها بحق ينبغي علينا القيام برحلة تمكننا من مشاهدة روائع هذا البلد العريق في الحضارة. فتعالوا أيها الأصدقاء لنقوم بجولة في أنحاء جمهوريتنا المشمسة، ولنعرفكم على طبيعتها ومدنها وقراها وآثارها التاريخية وعمرانها وبنائها العصريين. ولتكن العاصمة يريفان، هذه المدينة القديمة والفتية أبداً، نقطة انطلاق رحلتنا عبر أرمينيا.

من أهم المعالم التي تلفت أنظار الزائرين في يريفان هي:

  • ساحة الجمهورية: تقع في وسط المدينة وهي عبارة عن مجموعة مهيبة للمباني الضخمة التي تحيط بالساحة إحاطة دائرية، وقد شيدت بأسلوب معماري أرمني أصيل يجسد جميع مراحل تطور هذا الفن بدءا من العصر الوثني فالقرون الوسطى فالعهد الحديث. ويزين ساحة الجمهورية سجاد حجري جميل بني في الأعوام الأخيرة. وبإمكانكم أن تشاهدوا حول الساحة روائع الهندسة المعمارية ممثلة في المؤسسات التالية:
  • متحف الدولة لتاريخ أرمينيا: يحتوي على آلاف القطع من تحف الحضارة الأرمنية. منها أكثر من ستة آلاف معروضة اختيرت بعناية لتعرض بصورة دائمة على الزائرين في عشرين قاعة عرض فسيحة.
  • متحف الآداب والفنون الأرمنية: يحتوي على مخطوطات رجال الأدب والمسرح والموسيقى الأرمن البارزين وأدواتهم الشخصية وأرشيفهم. وتبين معروضات هذا المتحف على العموم شتى مراحل تكون وتطور الأدب والمسرح والموسيقى والفنون الأرمنية.
  • رواق الرسوم في أرمينيا: من أغنى المتاحف في أرمينيا، ويحتوي مجموعة قيمة لأعمال الفنانين الأرمن والروس والأوروبيين وكذلك نماذج من الفن التشكيلي لشعوب الشرق الأدنى والأدوات الخزفية الصينية والسكسونية وغيرها.

   أما الآن فلنزر معالم يريفان الأخرى :

  • دار المخطوطات القديمة (الماتيناداران) : يطل بناء دار المخطوطات البازلتي الضخم، القائم فوق رابية جميلة، على بداية جادة ماشدوتس الفسيحة. ويعتبر الدار أكبر مستودع للمخطوطات الأرمنية النفيسة في العالم، إذ يضم آلاف المخطوطات من مؤلفات العصور القديمة والوسيطة للأدباء والعلماء الأرمن في ميادين التاريخ والفلسفة والحقوق والطب والرياضيات والفلك والأدب والفنون. تلك المخطوطات المزخرفة في معظم الأحيان بأروع المنمنمات، وفي الدار مئات المخطوطات بلغات شعوب الشرق، وخاصة العربية والفارسية.
  • ومن الأماكن المحبوبة في يريفان حديقة الحيوانات وحديقة النباتات ودار الإبداع الشعبي حيث تعرض منجزات هواة الفن الشعبي. وكذلك متحف تاريخ يريفان والمتحف الجيولوجي ودار-متحف المفكر والكاتب الأرمني المعروف ختشادور آبوفيان ودار الشاعر والأديب الأرمني المشهور هوفهانيس تومانيان والشاعر الكبير أفيديك ايساهاكيان والملحن البارز الكسندر سباندياريان والرسام الكبير مارديروس ساريان وغيرهم.
  • ومن أماكن النزهة والراحة الممتعة في يريفان حديقة النصر التي دشنت تخليداً لذكرى انتصار الشعب السوفياتي على المانيا الفاشية (عام 1941 – 1945). وفيها ينتصب تمثال (أرمينيا الأم) الذي يرمز إلى قسط الشعب الأرمني في قضية النضال من أجل سحق العدو المشترك. وهو تمثال ضخم للمرأة الأرمنية البطلة، في وقفة هادئة واثقة، وقد أمسكت بالسيف من طرفيه تعبيراً عن عزمها على الدفاع عن الوطن حتى النهاية. وقاعدة التمثال عبارة عن متحف غني بمعروضات متنوعة تروي تاريخ مساهمة الشعب الأرمني المجيدة في الحرب الوطنية العظمى. ومن الساحة الفسيحة أمام المتحف ينبسط أمامك مشهد عام لا مثيل له لمدينة يريفان على خلفية جبل أرارات الشاهق بقمته الشائبة أبداً.
  • أما منتزه دزيدزيرناكابيرت (قلعة السنونو) فيقع على تل مرتفع ساحر المنظر يوجد فيه نصب تذكاري مهيب لملايين الشهداء الأرمن الذين ذهبوا ضحية الإبادة الأرمنية التي ارتكبها الأتراك عام وهو عبارة عن هيكل دائري الشكل قطره ثلاثون متراً تتوسطه شعلة أبدية ينحني عليها من جميع الأطراف اثنا عشر عموداً ضخماً وعريضاً من حجر البازلت الرمادي. وعلى مقربة منه متحف الإبادة الأرمنية والذي يحتوي على وثائق وشهادات تاريخية عديدة.
  • أما عشاق الأوبرا والمسرح والموسيقى فبإمكانهم أيضاً أن يجدوا ما يمتعهم ويسليهم في يريفان. فهاكم مثلا مسرح سباندياريان الأكاديمي للأوبرا والباليه الملاصق لدار الفلهارمونيا. وقد شيد هذا المبنى الرائع وفق تصاميم المعماري العبقري الكسندر تامانيان واستحق ميدالية ذهبية في معرض باريس الدولي لسنة 1935. وتقدم في قاعات الأوبرا والباليه والفلهارمونيا عروضاً يومية للأوبرات الأرمنية والأجنبية المشهورة والحفلات الموسيقية والغنائية والرقصات الشعبية والموسيقى الخفيفة.
  • كما تعرض في مسرح كابريئيل صندوكيان الدرامي أضخم المسرحيات الأرمنية والروسية والأجنبية الكلاسيكية والعصرية، وتتركز فيه النخبة الممتازة لقدرات فن التمثيل المسرحي في أرمينيا.
  • قلعة ايريبوني (ارين- بيرت): هي أنقاض قلعة جبارة شيدت في القرن الثامن ق.م.، وقد جرى ترميمها كلياً عام 1968 بمناسبة الاحتفالات الرسمية لذكرى مرور 3750 سنة على تأسيس مدينة يريفان. وقد نقش الملك أرغيشتي الأول الأورارتي على لوحة حجرية كتابة مسمارية عن تاريخ تأسيس مدينة يريفان، ويمكن للزوار أن يقرءوا ترجمتها بمختلف اللغات، وقد جاء فيها قول الملك: “أنا أرغيشتي بن منوا، قد بنيت هذه القلعة الجبارة بقدرة الإله خالدي وأسميتها ايريبوني تخليدا لمجد بلاد بياينا وتهولا للبلاد المعادية”.
  • إتشميادزين وزفارتنوتس: من المعالم الأرمنية التاريخية التي تثير إعجاب واهتمام الزوار آثار معبد زفارتنوتس وكاتدرائية اتشميادزين. ويمكن الوصول إليهما من يريفان بيسر وسهولة، فالسيارة تقطع هذه المسافة في أقل من نصف ساعة. وتمر الطريق المعبدة الفسيحة عبر الكروم الياغية وبساتين الأشجار المثمرة والأماكن المأهولة العامرة في سهل آرارات الفتان. تعطي أطلال زفارتنوتس (والكلمة تعني بالأرمينية معبد الملكوت المرح) والمتحف الصغير التابع لها، فكرة جيدة عن المستوى الرفيع الذي بلغه الفن المعماري الأرمني في بداية القرون الوسطى. أما اتشميادزين فهي من أقدم الكنائس في العالم، وقد شيدت في أواسط القرن الرابع وعلى مقربة منها معابد هريبسيميه وغايانيه وشوغاكات وغيرها من صروح أوائل القرون الوسطى.
  • مجموعة الأنصاب التذكارية لمعركة سارداراباد: تقع في محافظة أرمافير ودشنت في عام 1968 تخليدا للذكرى الخمسينية لمعركة الشعب الأرمني المصيرية من أجل حريته وإستقلاله. وتقع هذه المجموعة التذكارية على رابية منبسطة تمكن المرء من التمتع بمشهد سهل آرارات الخصيب الشهير بخيراته الوفيرة وسلسلة الجبال المقابلة التي تمتد إلى الطرف الجنوبي الشرقي لتنتهي بجبل آرارات الشامخ.

توصف أرمينيا حقاً بأنها (متحف مكشوف تحت قبة السماء) ويقتنع المرء بذلك عندما يتجول في أنحاء البلاد ويتعرف، كما قلنا، على آثار الهندسية المعمارية العريقة في القدم والأصالة. إن رحلة شيقة إلى إنقاض قلعة كارني ومعبد كيغارت تستغرق بضع ساعات فقط، ولكنها تعود بفائدة معلوماتية كبيرة إلى هواة السياحية. إن الطريق جبلية ومنعطفاتها كثيرة، تتعاقب فيها مناظر الأقاليم الجبلية وشبه الصحراوية والمرتفعات المكسوة بالحجارة والحقول والبساتين المزروعة بالأشجار المثمرة التي يرعاها الفلاحون الأرمن.

  • يطل معبد الشمس في كارني (القرن الأول م) المبني على إحدى التلال المرتفعة على الاراضي والتحصينات المجاورة. ذلك المعبد الذي صمد على محن الزمن وعوادي الدهر أكثر من 16 قرناً وانهار إثر زلزال مدمر في سنة 1679. ولا تقل عنه أهمية قلعة كارني الحصينة وغيرها من صروح هذه المجموعة المعمارية الرائعة للعصور القديمة. على بعد زهاء 12 كم من كارني نجد آية أخرى من آيات الفن المعماري الأرمني في القرون الوسطى وهي ديركيغارت المنحوت في صخرة ضخمة تحت الجبل (القرنين الثاني عشر والثالث عشر) ومن الصعب، لدى النظر إلى هذه الصخور الوحشية أن يتصور المرء أنه في داخل هذه الكتل الجبارة المنطلقة نحو السماء توجد آثار فنية مذهلة برقتها وسحرها، تتثير الدهشة وإعجاب الزوار الوافدين على الدير من جميع أنحاء العالم.
  • إشتاراك – بيوراكان – هامبيرت: تقع هذه الأماكن على الطريق الرائع الجمال باتجاه أراكاتز، ويمر الطريق إليه عبر البساتين والكروم والمزارع الخضراء. وعلى بعد 22كم من يريفان يمر الضيوف عبر مدينة أشتاراك، وهي مشهورة أيضا بآثارها التاريخية العريقة. وعلى مقربة منها، في قرية أوشاكان، كما علمنا، يوجد ضريح ميسروب ماشتوتس (361 – 440 م) مخترع الأبجدية الأرمنية. وفي أيام الذكرى الـ1600 لميلاده أقيم هناك نصب تذكاري ووضعت لوحة حجرية تزخرفها الأبجدية الأرمنية التي استخدمها الشعب الأرمني زهاء 15 قرنا متوالية، ولا يزال يستفيد منها كلغة حية تدوم إلى الأبد. وعلى بعد 25 كم قرية أوشاكان يقع مرصد بيوراكان الفلفيزيائي ذو الشهرة العالمية الواسعة. وعلى بعد 10 كم من المرصد تشمخ آثار قلعة هامبيرت (القرون 11 – 13) وهي أروع الآثار المعمارية الوسطى وقد دمرت في القرن الثالث عشر، ولكن بقاياها وانقاضها لا تزال تثير الدهشة والإعجاب.
  • وبإمكان هواة السياحة القيام برحلات شيقة مثيرة على طريق يريفان- تفليس فيمتعون بصرهم برؤية مدينة آبوفيان والمركز العلاجي آرزني، ومدينة هرازدان ومصيف دزاغكادزور الجبلي الواقع في وسط الغابات، وبحيرة سيفان ومصيف ديليجان بمنتجعاته وأنقاض كنيسة هاغارتسين من القرون الوسطى أيضا. وعلى طول هذا الطريق يظهر للعيان تباين وتنوع الطبيعة في أرمينيا مما يأخذ بالألباب وبسحر العيون، فمن جبال صخرية شاهقة إلى وديان عميقة وغابات نضرة وملاو طويلة أشبه بالتواء الأفاعي.
  • بحيرة سيفان – (حسناء أرمينيا): تبعد عن يريفان حوالي 70 كم وترتفع أكثر من 1900 م فوق سطح البحر. وهي أكبر بحيرة في أرمينيا تثير الدهشة والاستغراب بمياهها النقية كالدموع والزرقاء زرقة السماء الصافية. وحوض سيفان غني بينابيع المياه المعدنية ذات الميزات الشفائية. وسيفان مشهورة بآثارها التاريخية من أنقاض القلاع القديمة وبقايا أماكن الاستيطان ونقوش مسمارية ورسوم منحوتة على الصخور منذ أقدم العصور وكذلك الأديرة من القرن 9 حتى 13 وما إلى ذلك. ولا تبعد عن سيفان مدينة ديليجان المصيف الجميل في وسط غابات الصنوبر الدائمة الخضرة الذي يستولي على القلوب لجمال مناظرة الطبيعية. وعلى مقربة من المدينة توجد في الجبال العلمية بحيرة أخرى صغيرة رائعة، وهي بحيرة بارز ليج وتعني بالأرمنية البحيرة الصافية. وفي نفس هذه الأماكن توجد آثار كنائس أرمنية قديمة مثل هاغارتسين وديرغوش وقد نجت إلى حد ما من عاديات الدهر وفتك الغزاة.
  • ومن ديليجان يتفرع طريقان معبدان أحدهما يؤدي إلى تفليس عاصمة جورجيا، والثاني ينعطف إلى اليسار، مارا بفانادزور، ثالثة مدن أرمينيا، ومنها إلى مدينة ستيبانافان، وهما أيضا من أجمل وأجود المصايف الصحية في جمهوريتنا. ولا تقل بهاء وروعة مدن أخرى ومراكز المناطق في أرمينيا، مثل غابان وكوريس والأهفيردي، حيث تزدحم الآثار التاريخية والمعالم الحضارية للشعب الأرمني العظيم.

من كتاب “جمهوريـة أرمينيـا (دليل ثقافي – سياحي)” ، إعداد وإشراف: الدكتور أرشاك بولاديان، البروفيسور في العلوم التاريخية، وسفير جمهورية أرمينيا لدى الجمهورية العربية السورية. صدر الكتاب عن وزارة الثقافة – دمشق، 2010.

Share This